صالح الشيحي
صالح الشيحي
كاتب سعودي

غياب

الثلاثاء ٠٣ يناير ٢٠١٧

غياب مهارات التواصل. غياب العقوبات. غياب الشفافية. غياب الحماية، وضعف الوعي. خمسة أسباب تقول صحيفة "الوطن" عبر استطلاعها، إنها تقف خلف الاعتداءات على أطباء ومنسوبي وزارة الصحة! وهناك على الصفحة المقابلة، الوزارة تتوعد المعتدين: "لن نتوانى في الملاحقة القانونية لكل من يثبت اعتداؤه على أي من منسوبينا"! هذا جميل على أي حال. الاعتداء على موظف الوزارة هو اعتداء على الوزارة، والاعتداء على الوزارة هو اعتداء على الدولة. تعجبني جدا الجهة التي تدافع عن حقوق موظفيها، وكرامتهم، وسلامتهم! لاحظ مثلا، كيف ألا أحد يجرؤ على الاعتداء على موظف مرور أو محكمة بسهولة. أمامنا جهتان حكوميتان متجاورتان، تحكمهما الأنظمة والقوانين ذاتها. المسموح والممنوع. ما يجوز لك وما لا يجوز، ومع ذلك واحدة منهما تتوعد من يقترب من موظفيها بأنها لن تتوانى عن محاسبته وجعله عبرة لغيره. بينما الثانية تراوغ، وتثير الشفقة ببياناتها، وغاية ما تفعله هو زيارة مرافقها للاطمئنان على سلامة منسوبيها، وهو ما أوصل الأمر إلى إطلاق النار عليهم! الذي أود الوصول إليه: كما أنه لا يفترض التهاون في سلامة موظفي الدولة. يستلزم الأمر في المقابل تجفيف منابع الاعتداء عليهم ومسبباته. الناس ليسوا سواء. ثقافتهم متفاوتة، وردات أفعالهم متباينة، وحالاتهم النفسية مختلفة. بمعنى: يفترض احتواء أي مشكلة لحظة حدوثها، ولا تدخل المؤسسة في معركة كسر عظم مع المجتمع! حينما يجد الإنسان…

لماذا يكرهوننا

الإثنين ١٧ أكتوبر ٢٠١٦

طاف السؤال الذي طرحته جامعة "ميشيجان" حول العالم، وتم رصد إجابات عشرات الآلاف من الناس.. تقول الجامعة إنها أرادت قياس الرحمة والتعاطف.. ويقول سؤالها: "هل ما زالت أميركا هي الأكثر سخاء وتعاطفا؟".. السؤال، وإجابات السؤال، كشفت أن السعوديين يأتون في المرتبة الثانية عالمياً بعد "الإكوادور"، في حبهم للآخرين ومساعدتهم ..! متقدمون - نحن بالطبع - على عشرات الدول في أوروبا وأميركا وآسيا وإفريقيا! بالنسبة لي، لم تقدم الجامعة جديدا.. قلت هذا مرارا وتكرارا؛ إن هذا الشعب يعد أحد الشعوب القليلة في العالم الذي يعد الكرم والطيبة والنخوة و"الفزعة" وعمل الخير في صميم ثقافته وموروثاته، بل وجيناته التي تطبع تصرفاته! ولم أكن لأعيد الحديث حول هذا الأمر لولا قلق "السؤال السابر" الذي يحاصرني منذ سنوات: "لماذا يكرهوننا"؟! حينما تصنفنا إجابات عشرات الآلاف من البشر حول العالم بأننا الأكثر إحسانا للآخرين هي تتكئ على مواقف عابرة لسعوديين عابرين في العالم.. كيف لو استطعنا أن نوصل لهم ماذا قدمنا من مساعدات للعالم، وما نقدمه اليوم.. سنتقدم الإكوادور حتما! خذ موقفا إنسانيا مذهلا تدعمه الأرقام: تؤكد الصحف أمس - بشكل غير مباشر - أن بلادنا هي الداعم الرئيس لقضية الشعب السوري الشقيق.. تحتضن بلادنا اليوم 2,5 مليون سوري يعيشون وسط المجتمع وكأنهم نسيجه الخالص.. هناك 131 ألف طالب سوري يدرس جنبا إلى جنب أبنائنا…

