السبت ١٣ يوليو ٢٠١٣
بعد فرحة أظهرها تلفزيون «المنار»، وتلفزيون النظام السوري، إزاء التطورات الأخيرة بمصر، أسكتت إيران الجميع بإظهار دعمها للرئيس محمد مرسي، ودعوتها حماس للعودة إلى قواعدها بالتحالف مع إيران وحزب الله، والتصدي لإسرائيل! والواقع أن الإخوان المسلمين المصريين، ومنهم الرئيس محمد مرسي، ما غيروا موقفهم من إيران، بعد الثورة المصرية في 25 يناير 2011 وإلى اليوم. وقبل ثلاثة أسابيع فقط؛ خطب الرئيس مرسي خطابه الشهير الذي هاجم فيه النظام السوري، وأعلن عن قطع العلاقات الدبلوماسية معه. وقد حدث ذلك تحت الضغط الشديد من جانب جمهور الإسلاميين بمصر، من دون أن يعني ذلك تغير الموقف من إيران وتدخلاتها في المشرق، وفي مصر بالذات. ويختلف الأمر بالطبع بالنسبة لحماس، التي اضطرت منذ أكثر من عام للخروج من سوريا، والإعلان مرارا وتكرارا عن خلافها مع النظام السوري، وعن الجفاء الذي حل في العلاقة بينها وبين إيران، ومن ضمن ذلك تراجع مبالغ الدعم التي تقدمها لها الجمهورية الإسلامية، وسَرَيان هذا الجفاء على العلاقة التحالفية بينها وبين حزب الله في لبنان وغزة. منذ الثمانينات من القرن الماضي، قامت علاقات ما لبثت أن تطورت وتجذرت بين الإخوان المسلمين المصريين وإيران. بل إن العلائق التحالفية هذه تناولت أيضا بعضَ فصائل وشراذم القوميين واليساريين، وليس في مصر فقط؛ بل وفي عدة بلدان عربية. وكان المبرر لذلك كله، كما سمعتها…
الأحد ٠٧ يوليو ٢٠١٣
أنهى الشباب المصريون حكم «الإخوان المسلمين» للبلاد ورئاسة الدكتور مرسي بعد عامٍ على بدئه. وكان نزولهم إلى الساحات والميادين بقيادة حركة «تمرد» ساحقاً إلى الحدّ الذي دفع الجيش المصري للتضامن معهم، وتأييد مطالبهم في المسير إلى انتخابات رئاسية مبكرة، والدخول في مسار انتقالي مختلف عن السابق. فقد وصلت أعدادهم في اليومين الأولين إلى ما يزيد على العشرين مليوناً؛ بينما استطاع «الإخوان» حشد المليون في سائر النواحي. وبقدر ما كانت الأعداد حاسمةً، كان حاسماً أيضاً إصرار الجيش على الاستجابة لإرادة الناس، وهو المسلك نفسه الذي سلكه بعد ثورة 25 يناير 2011. لقد بدأت المشكلة بعد ثلاثة أشهُر على الموجة الثورية الأُولى، عندما شعر الشبان أن الأمر مُرتَّب، وتُركوا وحدهم في الشارع، فاندفعوا للاصطدام بالشرطة ثم الجيش. وظهرت لديهم الفكرة القائلة بأن «الإخوان» اتفقوا مع الجيش والأميركيين على تسلم السلطة بمفردهم. وجاءت الاستفتاءاتُ والانتخابات المتوالية ووصول مرسي إلى الرئاسة لتثبت هذا الانطباع. وفي الشهور الأُولى بدا كأنما سلَّم الجميع بالسيطرة الإخوانية، وتشكّلت أحزاب مُعارِضة ما كان من بينها حزب قويٌ للشباب. ثم توالت وجوه الفشل الإخواني في إدارة الشأن العام، من الاقتصاد إلى التعامل مع مؤسسات الدولة، إلى السياسة الخارجية. وعندما بدأ نشاط «تمرد» لجمع تواقيع من أجل إقالة مُرسي قبل ثلاثة أشهُر، ما كانت فئة معتبرة من فئات الشعب المصري راضيةً،…
