خلف الحربي
خلف الحربي
كاتب سعودي

بين الأربش والانتحاري !

الأحد ٣١ مايو ٢٠١٥

كانت لحظة حاسمة.. تلك التي التحم بها الشهيد عبدالجليل الأربش بالانتحاري الذي كان يرتدي عباءة نسائية وينوي تفجير مسجد العنود في الدمام.. لحظة بحسابات الزمن لا تتعدى ثواني معدودات، ولكنها بحسابات التاريخ سوف تظل خالدة في ضمير الوطن، إنها لحظة المواجهة بين المسلم الحقيقي الذي يضحي بحياته من أجل منع الأذى عن الآخرين، وبين مدعي الإسلام الذي يفجر جسده كي يدمر المساجد ويقتل المصلين، مواجهة بين المواطن النبيل الذي يقدم روحه فداء لوحدة بلاده، وبين المواطن المجرم الذي يموت من أجل أن يمزق بلاده. شاب في مقتبل العمر عاد من دراسته الجامعية في الولايات المتحدة ذهب إلى المسجد ليصلي وهو يرتدي أجمل ثيابه، وشاب لم يدرس إلا في كهوف الظلام ذهب إلى المسجد ليفجره وهو يرتدي عباءة نسائية، إذا لم تستطع أن ترى الفارق العظيم بين الشابين لمجرد الاختلاف المذهبي، فأنت ــ بالتأكيد ــ ترتدي عباءة الانتحاري المخجلة حتى لو لم تكن ترتدي حزامه الناسف!. بمقاييس الدين، الأربش ذهب إلى المسجد ليصلي الجمعة، بينما الانتحاري ذهب إلى المسجد ليفجره ولم يفكر إطلاقا بصلاة الجمعة. وبمقاييس الإنسانية، الأربش ساهم في الحفاظ على أرواح البشر ودفع حياته ثمنا لذلك، والانتحاري لم يتردد في قتل نفسه من أجل أن يموت أكبر عدد من البشر. بمقاييس الوطن، الأربش عاد لينفع مجتمعه بعلمه، بينما الانتحاري…

كما تسير الخراف إلى المسلخ !

الأحد ٣١ مايو ٢٠١٥

قبل الربيع العربي وفوضاه الخلاقة بسنوات، ومع بداية الصراعات الطائفية الدامية في دول الجوار وبعدها، كتبنا هنا عن المخطط المرسوم والمعلن لتقسيم العالم العربي وتحويله إلى كيانات عشوائية متوحشة تتقاسمها المليشيات الإرهابية السنية والشيعية تبرز من خلالها الحاجة الدولية لهيمنة إسرائيل على هذه المنطقة من الفرات إلى النيل، بعد انهيار الدول العربية الكبيرة وغرق شعوبها في بحر الدماء.   لم نكن عباقرة ولا منجمين ولا نعلم ما لا يعلمه غيرنا، بل اعتمدنا على ما تعلنه وتكرر إعلانه مراكز الدراسات والبحوث في الولايات المتحدة وإسرائيل، ربما لفرط ثقتهم في حالة الغباء التي تسيطر علينا لم يجعلوا هذه المخططات سرية، بل أعلنوها على الملأ وهم واثقون بأن العرب سوف يسيرون إلى خرابهم مثلما تسير الخراف إلى المسلخ!.   اليوم قطع المخطط شوطا كبيرا جدا، فالعراق أصبح عمليا ثلاث دول لا علاقة لها ببعضها البعض، دويلة شيعية تتحكم فيها إيران في الجنوب، ودويلة سنية تحتلها داعش في الوسط، ودويلة كردية مستقلة لا شأن لها بكل ما يحدث في العراق، وسوريا الدولة العربية الكبيرة الثانية من المستبعد جدا أن تعود موحدة كما كانت، وكذلك الحال في اليمن التي دخلت فعليا في دوامة انهيار الدولة والصراعات الطائفية، وبينما دخلت ليبيا في مخطط التقسيم القبلي لا الطائفي تعيش مصر المحروسة أيامها ولياليها على حافة الخطر.  …