مقتطفات الجمعة

الجمعة ٢٦ أغسطس ٢٠١٦

نبدأ بأبرز الأرقام: 12 ألف معلم في السعودية يطلبون إحالتهم على التقاعد خلال العام الحالي! تقول الصحف إن قيادة قوات أمن الحج أعادت قرابة 70 ألفا من القادمين إلى مكة مكرمة الذين لا يملكون تصاريح حج، وحجزت حوالي 28 ألف مركبة مخالفة لاشتراطات نقل الحجيج.. لن نسأل عن الذين يبدؤون مناسك هذه الشعيرة العظيمة بمخالفة النظام، هؤلاء لهم رب سيحاسبهم.. لكننا نسأل عن هذا العدد الضخم من المركبات والسيارات التي يتحدى مالكوها النظام "عيني عينك".. هل ستتم إعادتها لهم بسهولة أم أن النظام نظام! خبر لافت نشرته "الوطن" مر بهدوء يقول: انخفاض السعوديين في القطاع الخاص وارتفاع عدد الأجانب خلال الربع الأول من عام 2016! تصريح الأسبوع جاء على لسان مدير مستشفى الصحة النفسية - شهار- ويشتكي خلاله من تكدس المستشفى قائلا: يمكن توفير أسرة لما بين حالة إلى حالتين من الحالات التي تتطلب تنويما، فيما يمكن إبقاء الحالة لمدة 3 أيام في الطوارئ كحد أقصى لحين توفر سرير، وإلا فيعاد المريض مع ذويه إن لم تكن هناك إمكانية لذلك! أي أن الأسرة تدفع ثمن تقصير المستشفى! أبرز أرقام الأسبوع: وزارة التعليم تطالب باستحداث 2850 وظيفة لحراسة مدارسها.. والسؤال المهم: ما هي الاشتراطات الصحية والبدنية والخبرات التي تشترطها الوزارة في حارس المدرسة؟ رقم لافت آخر يقول: 24% من مزارع منطقة…

مقتطفات الجمعة

الجمعة ٣٠ أكتوبر ٢٠١٥

قبل سنوات ذكرت رأيا للدكتور عبدالله العمرو - مدير مدينة الملك فهد الطبية في أوج نجاحاتها - يُحذّر فيه من اللحوم الحمراء والمصنّعة، لوجود علاقة بينها وبين ارتفاع نسبة الإصابة بسرطان القولون في بلادنا.. لم يلتفت أحد لتحذيرات الدكتور.. أول من أمس فاجأت منظمة الصحة العالمية شعوب العالم بتحذيرها من هذه اللحوم، وأكدت ارتباطها بسرطان القولون! أطرف أخبار الأسبوع جاء من تحت قبة مجلس الشورى. كان أعضاء المجلس يتحدثون عن غياب الإنجاز الرياضي.. وفي نفس اليوم - لاحظوا - كانت المنتخبات السعودية تتصدر دورة الألعاب الخليجية الثانية بأكثر من 100 ميدالية! الأعضاء الكرام يتحدثون عن اللوائح والأندية وأغلبهم لم يدخل ناديا، أو يحضر مباراة، بل ولا يعرف من هو متصدر الدوري! أما أجمل ما خرج من تحت القبة فهو قولهم إننا منذ أربعين عامًا لم نسجل أي إنجاز! وما زال الأعضاء يطرحون ذات الموضوع كل عام: هل يتم تحويل الرئاسة لهيئة أم لوزارة.. ولم يتم حتى الآن الالتفات لمداولاتهم! نجحت الجهات الأمنية في القبض على الشخص الذي حاول اختطاف طفل في إحدى المدن الأسبوع الماضي.. لكن هذا لا يكفي.. يجب تنفيذ عقوبة تعزيرية قاسية تردع من في قلبه مرض، وتقتل هذه السلوكيات الشاذة في مهدها حتى لا تتحول إلى ظاهرة. أجمل تصريحات الأسبوع جاء على لسان مدير عام الدفاع المدني…