الأحد ٣٠ يونيو ٢٠١٣
كما فأجات الثورات بحركات الشباب السلمية، كذلك فاجأت بالتحولات المسلَّحة، وبالانسدادات السياسية في كل مكان، حتى في البلدان التي سقط فيها الرؤساء، وما ساد فيها السلاح! أشهر الانسدادات في الثورات الانسداد السوري. فقد استطاع النظام هناك الصمود، رغم قتله أو بسبب قتله لأكثر من مائة ألف من مواطنيه، وتهجير ملايين منهم بالداخل والخارج. وعندما تهدَّد النظام بالفعل زاد الاتحاد الروسي التسليح الثقيل، واندفع الجنرال سليماني ضابط الحرس الثوري الإيراني الكبير جالباً معه عشرات الأُلوف من المقاتلين الشيعة، منهم عراقيون ويمنيون وخليجيون وأكثر من عشرة آلاف من «حزب الله» بلبنان. استفاد النظام من تسلُّح الثورة وشنّ عمليات دعائية كبرى عن التشدد والإرهاب بين الثائرين. بيد أن أكثر ما أفاد منه رغم الضعف والتهافُت: الدعم المادي الكبير من إيران، وإلى حد ما من العراق. كما أفاد النظام من الانقسام الكبير السائد بين الثوار ممن هربوا من الجيش بأسلحتهم، وممن انضموا وتسلّحوا من داخل سوريا وخارجها. وبسبب ضعف التسليح والتنظيم لدى الثوار، تقدمت قوات النظام المدعومة من «حزب الله» والجنرال سليماني طوال الأشهر الأربعة في ريف حمص، وريف دمشق، وريف درعا، وأماكن أُخرى. وهذه الواقعة، أي تقدم قوات النظام بسياسات الإبادة والأرض المحروقة، إلى جانب الكيماوي، هي التي دفعت الدول الغربية، وبخاصة الولايات المتحدة، للذهاب إلى تسليح المعارضة، بهدف «استعادة التوازُن»، بحيث يضطر…
الجمعة ٢١ يونيو ٢٠١٣
انفجر الموقف في صيدا بعد ظهر الثلاثاء 18 / 6 / 2013 لأن أحد مسلحي «سرايا المقاومة» في المدينة تحرش بشقيق الشيخ أحمد الأسير بإطلاق النار على سيارته. وفي حين كانت الاشتباكات مشتعلة بين عبرا (إحدى ضواحي صيدا)، وحارة صيدا (الحي الشيعي بطرف المدينة)، أقبل شبان في طرابلس على إقفال الطريق بين القبة وزغرتا بالإطارات المشتعلة، احتجاجا على الاعتداء على الأسير بصيدا. وقبل ذلك بيوم واحد اشتعلت منطقة بعلبك - الهرمل من حول بلدة عرسال، لأن أربعة قتلوا من أبناء عشائر المنطقة وهم يحاولون تهريب المازوت إلى سوريا. وقد اتهم أهل القتلى العراسلة بأنهم كانوا وراء مقتل أبنائهم، وهددوا بغزو بلدة عرسال إن لم يسلم إليهم الذين قتلوا أبناءهم! وعندما أنكر أهل البلدة أن يكونوا هم الذين ارتكبوا تلك الجريمة، قيل لهم: لكنكم تعلمون على الأقل من قتلهم! وفي الشهور الماضية، بل ومنذ أكثر من عام، يقتل أهل عرسال (وعكار وطرابلس) على الطرقات أو في الجرود إما بالقتل المباشر، أو بالطائرات التي يرسلها النظام السوري، لاتهامهم بدعم الثورة السورية، أو لأنهم يؤوون اللاجئين وبينهم جرحى من المشاركين في الثورة. وقد لجأ إلى عرسال بعد سقوط القصير نحو الأربعة آلاف، أكثرهم من النساء والأطفال والجرحى. ويبلغ عدد سكان عرسال 35 ألفا، لكن عددهم تضاعف بسبب كثافة اللجوء السوري إليهم لأنهم الأقرب…
