محمد الباهلي
محمد الباهلي
كاتب من الإمارات

قراءة الصراع

الجمعة ٢١ فبراير ٢٠١٤

من يريد أن يعرف إلى أين بلغت الأكاذيب الإسرائيلية حول اتفاق الإطار الذي يتم التفاوض عليه حالياً تحت وساطة أميركية، يجدر به أن يقرأ بعناية المقال الذي كتبه الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي في صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية الصادرة بتاريخ 2014/2/13 وأن يركز ببصيرة على ما جاء بين السطور والأجزاء المهمة فيه. فقد كان الكاتب واضحاً في تفسيراته حول ما سوف تنتهي إليه المفاوضات الجارية حالياً بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إذ حسب قوله فإن كيري ليس وسيطاً نزيهاً والولايات المتحدة لا يمكن أن تكون محايدة بين الطرفين. ويضيف الكاتب موضحاً: «إن اسم اللعبة التي تجري في الساحة السياسية الآن، هي استغلال ضعف السلطة الفلسطينية، فحينما يناضل العالم العربي أنظمة حكمه والعالم الغربي تعب من الصراع الذي لا نهاية له، أصبح الفلسطينيون يقفون وحدهم في مواجهة مصيرهم، وتحاول أميركا أن تركعهم وتجعلهم يستسلمون، فإذا نجحت فسيكون ذلك بكاءً لأجيال طويلة». ثم يكمل الحديث في استشرافه للواقع السياسي الذي ستكون عليه القضية الفلسطينية بعد التوقيع على الاتفاق الإطار الذي يدفع الأميركيين نحوه: «إذا نجح كيري في جهوده ووقع الفلسطينيون على كتاب الاستسلام، فسيبقى 80 في المئة من المستوطنين في مواقعهم ولن تقسم القدس في الحقيقة، ولن تقسم إلى درجة أن تُجعل عاصمتين، وسيبقى غور الأردن مع إسرائيل مستأجراً أو مستعاراً، وستكون الدولة الفلسطينية الوهمية منزوعة…

القدس وقرن إسرائيل!

الجمعة ٢٤ يناير ٢٠١٤

إن حماية القدس من مخططات التهويد لن تتأتى بالشعارات الفارغة وباستغلال هذه القضية كوسيلة للمزايدات العقيمة، بل إن أمراً عظيماً من ذلك القبيل يتطلب الثقة والمصداقية في الدفاع عن المقدسات الإسلامية. ولعل ما أشار إليه رئيس لجنة القدس، العاهل المغربي محمد السادس، في افتتاح الدورة العشرين للجنة القدس بمراكش، وهو يترجم بذلك الحقيقة التي وصلت إليها القضية الفلسطينية، والتي لم يعد الكثير من أبناء الأمة يهتمون بها كما كان الأمر حتى ثمانينيات القرن الماضي، خاصة بعد أن تراجع الوعي العربي عن ممارسة دوره تجاه هذه القضية، وذلك بسبب الخلافات العربية والتغيرات السياسية والأحداث الجسام التي أصابت الأمة وتراجع معها دور المثقف العربي في الدفاع عن هذه القضية. وبفعل تلك المتغيرات أصبحت إسرائيل تتقدم عميقاً وتنشر كتلها الاستيطانية، بينما فشل العرب في وقف ذلك الزحف. كما غابت عن الوعي العربي تلك العلاقة التي تجمع بين المشروع الصهيوني التوسعي والمشروع الإيراني الذي يتجه هو أيضاً نحو تفتيت المنطقة العربية. ولم يعد سراً أن إسرائيل وراء كثير من الصراعات التي تقع في البلاد العربية، وهذا أمر يتفاخر به العديد من القادة الصهاينة في مذكراتهم، كما فعل بن غورين واسحق شامير وجولدا مائير واسحق رابين وشارون وبيريز...إلخ. وإلى ذلك فإسرائيل هي من قام بمذبحة دير ياسين وصبرا وشاتيلا والعديد من المذابح الأخرى التي تُرتكب…

صناعة الخوف

الجمعة ١٢ أكتوبر ٢٠١٢

الغرب محتاج إلى العالم الإسلامي والمسلمون بحاجة إلى الغرب؛ فلولا حضارة الإسلام لما وصل الغرب إلى ما هو عليه من تطور اليوم، ولولا تطور الغرب لما حصل العرب والمسلمون على ما ينعمون به من ثمار الحضارة الغربية العلمية. لذلك فإن ظهور خطاب الكراهية للإسلام والمسلمين في أميركا وأوروبا، وبالصورة التي يتواصل نموها منذ نحو ثلاثة عقود، يحتاج قراءةً منهجية دقيقة، لأن مثل هذا الخطاب لا يحدث بصورة عفوية وتلقائية، بل عادة ما يأتي كنتاج لجهود وأفكار مدروسة. وفي اعتقادي أن الهدف منه هو صرف الانتباه عن الوعي الجديد الذي أخذ يظهر في العلاقة بين الشرق والغرب، والذي يفترض أن يتم تطويعه لخدمة الطرفين ولمنع حالة التوتر والصراع. إن تشجيع الكراهية للإسلام واستمرار تصاعدها، يعني وجود اتجاه لإيجاد قوة موحدة في وعي الغرب تنظر إلى الإسلام من زاوية الصراع والتناقض، وليس من زاوية التعاون والتكامل والاحترام المتبادل، رغم حقيقة أن اختلاف الخصوصيات الثقافية والدينية لا يعني بالضرورة وجود صراع أو تناقض، بل قد يخلق حالةً من التعاون والتعارف والفهم الصحيح بين الدول والشعوب. وفي كل الأحوال ينبغي على العرب والمسلمين ألا يتركوا للأطراف اليمينية المتطرفة واللوبي الصهيوني في الغرب المجال لتكريس حالة العداء التي غالباً ما يحولونها إلى صناعة تدرّ مكاسب سياسية واقتصادية وفيرة، حيث أصبحت "صناعة الخوف" من الإسلام شغلاً…