إميل أمين
إميل أمين
كاتب مصري

أميركا والفضائيون… أسرار الصمت المدوي

الأحد ٢٢ ديسمبر ٢٠٢٤

«من الواضح أن الحرب العالمية المقبلة ليست حرباً نووية، ولكن حرب كائنات فضائية، وعلى الولايات المتحدة أن تخبر العالم ماذا يحدث؟». هكذا تحدّثت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، في إشارة إلى حالتي الذعر والهلع اللتين سادتا الولايات المتحدة الأميركية في الأسبوعين الماضيين، جراء ظهور عدد من الأجسام الفضائية في سماوات البلاد. لم تكن ميلوني وحدها من أثارت المشهد الفضائي الأميركي الأخير والمثير، فقد سبقها الرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي طالب إدارة بايدن بكشف حقيقة ما يحدث لعموم الأميركيين. ما الذي جرى على وجه التحديد؟ مؤكد أن الجواب الشافي سيظل في طي الكتمان، وهذه هي الخطورة التي يمكن أن تُعرّض العالم برمته لخطر ملاقاة المجهول، لا سيما في ظل حالة التناقض الجذري بين التصريحات الرسمية والوقائع على الأرض. أميركا الرسمية عبّر عنها جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، عبر شبكة «فوكس نيوز» بقوله: «تقييمنا في هذه المرحلة أن النشاط يعود إلى طائرات مسيّرة تجارية أو هاوية أو تابعة لأجهزة إنفاذ القانون، وكلها تعمل بشكل قانوني». هذا التصريح يبدو متناقضاً بشكل أساسي مع الأماكن التي ظهرت فيها تلك الأجسام، وبعضها في شكل مسيّرات كبيرة الحجم، تصل إلى حد هيكل سيارة صغيرة، ما يعني أنها لا تخضع لمقاييس المسيّرات التي يتحدث عنها كيربي بالمرة. تركيز تلك الأجسام جرى في…

الغنوشي… الإرهاب لا يفيد

الإثنين ٠٢ أغسطس ٢٠٢١

... وكأننا في فيلم مكرور، تعاد لقطاته على الشاشة مرة جديدة، جماعة أحادية التوجه الذهني، دوغمائية تؤمن بامتلاك الحقيقة المطلقة، توقف عقلها عن الإبداع، وتوارت لعقود وراء الأقنعة الإيمانية، وليتها كانت إيمانيات تستنقذ البشر من لُجّة الهاوية، بل خيوط ضبابية، وخطوط ماورائية، تنكشف فقط للذين لديهم علم من كتاب. في حواره مع صحيفة «كوريرى ديلا سيرا» الإيطالية، نهار الجمعة الماضي، كان راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» التونسية، ذات التوجه الإخواني، ينذر ويحذّر من انتشار العنف في الداخل التونسي، إذا لم يتراجع الرئيس قيس بن سعيد عن قراراته الأخيرة. ولأن إيطاليا الجار الأقرب، فقد عمد الغنوشي إلى تفعيل منظومة التهديد والوعيد، والتي تحمل رؤية لهجرة غير شرعية قد تصل إلى مئات الآلاف من المهاجرين غير القانونيين، الذين سيطرقون أبواب إيطاليا الجنوبية. حديث الغنوشي من غير مواراة أو مداراة، هو عين خطاب جماعة «الإخوان» في مصر قبل نحو ثماني سنوات، من غير تبديل ولا تعديل، الأمر الذي يجعلنا نقطع بأن حركة «النهضة» ليست إلا الامتداد الطبيعي، وربما الحلقة الوحيدة الباقية من التنظيم الدولي لـ«الإخوان» حول العالم، هذا من جهة. من جهة أخرى يتبدى للتونسيين خاصة، وللعالم عامة، من كان يقف وراء الإرهاب الذي ضرب تونس طوال عقد من الزمن، ومن كان يقود عمليات الاغتيال السياسي وتصفية الخصوم، الذين تساقطوا واحداً وراء الآخر.…