الجمعة ١٤ يونيو ٢٠١٣
لماذا قامت الثورة في سوريا؟ من الناس من يقول إنها ناتجة عن تراكمات امتدت لعدة عقود، وشجعها على التفجر الحراك الثوري ونتائجه في تونس ومصر وليبيا واليمن. ومن الناس من يقول: بل إن سوء تصرف النظام هو الذي حول المعارضة المتواضعة إلى ثورة عارمة. وقد ظهر منذ البداية الذين مع النظام، والذين ضده، والمتوسطون الذين طالبوه بالإصلاح. أما الذين كانوا معه علنا منذ البداية فهم الروس والإيرانيون، وإن اختلط كلامهما على قلة بذكر الإصلاح مع التأكيد أن النظام قام بأكثر مما طلب منه! وأما الذين ضده فما كانوا كثيرين، وأقصد بين الدول. بل كان مؤيدو الثورة جميعا تقريبا من الشعوب العربية وبعض المثقفين. وظلت الأنظمة المعروفة بالعلاقات الطيبة أو المقبولة مع النظام مثل قطر وتركيا والسعودية تتصل بالرئيس الأسد، وتسأله عن الأوضاع، وترجوه وترسل إليه وفودا من أجل مطالبته بالإسراع في الإصلاح الاقتصادي والسياسي، ومن ضمن ذلك إسقاط نظام الطوارئ، وتغيير الدستور، ورفع قبضة الأمن والمخابرات عن الناس، والسماح بالتظاهر السلمي. ويمكن القول إنه حتى نهاية عام 2011؛ فإن الحال ظل على هذا المنوال. وما بدأت المواقف بالتمايز والافتراق إلا منذ مطلع عام 2012، وكان عدد القتلى قد تجاوز الخمسة آلاف. وقتها قاطع كثير من العرب النظام السوري، ولجأوا إلى الآليات المعروفة بالجامعة العربية. ووقتها بدأ الأميركيون والبريطانيون والفرنسيون والأتراك…
الأحد ٠٩ يونيو ٢٠١٣
سقطت القصير، واحتفل بذلك النظامان السوري والإيراني، ووُزِّعت الحلوى في ضاحية بيروت الجنوبية، وهنأَ خامنئي الأسدَ ونصرالله بالانتصار. وما كان الانتصار بالطبع على إسرائيل، بل على سكان بلدة سورية على الحدود مع لبنان. وقد أعلن «نصرالله» عن بدء القتال فيها قبل ستة أشهُر، وقال إنه يقاتل دفاعاً عن اللبنانيين(الشيعة) في تلك الناحية. ثم قال قبل شهر إنه مضطرٌّ لقتال «التكفيريين» على الحدود وفي دمشق، حيث تُنتهْكُ المقدَّساتُ الشيعية والمزارات. وقبل أسبوعين أضاف إلى هدف قتال التكفيريين: منع نظام الأسد من السقوط، لأنه إنْ سقط سقطت المقاومة في سوريا ولبنان وفلسطين! ليس من النزاهة في شيء التقليل من شأن ضربة القصير، فالضربة قاسية من الناحية المعنوية على الثورة ومؤيديها، ربما أكثر من قسوتها من الناحية العسكرية والاستراتيجية. ويرجع ذلك إلى أن الثوار استطاعوا الصمود هناك، وما تمكنت كتائب النظام من زعزعتهم رغم تقدمها في مدينة حمص. لذلك تدخَّل «حزب الله» بقوة لمساعدة قوات النظام محتجاً بما ذكرناه. لكنّ الواقع أنّ تدخُّله كان ضمن استراتيجية إيرانية روسية مشتركة، بعد أن ظهر أن النظام ما عاد يملك قوات تتحرك على الأرض، بل مراكز عسكرية محاصرة في أنحاء سوريا باستثناء دمشق. قال لنا خبراء إيرانيون وعراقيون قبل ثلاثة أشهر إنه تشكلت قيادة مستقلة للإيرانيين بسوريا بزعامة الجنرال سليماني، وطلبت عشرة آلاف مقاتل من «حزب…