دعوة إيرانية لمحاورة الحزم

الأربعاء ٠١ أبريل ٢٠١٥

دعت إيران أمس إلى حوار هادئ بين مختلف الأطراف في اليمن وأكدت أن الرياض وطهران قادرتان على الوصول إلى حل بخصوص الأزمة اليمنية، هذه اللغة الدبلوماسية (العقلانية) الإيرانية ما كان لها أن تكون لولا تغير الموازين في اليمن بعد عملية عاصفة الحزم، فقبل فترة وجيزة كان الإيرانيون يتباهون بأن العاصمة العربية الرابعة سقطت في أيديهم ويروجون بأنهم أصبحوا أسياد الخليج والبحر الأحمر.   كان من المتوقع أن تستخدم إيران حلفاءها اليمنيين كورقة تفاوض مع السعودية وحلفائها العرب مثلما استخدمت إيران من قبل حلفاءها اللبنانيين كورقة تفاوض مع أمريكا والغرب وإسرائيل، لم يحدث في كل صراعات المنطقة أن تدخلت إيران بقوات عسكرية في الدول العربية التي كانت سببا أساسيا في خرابها، فهي ترسل المستشارين وضباط المخابرات وتحارب أهل البلد بأهل البلد وتحرق بيوت العرب بأياد عربية، ولو اختارت إيران طريقا آخر غير طريق الحوار في اليمن فإنها لن ترسل أبناءها إلى المعركة بل سيتكفل بهذه المهمة أبناء لبنان المنتمون إلى حزب الله وأبناء العراق المنتمون إلى عصائب الحق وكتائب أبو الفضل العباس وغيرها من التشكيلات التي زرعتها في العالم العربي وكان تشكيل الحوثيين واحدا من أهمها من الناحية الاستراتيجية لولا القرار العربي بالقضاء عليه إنقاذا لليمن الشقيق وحماية للأمن القومي العربي.   على أية حال دعوة إيران للحوار والتعاون مع الرياض…

ترانزيت خليجي في الدوحة!

السبت ١٣ ديسمبر ٢٠١٤

أهم إنجاز في قمة الدوحة أنها عقدت!، فقد كان في انعقادها دليل عملي على احتواء أكبر أزمة سياسية ودبلوماسية داخلية في تاريخ مجلس التعاون، لقد اقترب الخلاف الخليجي - الخليجي خلال الأشهر القليلة الماضية من نقطة اللاعودة، ولكن في نهاية الأمر لم يصح إلا الصحيح فنحن إخوة وأبناء عمومة وجيران ومصلحتنا تكمن في بقائنا صفا واحدا في مواجهة الرياح العاتية التي عصفت بعالمنا العربي وأعادت أقوى الدول فيه ألف عام إلى الوراء.   خلال سنتين فقط انتقل مجلس التعاون من حالة الدعوة إلى الاتحاد بين دوله إلى حالة الخلاف العاصف بين أعضائه الذي كاد أن يهدد حتى بقاءه كما هو عليه الآن.. فهل تتخيلون حجم المسافة؟، لذلك يكون مجرد عقد القمة الخليجية في الدوحة إنجازا لا يمكن إغفاله، صحيح أن المصالحة الخليجية قد تمت في الرياض برعاية حكيمة من خادم الحرمين الشريفين وبعد جهود مشهودة من سمو أمير الكويت ولكن عقد قمة الدوحة في موعدها هو الدليل العملي على أن مجلس التعاون انتقل من حالة التخاصم والتنافر إلى حالة التكاتف والتلاحم.. كان لا بد من هذا الترانزيت لتحقيق هذه الانتقالة.. حتى لو لم يتجاوز وقت القمة بضع ساعات.   المهم اليوم أن نضع الخلاف الخليجي خلف ظهورنا ولا نلتفت إليه بين فترة وأخرى كي لا يعيق تقدمنا، ولكن هذا لا…