سد إثيوبيا… ما بعد مجلس الأمن

السبت ١٠ يوليو ٢٠٢١

تابع العالم جلسة مجلس الأمن التي عقدت مساء الخميس الماضي حول إشكالية سد إثيوبيا، في محاولة لدرء الخطر الداهم، الذي يتهدد مصر والسودان من جراء التعنت الإثيوبي الماضي قدماً، والإصرار على الملء الثاني وما يليه، من غير تنسيق مع دولتي المصب، وبات التساؤل ماذا بعد تلك الجلسة وإلى أين تمضي الأحداث؟ باختصار غير مخل، يمكننا القطع بأن الجلسة لم تخرج في محصلتها النهائية عن التوصية بتعزيز العملية التفاوضية في أسرع وقت، وتحت رعاية الاتحاد الأفريقي وبمساعدة من الاتحاد الأوروبي وجهات أخرى مثل الأمم المتحدة. المزيد من المفاوضات بعد نحو عشر سنوات من التلاعب والمراوغة من الجانب الإثيوبي، وتسويف الوقت، يعني مد حبل النجاة لإثيوبيا كي تغير الوضع القائم لنهر النيل منذ مئات السنين، إلى وضع قادم يتفق والصلف والغطرسة التي تبدت في كل مواقف أديس أبابا طوال عقد من الزمن. لم تكن الحقائق تغيب عن أعضاء مجلس الأمن، وفي المقدمة منها أن الهدف الرئيسي من وراء هذا السد ليس التنمية، بقدر حصار مصر والسودان، وتعريض حياة نحو مائة وخمسين مليون إنسان للخطر الداهم، وهو أمر تدركه جيداً دولتا المصب، وتتحسبان له منذ زمان وزمانين، ومن غير التعويل على مجتمع دولي مصاب في معظمه بحالة من البراغماتية، التي لا تقيم وزناً إلا لمصالحها بالمنظور الضيق. يدرك القاصي والداني أن إثيوبيا كان…

الملك سلمان حجر زاوية الخليج المكين

السبت ٠٩ يناير ٢٠٢١

عبر عقود طوال وحتى قبل أن يصبحَ أميراً للرياض، عُرف سلمان بن عبد العزيز بأنَّه رجل العروبة الصادق في مواقفه، والأمين على مبادئ الوحدة والاتحاد، ولعلَّ صورته متطوعاً مع إخوانه الأمراء عام 1956 أيام العدوان الثلاثي على مصر، تؤكد أنَّنا أمام حقيقة مؤكدة، وهي فكره الذي يوفِّق ولا يفرِّق، وتفكيره بعزم وعمله بحزم في إطار رفعة الأمة العربية ودرء المخاطر عنها. جاءت قمة العلا الأخيرة لتؤكد سيرة ومسيرة خادم الحرمين في عقول الشباب والأجيال الصاعدة ونفوسهم، لا سيما تلك التي لم تعش أمجاداً عربية غابرة، وقفت فيها المملكة وقفات عز على دروب الحياة ومنعرجاتها المتباينة. أظهرت القمة أنَّنا أمام عروبي أصيل يضع صالح ومصالح مواطني الخليج العربي، كذا بقية الأشقاء في المنطقة في أعلى سلم أولوياته، الأمر الذي يمهد الطريق للتجاوز عن الأخطاء، وتعبيد الطرق لاستمرار واحدة من أهم منظومات التعاون في الخليج العربي، ونعني بها مجلس التعاون، ويضع نجاحاته المستقبلية نصبَ عينيه. ولعلَّ الذين لديهم علمٌ من كتاب تاريخ الملك سلمان يدركون أنَّهم أمام رجل اختارته الأقدار في توقيت حساس وحرج تتغير فيه رياح جيوبولتيك العالم برمته، ومنطقة الخليج في سويداء القلب من تلك التعديلات والتبدلات، ولهذا فإنَّها كانت في أمسّ الحاجة إلى قائد يوفّق ولا يفرّق، ويشرح ولا يجرح، رجل يجمع بين أصالة التاريخ وحداثة الرؤية المعاصرة، مع…

