د. عبد العزيز حسين الصويغ
د. عبد العزيز حسين الصويغ
كاتب وإعلامي سعودي

عُرس الديمقراطية؟!

آراء

الوضع الذي تعيشه العراق في عصر قالوا إنه يمثل نموذج الديمقراطية التي أرادتها الولايات المتحدة لمنطقتنا العربية يجعلنا نحمد الله على أن المدّ الديمقراطي وفق النموذج العراقي/ الأمريكي وقف عند حدود العراق ولم يتعدها إلى أبعد من ذلك. وأرجو ألا يقود هذا القول إلى الاعتقاد بأنني أقول بأن الوضع أفضل في بلدان عربية شتى ممن لم يصل إليها هذا النموذج الأمريكي في الديمقراطية، فـ”أحمد زيْ الحاج أحمد”.

***

اشتكى العراقيون من حكم صدام حسين واستبداده فاجتمع الشرق والغرب على قلب رجل واحد لإنقاذ العراق من حاكم مُستبد أحال العراق إلى أرض خصبة لإنتاج أسلحة الدمار الشامل والأسلحة الكيماوية التي جرّبها في شعبه قبل أن يستخدمها ضد أعدائه الخارجيين. وقد فرضت القوى الدولية حصاراً دوليا على نظام صدام حتى عام 2003 حيث احتلت القوات الأمريكية كامل الأراضي العراقية بحجة التخلص من أسلحة الدمار الشامل وعناصر تنظيم القاعدة التي تعمل من داخل العراق. وتم القبض على صدام حسين، ومحاكمته، وإعدامه.

***

تخلص العراق إذن من صدام وحكمه الدكتاتوري المستبد ليحل محله حكم ديمقراطي فصّلته أمريكا خصيصاً للعراق الجديد. وتخلّصت العراق من أسلحة الدمار الشامل التي كان يقال إنها كانت معدة للاستخدام ضد عدو خارجي، ليبقى محلها الدمار الشامل بأسلحة جديدة ذهب ضحيتها من العراقيين في حروب داخلية أعداد مهولة، لنجد أنفسنا اليوم أمام عراق جديد:
– في تكريت تدور معارك ضارية بين الجيش العراقي وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) تتواصل على المشارف الجنوبية للمدينة وفي محيط قاعدة كامب سبايكر في الشمال الغربي.

– وفي كركوك، تشن “داعش” هجوماً بقذائف الهاون على البيشمركة في جنوب المدينة، ترد عليها القوات الكردية بالمدفعية الثقيلة على مواقع المتطرفين.

– وفي سامراء هجوم بقذائف الهاون على مسجد الإمام العسكري تصيب بوابته بأضرار.

– وفي الحديثة مقاتلو “داعش” يشتبكون مع الجيش في محاولة للسيطرة على سد حديثة.

– وفي بعقوبة هناك تقارير عن قيام القوات الحكومية والمليشيات الشيعية بتنفيذ “إعدامات خارج نطاق القضاء” في حق أكثر من 40 معتقلاً من السنة.

– وفي العاصمة بغداد تظهر تقارير وزارة الداخلية أن عدد القتلى في يونيو بلغ 1873 قتيلا. الأمر الذي حرّك الولايات المتحدة لإصدار أوامر بإرسال 300 جندي إضافي إلى بغداد، ليصل مجموع القوات الأمريكية في العراق إلى 800 جندي.

***

وهكذا يعيش العراق في عرس ديمقراطي فريد من نوعه تتوج أخيراً بإعلان تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” (داعش) عن قيام “الخلافة الإسلامية” ومبايعة زعيمه أبوبكر البغدادي “خليفة للمسلمين”، الذي أعلن نيته الزحف نحو بغداد ومحافظتي كربلاء والنجف. ويا لها من ثمار تحصدها الديمقراطية في العراق، ويعد خليفة المسلمين بتوزيعها على بقية الدول الإسلامية بالعدل والقسطاس!!

* نافذة صغيرة:

(إن المشهد العراقي لا يبعث على التفاؤل، فالنظام الذي خلّفه الاحتلال من انقسامات داخلية عرقية وطائفية عميقة، وتدخل الجيران، والتعددية متعددة الأوجه، مع غياب الديمقراطية، قوّض عملية الاستقرار في العراق. وأصبح العراق على شفا جرفٍ هارٍ ما بين المركزية المطلقة للسلطة في يد ديكتاتور آخر قيد الصنع (المالكي)، والانغماس في حمأة حرب أهلية تقود إلى التقسيم). مارينا أوتاوي ودانيال قيسي (21 -3-2012).

المصدر: المدينة