سيلفي مع عبدالرحمن الراشد

الإثنين ٢٤ نوفمبر ٢٠١٤

لا شك أن استقالة الزميل عبدالرحمن الراشد من منصبه كمدير عام لقناة العربية تشكل خسارة مؤثرة للمحطة الإخبارية التلفزيونية التي تسيدت المشهد الإعلامي العربي في سنوات قليلة، قدم عبدالرحمن الراشد للعربية خلاصة خبرته كصحفي لامع، وكان النجاح حليفه طبعا؛ لأنه صحفي ماهر وذكي وموضوعي وصبور ومتواصل مع كل جديد، وما هو أهم من ذلك هو خبرته في التعامل مع العقد المفاجئة التي تظهر هكذا دون مقدمات لتقلب الموازين رأسا على عقب.   بمغادرة عبدالرحمن الراشد لمكتبه في قناة العربية تكون الصحافة التلفزيونية خسرت صحفيا فذا لا تتوفر منه نسخة ثانية، أمثال عبدالرحمن الراشد لا يمكن العثور عليهم بسهولة.. لذلك تكون لحظات خروجهم من هذه الوسيلة الإعلامية أو تلك لافتة للنظر، ولا أظن صحفيا سعوديا قد واجه موجات الهجوم الممنهجة مثلما حدث لعبدالرحمن الراشد، الذي كان ينظر ببرود شديد إلى هذا السيل الجارف من الاتهامات المجانية والشتائم القبيحة، الطريف أن الهجوم كان يأتي من أطراف متناحرة لا يمكن أن تتفق على شيء في هذه الدنيا إلا على بغضها له ولطريقته في إدارة القناة، ولكنه لم يكن يكترث.. أو أنه يكترث في بعض الأحيان، ولكنه لا يسمح لاكتراثه هذا بأن يغير في طريقة قياسه للأمور.. كانت التهم التي يرشقها به خصومه عديدة ومتنوعة وبعضها يفوق الخيال.. وبالطبع لو لم يكن أداء عبدالرحمن…

عظم الله أجر الوطن

الأربعاء ٠٥ نوفمبر ٢٠١٤

عظم الله أجركم جميعا وعظم أجر الوطن في دماء إخوتنا وأبنائنا الذين سالت دماؤهم البريئة غدرا في الأحساء، ونسأل الله أن يرحم الموتى ويشفي المصابين ويلهم عائلاتهم الصبر على مصيبتهم، وبإذن الله لن يفلت مرتكبو هذه الجريمة النكراء من قبضة العدالة بعد أن أطلقوا النار على صدر الوطن من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه. ** رصاص الإرهابيين اختار لجريمته توقيتا لئيما يستحي من استغلاله حتى الشيطان.. ذكرى عاشوراء أقذر توقيت يمكن اختياره لإشعال الفتنة.. ولكن نحمد الله أن الرصاصات الخائنة اختارت المكان الخطأ.. ففي الأحساء نخلة تسامحنا وتعايشنا وتآخينا.. وقد أصبح تنوعهم جزءا من ثقافتهم لذا هم ليسوا بحاجة لنصائح عن التسامح والقبول بالآخر.. بل هم مدرسة في هذه القيم منذ قديم الأزل. ** الخطر ليس في المكان بل في اللامكان.. حيث التحريض العلني والإشاعات التي تتسلل من فتحات النوافذ الرقمية.. البضاعة الطائفية البغيضة أصبحت رائجة اليوم في كل الأسواق.. نحن الباعة والمشترون في ذات الوقت.. نحن الذين يمكن أن نبيع الجهل والتعصب ونشتري التسامح والرخاء ونحن الذين يمكن أن نفعل العكس لا قدر الله.. والعاقل من اتعظ بغيره!. ** الموقف الوطني والإنساني ضد الإرهاب والطائفية الذي يجب أن يقفه أي مواطن أكبر من تلخيصه في شعار براق في شال كتب عليه (لا للإرهاب والطائفية).. وهو أيضا أبعد…

نقاشات أمة يتجاوزها الزمن!