العالم واصطفاف قطبي جديد

السبت ١٢ ديسمبر ٢٠٢٠

على بعد بضعة أسابيع من رئاسة أميركية جديدة، يبدو العالم في طريقه إلى اصطفاف قطبي جديد، ربما أكثر خطورة مما جرت به المقادير في زمن الحرب الباردة. القطبية الجديدة تخرج هذه المرة روسيا الاتحادية من سياقاتها، وتظهر جلياً أنها قائمة وقادمة بين واشنطن وبكين، وفي حين تتعرض الأولى لأكلاف فرط الامتداد الإمبراطوري، تتمدد الثانية ككل القوى العظمى في مرحلة النشأة والولادة. أدركت الصين الدرس الذي دفع الاتحاد السوفياتي ثمنه غالياً، فقد بدا في عيون العالم كأنه عملاق، وقد كان ذلك صحيحاً مظهراً، في حين أنه، مخبراً، ارتكز على قدمين من فخار، ولهذا حين هبت الرياح سقط، وكان سقوطه مدوياً. يمضي الاصطفاف القطبي في مساقين؛ اقتصادي من جهة، وعسكري استخباري من جهة تالية، وبينهما درجات متعددة من أطر المنافسة على ملء مربعات النفوذ عالمياً. في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفيما كانت الولايات المتحدة منقسمة روحها في داخلها، وكان نسيجها المجتمي متشظيّاً من جراء الانتخابات الرئاسية الأخيرة، التي تركت جروحاً غائرة في جسد الديمقراطية الأميركية، كانت الصين تسارع الخطى في درب بلورة كيان جغرافي يشمل شرق آسيا بوصفه «إقطاعية» خاصة. في ذلك التوقيت وقعت 15 دولة في آسيا والمحيط الهادئ، بينها أستراليا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية، اتفاقية تجارة حرة تحمل اسم «الشراكة الاقتصادية الشاملة». الاتفاقية التي باتت الصين رأس حربتها تضم قرابة…

أميركا.. تحولات ‬عسكرية ‬إستراتيجية

السبت ٢٩ أغسطس ٢٠٢٠

ما‎ ‬الذي ‬يحدث ‬على ‬صعيد ‬الاستراتيجية ‬العسكرية ‬الأميركية ‬في ‬أوروبا ‬الغربية، ‬وهل ‬ما ‬تجري ‬به ‬الأقدار ‬هناك ‬له ‬علاقة ‬بمستقبل ‬حلف ‬«الناتو»، ‬والصراع ‬القديم ‬مع ‬الاتحاد ‬السوفييتي ‬سابقاً، ‬وروسيا ‬الاتحادية ‬حالياً ‬على ‬وجه ‬خاص؟ مع‎ ‬أواخر ‬يوليو الماضي ‬كان ‬الجيش ‬الأميركي ‬يعلن ‬أنه ‬سينقل ‬مقره ‬الأوروبي ‬من ‬شتوتغارت ‬بألمانيا ‬إلى ‬بلجيكا، ‬وكان ‬الرئيس ‬ترامب ‬قد ‬أعلن ‬في ‬يونيو الماضي ‬أنه ‬خطط ‬لخفض ‬عدد ‬القوات ‬الأميركية ‬في ‬ألمانيا ‬إلى ‬25 ‬ألف ‬جندي، ‬ما ‬يعني ‬سحب ‬نحو ‬12 ‬ألف ‬جندي ‬أميركي ‬من ‬ألمانيا؟ والشاهد‎ ‬أن ‬الناظر ‬للتحركات ‬العسكرية ‬الأميركية ‬الأخيرة، ‬يكاد ‬يوقن ‬بأن ‬ما ‬يحدث ‬من ‬إعادة ‬تموضع ‬وانتشار ‬هو ‬قرار ‬الجنرالات، ‬وليس ‬قرار ‬ترامب، ‬ما ‬يعني ‬أن ‬الدولة ‬الأميركية ‬العميقة، ‬وبقيادة ‬من ‬المجمع ‬الصناعي ‬العسكري ‬الأميركي، ‬هي ‬الفاعلة ‬والناجزة ‬في ‬كل ‬الأحوال ‬في ‬الامبراطورية ‬الأميركية ‬المنفلتة. ‎ ‬على ‬أن ‬ترامب ‬أوجد ‬بلا ‬شك ‬من ‬خلال ‬رؤيته ‬لأحوال «‬الناتو» ‬مساحة ‬عريضة ‬لهذا ‬المجمع ‬لان ‬يتوسع ‬ويتمدد، ‬فساكن ‬البيت ‬الأبيض ‬يرى ‬أنه ‬لا ‬توجد ‬عدالة ‬في ‬توزيع ‬نفقات ‬«الناتو»، ‬وأن ‬أوروبا ‬تتمتع ‬بالحماية ‬الأميركية ‬من ‬غير ‬أعباء ‬ومشاركات ‬مالية ‬مقابلة، ‬وقد ‬انتقد ‬ألمانيا ‬بنوع ‬خاص ‬على ‬عدم ‬التزامها ‬بالمستويات ‬المستهدفة ‬للإنفاق ‬الدفاعي ‬التي ‬حددها ‬حلف ‬شمال ‬الأطلسي ‬واتهمها ‬باستغلال ‬الولايات ‬المتحدة ‬في ‬التجارة. على‎ ‬أن ‬الذين ‬استمعوا ‬إلى ‬تصريحات ‬وزير ‬الدفاع ‬الأميركي «‬مارك…