الجمعة ٠٧ يونيو ٢٠١٣
تسارعت الحملات الإعلامية خلال الأسبوعين الأخيرين من جانب وسائل إعلام حزب الله وحلفائه في لبنان والعراق، مُهَوِّلةً من شأن «التكفيريين» الذين تأخر «الحزب» كثيرا في مواجهتهم. وقد لام الحزبَ على هذا التأخر والتردد قوميون ويساريون أيضا. وهذا ليس غريبا على الطوائف والإثنيات الحزبية والآيديولوجية في سوريا ولبنان وفلسطين. فالبعثيون والشيوعيون والقوميون السوريون هم مع النظام السوري ومع حزب الله وإيران منذ أكثر من عقدين. وهؤلاء يتقاضون بدلات مادية أو سلطوية ومن إيران إلى لبنان وسوريا وفلسطين بالطبع. كل هذا - كما سبق القول - ليس جديدا وليس غريبا، فالمشكلة لدى هؤلاء وبالدرجة الأولى إيجاد طرف داعم يستطيعون الاستناد إليه بعد الانهيار التدريجي ثم الزلزالي للأنظمة الاستبدادية الحاكمة أو التي كانت حاكمة (وهم شركاء صغار لها) باسم العروبة أو الحداثة أو العلمانية أو المقاومة. والطريف وغير الظريف أن هذه الحداثة كلها التي مثلها بالنسبة لهم الأسد والقذافي وصدام حسين، صارت الآن (من دون أن يجدوا حرجا في ذلك!) بأيدي آل الأسد، وحكومة ولاية الفقيه بطهران! وقد كانوا (وبينهم الحزب القومي السوري العلماني جدا) إلى ما قبل ثلاثة أشهر يدافعون عن بقايا نظام الأسد باعتبار أن انهياره يمثل انهيارا لمنظومة المقاومة، كما يمثل استسلاما للتنظيمات «الإرهابية» التي تقاتل ذلك النظام! وحزب الله يقاتل في سوريا منذ أكثر من عام. لكنه قبل ستة…
الأحد ٠٢ يونيو ٢٠١٣
عندما خطب الأمين العام لـ«حزب الله» قبل أسبوع، ما وجد نفسه مضطراً لتغليف خطابه بمصطلحات وتعابير كثيرة اعتاد عليها منذ عشرين عاماً وأكثر. فقد قال هذه المرة ودون تردد إنه يقاتل دفاعاً عن نظام الأسد، كما أنه يقاتل في مواجهة التكفيريين على حدوده! وليس مهماً ما قاله بعد ذلك على سبيل التعليل. فقد قال إنه يدافع عن نظام الأسد، لأن سقوطه يعني سقوط المقاومة في لبنان وفلسطين وسوريا. وهو يعني بذلك المحور الإيراني في غزة، و«حزب الله» في لبنان، والسيطرة الإيرانية في سوريا. وهذا تعليل سياسي يُرضي الإيرانيين الذين يسود بينهم منذ غزو العراق عام 2003 تيار الحرس الثوري الذي يعتمد في استمرار نفوذه الداخلي على التوسع في الخارج. وباسم هذا التوسع تنتصر الثورة، ويفوز النووي، وتنحسر السيطرة الأميركية والإسرائيلية! أما الذين لا يُهمُّهم من الشيعة انتصار المحور الإيراني أو أنهم ضده، فقد قال لهم نصرالله إنه مضطر للقتال في سوريا دفاعاً عن المقدسات الشيعية المهددة في سوريا والعراق. وكان قد قال ذلك مراراً من قبل، سراً وعلناً: إن لم نقاتل في السيدة زينب والقصير ودمشق، فسنضطر للقتال في النجف وقم ومشهد... إلخ! لقد كان هذا الخطاب الطائفي والمذهبي حاضراً من قبل، في حلقات تثقيف كوادر الحزب، والتدريب على جبهات القتال حتى في مواجهة إسرائيل. ففي الخطاب العلني، كان الحديث…
الجمعة ٣١ مايو ٢٠١٣