الأربعاء ٢٩ أكتوبر ٢٠١٤

ظهرت أخبار حول إمكانية الترخيص لدور العرض السينمائية في البلاد ولكن ذلك لا يعني أن دور السينما سوف تصبح أمرا واقعا في بلادنا لعدة أسباب أهمها أن صوت العقل والمنطق لا قيمة له أمام سطوة العناد الأجوف فمهما حاولت أن توضح بأن الأفلام الخاضعة للرقابة التي تعرض عبر دور السينما أفضل من الأفلام غير المراقبة التي تعرض عبر القنوات التلفزيونية المشفرة وغير المشفرة أو عبر الإنترنت فإن ذلك لا يعني شيئا لقوى العناد والتغطرس التي ترى في الاحتكام إلى المنطق انتصارا لخصومها الوهميين معتمدة في غطرستها هذه على رأي قطاع عريض من المجتمع سوف يردد عبارته السلبية المأثورة: (وهل انتهت مشاكلنا كي نناقش مسألة السينما؟)، ما هو الحل في هذه الحالة؟، الحل هو أن يتدخل العالم المتقدم دون قصد ويبتكر اختراعا تكنولوجيا يجعل دور السينما من التراث بحيث يتمكن الناس من مشاهدة السينما بصورة فردية أو جماعية دون حاجة للمتغطرسين تماما مثلما انعدمت الحاجة لمحلات الفيديو التي أحرقها المتشددون في يوم من الأيام.العالم اليوم يسعى للتخلص من مهنة الكاشير في السوبر ماركت بعد تطوير تقنيات ما يمكن تسميته بـ(الكاشير الآلي) التي يجرد البضائع التي يرغب الزبون بشرائها ويقبض الثمن ويرجع الباقي للزبون، في الوقت الذي أضعنا فيه وقتا طويلا في النقاش حول شرعية عمل المرأة في الكاشير وسط صرخات تحذر…

مأساة رئيس الهيئة!

الثلاثاء ٢١ أكتوبر ٢٠١٤

قبل عدة سنوات فجر الكاتب عبدالله بن بخيت قنبلة مدوية بالمقاييس السعودية ضد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذلك في برنامج (إضاءات) الشهير الذي كان يقدمه الزميل تركي الدخيل، حين قال بأن هذا الجهاز لا يخضع لمقاييس طبيعية في توظيف المنتسبين إليه أي أنه لا يوظفهم حسب الشهادة أو الطول والوزن والمواصفات الجسمانية بل يوظفهم بناء على انتمائهم الفكري، فمن لا ينتمي لهذه الأيدلوجيا الفكرية لا يمكن توظيفه وهذا لا يصح في أي وظيفة حكومية. وبالطبع قامت الدنيا ولم تقعد ضد ابن بخيت وانهمر طوفان الشتائم عليه من كل حدب وصوب لمجرد أنه أبدى وجهة نظره ولا أستبعد أن الزميل تركي الدخيل قد طاله شيء من هذا الهجوم الشرس لمجرد أنه أتاح الفرصة لابن بخيت كي يبدي وجهة النظر هذه، وقد تم نفي تهمة (الأدلجة) جملة وتفصيلا من قبل أنصار الهيئة واعتبروا ذلك افتراء مكشوفا من ابن بخيت. واليوم ها نحن نشاهد دلائل هذه الأدلجة التي تحدث عنها ابن بخيت تتجسد في الهجوم المتواصل على معالي رئيس الهيئات شخصيا، حيث يهاجمه بعض مرؤوسيه علنا ويتحينون الفرص لإسقاطه لمجرد أنه يحاول إنقاذ هذا الجهاز الحكومي من براثن الأيدلوجيا ويخضعه لمسطرة القانون والنظام، ولو لم تكن الأيدلوجيا المتشددة قد عششت في كل أروقة هذا الجهاز لما وجدنا هذه المواجهات شبه اليومية…

داعش وديزني لاند !