كورونا.. فرصة للجسور بين البشر

الأحد ١٥ مارس ٢٠٢٠

وقت كتابة هذه السطور كانت أزمة فيروس كورونا الذي ازعج العالم أيما إزعاج لا تزال قائمة، ومع ظهور السطور للنور ربما تكون الأزمة قد استفحلت بزيادة أعداد المصابين حول العالم، وقد تكون المعجزة في طريقها إلى الحل عبر اكتشاف الأمصال اللازمة لمواجهة الوباء الأشد هولاً منذ وباء الكوليرا الذي ضرب البشرية في أوائل القرن العشرين. والشاهد أنه مهما يكن من شأن قادم الأيام، فإن فكرة الأزمة التي تعيشها البشرية اليوم، قد ذكرت الجميع باللغة الصينية، وربما هذا من مصادفات القدر الغريبة، حيث إن الإشكالية نشأت في الصين أول الأمر، ثم انتقلت تالياً إلى بقية بقاع وأصقاع الدنيا. في اللغة الصينية التي ترسم بالأشكال، تعني كلمة الأزمة (فرصة أو خطر)، وعلى المرء أن يختار ما الذي يريده لنفسه، وهل يفضل البقاء في دائرة الخطر المهلك، أم أن يسعى عبر الفرصة المتاحة لاستغلال المشهد، بمعنى أن يفعل ما يستطيع ليقلص الخسائر ويعظم المنافع والأرباح. ما رأيناه في الصين مثير حقاً، إذ لم يذهب الصينيون في طريق البكائيات، ومعلقات الرثاء، وقد تركوا عنهم النواح واللوعة، ومضوا في طريق التحدي، عبر بناء مستشفيات عملاقة في أيام معدودات، واستنفار الجهود الذاتية لمواجهة الخطب الجلل، وتوفير وسائل الإعاشة للمناطق المصابة مثل محافظة «ووهان» رغم ملايينها العديدة. نظر الصينيون إلى أزمة كورونا نظرة مثيرة تبدأ من عند…

مجلس دول البحر الأحمر… السعودية ورؤية تقدمية

الإثنين ٢٠ يناير ٢٠٢٠

وسط زخم الأحداث وتتابع التطورات المثيرة في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج العربي، جاءت فكرة تشكيل مجلس للدول المطلّة على البحر الأحمر بمبادرة من المملكة العربية السعودية في الوقت القيم، حيث بات أمن ذلك البحر الواسع مسألة آنية تفرضها ظروف المواجهات الإقليمية والدولية، وبنوع خاص بعد الصراع الذي احتدم ما بين واشنطن وطهران. كثيرة هي التهديدات التي تتعرض لها هذه البحيرة العربية الأفريقية، التي تجاوزت الحضور الأممي للدول الكبرى، مثل أميركا وروسيا والصين عطفاً على الدول الأوروبية، إلى كيانات إقليمية لا تحمل الخير تاريخياً للعالم العربي، وفي المقدمة منها تركيا وإيران، وبات البحر الأحمر من جنوبه إلى شماله محط أطماع القاصي والداني. أفعل وأفضل ما في طرح مجلس دول البحر الأحمر وخليج عدن أنه طرح ذاتي ورؤية عربية تقودها المملكة لمواجهة نوازل الوقت الحاضر، ولهذا أخذ سريعاً مباركة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لا سيما أنها تخدم مستقبل المنطقة واستراتيجية الحضور العربي في مواجهة ومجابهة أطماع لم يعد أصحابها يوارون أو يدارون أهدافهم غير المشروعة في الحل والترحال. التفكير التقدمي للمملكة في هذا الإطار أفضل مَن عبّر عنه الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، الذي أشار إلى أن المملكة «تأمل في عدم التصعيد أكثر في المنطقة في هذا الوقت العصيب»، لكنه وفي الوقت ذاته كان يشير إلى…