عبرت الدول العربية الداخلة في منظومة الجامعة العربية، إزاء الثورة السورية بثلاث مراحل، وهي تدخل الآن في المرحلة الرابعة. في المرحلة الأولى سعى العرب، وفي طليعتهم السعودية وقطر والأردن والإمارات على جمع دول الجامعة على موقف واحد، هدفه الوقوف إلى جانب الشعب السوري، من أجل زحزحة نظام الأسد، والتمهيد لقيام نظام جديد مثلما حدث في دول الثورات الأخرى، خاصة في اليمن. ووقتَها كان النظام لا يزال هو الأقوى، وكان الدعم الآتي له مقصورا على الأموال والسلاح والخبراء من إيران والعراق وروسيا والصين وكوريا الشمالية، كما أنه حتى الدول العربية الداعمة للثوار، مما كانت تريد أن يكون دعمها ظاهرا جدا، حتى لا يزداد التدخل الخارجي، ولكي يكون موقفها قويا في التفاوض مع داعمي النظام الأسدي، مثل روسيا والصين. بيد أن الحل العربي فشل لثلاثة أسباب: عدم القدرة على الإجماع ليس بسبب مواقف حكومات العراق ولبنان والسودان الموالية للأسد وإيران فقط، بل وبسبب موقف كل من الجزائر ومصر الإخوانية. والسبب الثاني إصرار لجنة الجامعة التي ذهبت إلى سوريا على اعتبار الثوار متمردين على الحكومة الشرعية، وأن المطلوب «وقف العنف» من سائر الأطراف. والسبب الثالث إصرار الأطراف الدولية والإقليمية الصديقة للعرب مثل الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وتركيا، على أن يكون لها دور في الحل، وليس من خلال دول الجامعة، لأنها اعتادت على «الغياب…
الأحد ٢٦ مايو ٢٠١٣
لقد تردد المالكي، لكن «حزب الله» لا يستطيع التردد. ولن يمضي شهر أو شهران حتى نرى كلَ «فيلق القدس» يقاتل ضد الشعب السوري بمفرده بعد انكفاء كتائب الأسد أو اختفائها. لقد أمر خامنئي قبل شهرين الجنرال سليماني قائد «فيلق القدس»، وحسن نصرالله قائد فيالق «حزب الله»، باتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع سقوط نظام الأسد. وقد نظّم نصرالله وسليماني الأمر فيما بينهما، وعلى أي الجبهات على كل منهما أن يقاتل. والخطة أن تدخل كتائب «فيلق القدس» ومتطوعيها العراقيين من ناحية الحدود العراقية مع سوريا، بينما يدخل «حزب الله» من ناحيتي الزبداني والهرمل. وهذا أمر جديد غير الأمر الأول، والذي اقتضى وجود مجموعات صغيرة ومتوسطة في عدة مواقع في سوريا: ساعة لصون المقدسات (الشيعية أو التي صارت كذلك!)، وساعة لإزعاج تركيا ومواجهتها بنواحي حلب وشمال سوريا، وساعة لحماية اللبنانيين الشيعة في سوريا؛ وساعة لحراسة نقل الأسلحة من سوريا إلى لبنان. هناك الآن قيادة واحدة مستقلة عن الأسد وعسكره هي عند الجنرال سليماني، وهو الذي يوزع المهام. و«حزب الله» لا يستطيع في أقصى الحدود أن «يخصّص» للجبهة السورية كلِّها أكثر من عشرة آلاف مقاتل. ولأن تقديرات سليماني أن «حفظ» النظام بدمشق (في المعركة القادمة)، وحفظه الآن في حمص والقصير والساحل، يحتاج إلى ثلاثين ألف مقاتل مع أسلحتهم المتوسطة والثقيلة، فإن شهر مايو لن ينقضي…
الجمعة ٢٤ مايو ٢٠١٣