الجمعة ١٧ أكتوبر ٢٠١٤

غالبا ما يتم التركيز على الفكر المتشدد حين يفتح موضوع تجنيد صغار السن في صفوف داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية، وهذا أمر صحيح ولكنه ليس كل شيء، خصوصا أننا اليوم أصبحنا نقرأ أخبارا عن انضمام يابانيين وأوربيين وأمريكيين لا ينحدرون بالضرورة من جذور إسلامية، بل إن عددا من مبتعثينا الذين التحقوا بصفوف هذا التنظيم لم تظهر عليهم سمات التدين من قبل وشكل سفرهم إلى مناطق الصراع صدمة كبيرة لأسرهم ما يوحي بأن المسألة لا تتوقف دائما عند تحريض المتشددين.   لقد كتبت فتاة فرنسية على صفحتها في الفيس بوك بمجرد انضمامها إلى داعش: (لقد وصلت حلب..أشعر أني في ديزني لاند) وكان ذلك قبل أن تكتشف كذب وزيف هذه التنظيمات وتهرب إلى بلادها، حيث احتجزت هناك، كل ذلك يشير بصورة ما أن عددا لا بأس به من المراهقين والمراهقات تغريهم التجربة المثيرة الفوضوية المليئة بالمغامرات أكثر مما تجذبهم أفكار هذا التنظيم الإرهابي.   نحن اليوم أمام جيل مختلف تلاعبت بأدمغة الكثيرين منهم ألعاب الفيديو والحياة في العالم الافتراضي فأصبح قياسهم للأمور لا يرتبط إطلاقا بالواقع، وقد عانت الصين قبل عدة سنوات من ظاهرة انتحار بعض المراهقين الذين يتركون رسائل لذويهم ملخصها: (انتحرت لألتحق بالعالم الافتراضي)!، وقد أدرك تنظيم داعش قبل غيره الفجوة العقلية الجديدة في أدمغة بعض أبناء هذا الجيل فبدأ…

تمزيق الصور .. تلصيق العقل !

الإثنين ٢٢ سبتمبر ٢٠١٤

سنكون مبالغين لو قلنا إننا فوجئنا بمقطع الفيديو الذي يظهر فيه معلم يمزق الكتاب المدرسي أمام طلابه لاحتوائه على صور فتيات، ويأمر طلابه أن يمزقوا كتبهم، هذا ما يحدث منذ عشرات السنين خلف أسوار المدارس والمفاجأة الوحيدة هي لغة التحدي التي حملها حديث ذلك المعلم، إضافة إلى تصويره هذا الفعل ونشره عبر الإنترنت، ثمة معلمون آخرون يذهبون إلى ما هو أبعد من ذلك ولكنهم أكثر ذكاء وأقل رعونة من هذا المعلم الذي أكدت وزارة التربية والتعليم أنها سوف تبحث عنه وتعاقبه. هذا المشهد العجيب قد يعيننا على فهم جذور التطرف، فالشاب الذي يقرر فجأة أن يقوم بعملية انتحارية لا يفعل ذلك لمجرد أن محرضا ما قال له : فجر نفسك، الأمر ليس بهذه السهولة.. فالوصول إلى لحظة التطرف يحتاج إلى جهود متواصلة كي يصبح تحريك العقل في الاتجاه المعاكس أمرا ممكنا، نعم يحتاج الأمر إلى تمزيق الصور منذ الطفولة وإعادة لصقها بطريقة شديدة التأثير على العقول الصغيرة فيسهل فيما بعد اقتلاع الحقائق العلمية الواضحة، وغرس الخرافات والأوهام والأحقاد بدلا منها. هذا المعلم كان في الأساس تلميذا صغيرا مزقت الصور الطبيعية داخل عقله وأعيد لصقها حتى أصبح عاجزا عن إدراك حقائق الرسالة السامية التي يحملها فهو مؤمن بشدة أن ما يفعله هو إنكار للمنكر الذي لا يعرفه غيره، و مطالبته للطلاب…

مطلوب بريطانيون في كل مكان !