فرنسيس وغوتيريس.. والسلام كمسيرة للرجاء

السبت ٢٨ ديسمبر ٢٠١٩

هل يمكن القول إن 2019 كان عاماً مبشراً بالسلام للخليقة كلها وربما خلافاً لسنوات وربما عقود سابقة؟ وجاءت وثيقة الأخوّة الإنسانية التي وقعت برعاية الإمارات العربية المتحدة، وعلى أرضها في فبراير الماضي لتوجه دفة الإنسانية في مسارات ومساقات مغايرة لعالم الخصام والكراهية الذي تئن منه البشرية الآن. لم يكن الحدث اعتيادياً انطلاقاً من رغبة قلبية صادقة عند رجلين طيبين في زمن صعب، البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وكأني بهما يعيدان سيرة زمانية وحدثاً تاريخياً مضى عليه ثمانية قرون، حين التقى على أرض دمياط في بر مصر المحروسة فرنسيس الإسيزي المتصوف الإيطالي الأشهر، مع الملك الكامل سلطان مصر، ومن يومها انطلقت في الآفاق دعوة للحوار لا يزال صداها يتردد في قلوب وعقول اتباع الأديان، من أجل عالم أكثر سلام وطمأنينة. لم تكن وثيقة الأخوة الإنسانية حدثاً بروتوكوليا، بل إيمان صادق بأن الخيرين قادرون على تغيير العالم، ولهذا لا ينفك فرنسيس يتحدث عن الوثيقة بل ويركز على محتواها النبيل. قبل بضعة أيام وجه فرنسيس وبالشراكة مع الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس، رسالة مصورة مشتركة على عتبات العام الجديد يحضان فيها البشرية من أدناها إلى أقصاها على التسامح الديني وحماية البيئة، وذلك عقب لقاءهما في حاضرة الفاتيكان. خلال اللقاء قدم البابا فرنسيس نسخة من الوثيقة…

إيران… الهروب إلى الأمام لا يفيد

السبت ٢٢ يونيو ٢٠١٩

أفرزت عملية الاعتداء الصاروخي الإيراني على الطائرة المسيرة الأميركية في مضيق هرمز علامة استفهام كبيرة وخطيرة حول هروب الملالي إلى الأمام، في شكل من أشكال اليأس الاستراتيجي أو الخيار الشمشوني، أي محاولة هدم المعبدين الإقليمي والدولي على رؤوس الجميع. لماذا تسعى إيران هذا المسعى؟ وهل سيفيدها في خاتمة المطاف، أم أن الأمر سيتعقد بصورة أشد وأقسى، وستجد وجهها إلى الحائط عما قليل؟ المؤكد أن فلسفة الرئيس ترمب وإدارته تقوم على إحداث أكبر حملة من الضغوطات التي تدفع إيران لطاولة المفاوضات، وقد كانت هذه هي رؤية مجمع الاستخبارات الأميركي، الذي قدّر أن هذا المسلك هو الطريق الأنفع والأرفع لإقناع طهران بالتفاوض على صفقة جديدة، مغايرة لتلك سيئة السمعة، التي وقّعها باراك أوباما، وقادت إلى المأزق الحالي، قبل أن ينسحب الرئيس ترمب منها. أدرك الإيرانيون أن الأميركيين لا يتطلعون إلى الحرب أو المواجهات العسكرية، وأن خطتهم هذه المرة هي خنق إيران من الداخل، ما يجعل نظام الملالي يموت موتاً بطيئاً، أمام أعين شعبه، وهذا الأخير بدا وكأنه ينتفض انتفاضة كارثية تذهب باستحقاقات الثورة الإيرانية مرة واحدة وإلى الأبد. يخطئ من يظن أن العقوبات الاقتصادية الأميركية لم تؤت أُكُلها، إذ إنها أحدثت شرخاً كبيراً يتعمق ويتوسع كل يوم، ولا سيما بعد أن كشفت وكالة الطاقة الدولية تراجع إنتاج النفط لنحو 210 آلاف برميل…