في الصراع الدائر للاستيلاء على مدينة القصير بريف حمص، بين ثوار سوريا المدافعين عن المدينة من جهة، وكتائب الأسد وحزب الله من جهة ثانية، أعلن الثوار أنهم قبضوا على مجموعة من «الحوثيين» تقاتل مع الحزب على الأرض السورية! ونحن نعلم منذ قرابة السنوات العشر، أن الاستنفار الإيراني الذي تسبب به الغزو الأميركي للعراق (بل والاستعداد له)، اقترن بمحاولة تعميم تجربة حزب الله في مشارق العالم العربي والخليج. وإبان ذلك الوقت (أو بعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان عام 2000) رأينا في لبنان عشرات من الشبان والكهول اليمنيين والخليجيين والعراقيين، يأتون إلى ضاحية بيروت للتحشيد الآيديولوجي، وانتقاء العناصر التي تعود للعمل في البلدان التي أتت منها، والأخرى التي ترسل إلى سوريا وإيران للتدريب العسكري بحجة الإعداد والاستعداد للاستمرار في مناضلة إسرائيل والولايات المتحدة. وهكذا فإن ما تحدث عنه بعض المسؤولين العرب عام 2004، وما قاله ولي نصر في كتابه: «صحوة الشيعة» (2006 - 2007) عن وجود «هلال شيعي» أو «عالمية شيعية»، لا مبالغة فيه على الإطلاق. وبالطبع والطبيعة فإن التحشيد ما كان ليحصل أو لينجح تحت شعار «مكافحة إسرائيل» لأنه لا مواجهة بين الشيعة وإسرائيل باستثناء جنوب لبنان - وقد تراجعت المواجهة الواقعية هذه بعد عام 2000. ففي التربية الداخلية لعناصر حزب الله وفيلق القدس، حديث مستمر عن تهديد السلفيين للشيعة (الذين…
الجمعة ١٧ مايو ٢٠١٣
جاء وزير الخارجية الإيراني صالحي إلى الأردن، ثم زار السعودية. وبالطبع ما كانت لهجته في السعودية مثلها في الأردن، لكن الجوهر واحد. ففي الأردن عرض مساعدات وتحسينا للعلاقات وبخاصة أنه جاء إلى عمان لافتتاح السفارة الإيرانية الجديدة هناك. لكنه بعد هذا التمهيد انصرف لتحذير الأردنيين من التدخل في الشأن السوري كما يفعل الآخرون! وواجهه وزير خارجية الأردن بمشكلة اللاجئين المتفاقمة، كما واجهه بأحداث القتل الفظيع الذي يقوم به النظام من دون توقف، وتصرفاته باتجاه إقامة مناطق طائفية «صافية». وواجهه أخيرا بالتدخل الإيراني المقاتل إلى جانب النظام، وهو أمر لا يهدد الكيان السوري وحسب؛ بل ويزعج العرب جميعا وفي العراق وسوريا ولبنان والأردن! وما تزحزح الإيراني عن موقفه في محادثاته بالمملكة العربية السعودية، لكنه ما أتى إلى المملكة لتأكيد الإصرار على مقاتلة الشعب السوري مع الأسد، بل اهتم بالعلاقات الثنائية، وبالإسراع في إنجاز الحل السياسي للأزمة السورية تحت عنوان الحوار بين النظام والمعارضة. فالنظام لن يسقط، ولا فائدة من الاستمرار في مقاتلته! جاءت زيارة صالحي إلى الأردن وسوريا والسعودية بعد خطاب حسن نصر الله الذي أكد على ما كان مؤكدا من قبل، وأضاف إلى ذلك فتح جبهة للمقاومة «الشعبية» في الجولان السوري المحتل. وقد أوضح الرجل أن نظام الأسد «تحول» بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة إلى المقاومة، فقرر أمرين اثنين: الاستمرار في…