الإثنين ٠٨ سبتمبر ٢٠١٤

يبدو أن هذا هو الأسبوع البريطاني في المملكة ولكنه ليس أسبوعا ثقافيا أو تجاريا بل أسبوع لكشف ما يختبئ تحت سجادتنا الهائلة من مشاكل لا نرى حجمها الحقيقي إلا إذا تم النظر إليها من اليسار إلى اليمين، فبعد حادثة اعتداء أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على مقيم بريطاني والتي انتهت بإيقاع عقوبات (لطيفة) على أعضاء الهيئة المتورطين في الحادثة تمثلت في نقلهم وتحويلهم إلى العمل الإداري، اهتمت وزارة الشؤون البلدية برسالة مواطنة بريطانية انتقدت تدهور أوضاع دورات المياه والمرافق الصحية في الاستراحات الموجودة على طريق الحرمين الذي يربط بين مكة المكرمة والمدينة المنورة.   وملخص القصة أن وزارة الشؤون البلدية والقروية ساءلت 3 من أمانات المدن في المنطقة الغربية عن ما ورد في رسالة زائرة بريطانية لاحظت تدهور الخدمات في المحطات الموجودة على الطريق الذي يربط بين مكة المكرمة والمدينة المنورة وركزت في رسالتها تلك على أوضاع دورات المياه وأماكن الوضوء والاستحمام، وقد طلبت الوزارة من أمانات العاصمة المقدسة والمدينة المنورة وجدة موافاتها بتقرير كل 3 أشهر عن كل محطة تقع على طريق الحرمين، وبحسب صحيفة الوطن فإن الوزارة طلبت هذه التقارير لحين قيام أصحاب هذه المحطات بالتعاقد مع منشأة مؤهلة لإدارة وتشغيل وصيانة هذه المحطات.   والحق أن أوضاع هذه المحطات مخجل ومزعج ومزرٍ وغير صحي وخصوصا…

حتى الحجرات الشريفة لم تسلم!

الأربعاء ٠٣ سبتمبر ٢٠١٤

جاء العدد الأول من المجلة العلمية التي تصدر عن رئاسة الحرمين الشريفين بكارثة علمية في 61 صفحة لأستاذ في جامعة الإمام محمد بن سعود حملت في عنوانها مسمى (دراسة عقدية) وهي في الواقع (دراسة معقدة) تقدم شكلا جديدا من أشكال عقدة الهوس بطمس كل أثر إسلامي مهما عظمت مكانته تحت شعار قطع الطريق أمام السلوكيات الشركية، وملخص الدراسة هو إعادة إعمار المسجد النبوي بما يضمن عزل الحجرات الشريفة (بيت الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام والتي تحتوي قبره) عن المسجد النبوي تصحيحا لما حدث في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك أثناء عمارة المسجد النبوي والتي ضمت فيها الحجرات إلى المسجد وهي العمارة التي تمت تحت إشراف الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز عندما كان أميرا للمدينة المنورة!، حيث يرى الباحث أن هذا الأمر اتخذ حجة عند المخالفين لبناء المساجد على القبور والأضرحة، أي أن صاحبنا يريد أن يغير ما تعارف عليه المسلمون عبر التاريخ فقط من أجل إبطال حجة المخالفين!. وقد رد الأساتذة عبدالله خياط ونجيب يماني وعاصم حمدان ومحمد الدبيسي وعمر المضواحي على هذه الدراسة العجيبة بالنصوص الشرعية وآراء علماء الإسلام عبر التاريخ، ولن أزيد على ما ذكره الزملاء فقد غطوا الموضوع من جميع جوانبه.. إلا أنني لم أكن أتخيل أن يبلغ الفكر المتشدد هذه الدرجة التي يزايد…