إيران… وسقوط حكم المرشد

الإثنين ٠٦ أغسطس ٢٠١٨

مثير جداً شأن التاريخ، ذلك أنه وإنْ كانت أحداثه لا تتكرر حرفياً إلا أنها تتشابه ولا شك عبر الأزمنة والعصور، ولعل أصوات الجماهير الإيرانية التي خرجت في مدينة قُم الإيرانية في الساعات الأخيرة تطالب المرشد الإيراني على خامنئي بأن يتنحى، لم تكن إلا رجع صدى لا يتلكأ ولا يتأخر لما هتفت به الجماهير المصرية في يونيو (حزيران) 2013 عندما طالبت بسقوط حكم مرشد الإخوان المسلمين، ويبدو أن هذا هو مصير الأنظمة الثيولوجية، سواء كان ذلك في أوروبا القرون الوسطى أو في الشرق الأوسط. خلال ساعات قليلة يبدأ نظام الملالي مواجهة المرحلة الأولى من العقوبات الاقتصادية الأميركية، وخلال ثلاثة أشهر سوف ينقطع الحبل السُّري المصرفي والبنكي الذي ملأ جيوب الملالي طوال أربعة عقود، وقتّر على الإيرانيين تقتيراً كبيراً، ما جعل الجماهير تكفر بكل الشعارات التي روّجتها ثورة الخميني منذ عام 1979 وحتى الساعة. المشهد الأميركي يكاد يصيب إيران في مقتل من دون إطلاق رصاصة واحدة، إذ باتوا غير قادرين على معرفة النيات الحقيقية للرئيس ترمب وفي أي مسلك يمضي، فهل هو يعد خطة لتغيير النظام الإيراني دفعة واحدة كما أوصت من قبل مجموعة الدراسات الأمنية التابعة لمجلس الأمن القومي، أم تتطلع إدارة الرئيس الأميركي إلى أن يغير النظام من توجهاته في الداخل والخارج كما يشير إلى ذلك جيمس ماتيس وزير الدفاع…

المرأة السعودية… طريق التنوير والاستنارة

الإثنين ٢٥ يونيو ٢٠١٨

احتفلت السعودية أمس ببدء مرحلة جديدة للمرأة بقيادة السيارات، في ملمح وملمس يعكس رغبة حقيقية في السير نحو استعادة ما كان للمرأة من مكانة في صدر الإسلام، بأكثر من القول والسعي نحو التنوير والاستنارة، ذلك أن غالبية العالم العربي يمكن أن يقال عنه إنه في الماضي كان له مستقبل، وهو البقعة الجغرافية التي تكاد تكون الوحيدة حول الكرة الأرضية التي إذا عادت إلى قرون سابقة لربما كان واقعها أفضل مما هو حالها الآن. مهما يكن من أمر النقاش الفلسفي المتقدم، فإن الواقع يشير إلى وجود رغبة حقيقية في تطوير الذات وبلورة حقيقية للمحتوى الحضاري للإسلام والمسلمين في أعين العالم برمته. والشاهد أنه ليس سراً أن كثيراً من الفقهاء والعلماء المسلمين، عطفاً على أعداد كبيرة من المستشرقين قد تناولوا قضايا المرأة المسلمة، وكتبوا فيها كتابات مطولة واختلفوا اختلافاً كبيراً في كثير من الأمور المتعلقة بحقوق المرأة، مما جعل المتربصين بالإسلام والمسلمين يتخذون من تناقض الآراء حول المرأة المسلمة ذريعة ينتقدون من خلالها الدين والمؤمنين، ويتهمون الرجال بأنهم يعتبرون المرأة مخلوقاً ناقصاً لا يتساوى مع الرجال في الحقوق، ومن ثم، وطبقاً لما رسخ في أذهان الغرب بنوع خاص، فإن المسلمين لا يطبقون المساواة بين الرجل والمرأة ولا يطبقون الميثاق العالمي لحقوق الإنسان. حكماً للمرء الباحث في جذور الإسلام الحنيف أن يجد الوضع…