لا نحب العقوبات لكن

الأحد ٢٥ أكتوبر ٢٠١٥

لماذا أصبحنا نفرح عند قراءة خبر تطبيق عقوبة على مؤسسة حكومية أو خاصة؟! هذه الأخبار مزعجة، أو هكذا يفترض، نحن شعب متسامح طيب، لا يحب إيقاع الأذى على الآخرين.. لا يحقد على أحد.. لا يضمر في نفسه الكراهية لأحد.. ولا يضايق أحدا في مسائل الرزق بالذات.. شعب يحمل المحبة للجميع.. يبادر للخير ويبحث عن أبوابه. إذن، ما لنا وللعقوبات، نبحث عن أخبارها، ونفرح لها.. ونطرب لمفرداتها؟ سأقول لكم. نحن ندرك أن لدى كل وزير في الحكومة دفتر عقوبات وأنظمة ربما تكون غير موجودة لدى نظرائه في القارة الأوروبية، ولو استعرضها لوجد صلاحيات تغطي جميع المساحات التي تتحرك فيها وزارته! لذلك حين نرى الخلل في كل الزوايا، ولا نجد ردة فعل، لا نُلام حينما نفرح بقراءة عقوبات الإغلاق والحسم والإنذار والفصل والإلغاء! الصحيفة التي أمامي تقول إن "الهيئة العامة للسياحة في منطقة عسير أصدرت، عدة قرارات، تقضي بالإغلاق الموقت لـ15 منشأة إيواء مخالفة، إضافة إلى 109 عقوبات تنص على فرض غرامات مالية". أنا سعيد بهذا الخبر.. ومسرور لهذه العقوبة.. ويقول خبر سار في صحيفة أخرى: "إغلاق صيدلية في جدة لأن الصيدلي يبيع أدوية دون وصفة"! نكرر دوما أن مفردة "ممنوع" لا تأتي وحدها. يفترض أن تتبعها لائحة تحدد العقوبات التي سيتم تطبيقها في حالة تم تجاهلها، أما أن تقول للناس هذا…

عام جديد.. ولا جديد

الأحد ١٨ أكتوبر ٢٠١٥

تقول العرب في أمثالها "باب النجار مخلع" - أو مخلوع - قصة المثل معروفة، والمعنى أن الإنسان الذي يقدم الخدمة للآخرين لا يستطيع تقديمها لنفسه، أو كالذي يقدم النصيحة لغيره وهو أحوج لها! الكل يتحدث عن التغيير بداية كل عام.. معلومات ورسائل ومواعظ وأدعية كثيرة وصلتني من أشخاص لم تتغيّر حياتهم منذ أن عرفتهم.. باقون في ذات المربع، "على طمام المرحوم"! مجرد رسائل.. من شريحة "نسخ ولصق".. مع بداية كل عام.. تتحدث عن التغيير، كشف حساب، تقييم وتقويم، رسائل فاخرة مجهولة المصدر، تتلاشى.. كأنها لم تكن.. تدور عقارب الساعة، تمر عليهم الأعوام متشابهة، لا تغيير يستحق الذكر.. مزيد من الترهل، مزيد من الأخطاء والإخفاقات المتكررة، صحيا وعمليا ومعرفيا واقتصاديا.. "حياتيا" بشكل عام! خذ العامل الاقتصادي في حياة كثير من الناس.. نحن في عصر يشهد العالم العديد من الأزمات الاقتصادية، تنعكس على حياة البشر في كل مكان، يبقى هؤلاء فاشلين بامتياز في إدارة حياتهم اقتصاديا.. هذا ليس كلامي.. كلام المختصين، والدراسات التي تُعنى بهذا الشأن.. هناك دراسة اقتصادية حديثة، أجراها "مركز المعرفة"، المتخصص في الدراسات والبحوث وبرامج التأهيل المعرفي، تقول إن حوالى ثلثي السعوديين يعانون من أجل تحقيق التوازن بين نفقاتهم ودخلهم المالي ويجدون صعوبة بالغة في توفير المدخرات - ما السبب؟! نتيجة لضعف مهارات إدارة الأموال لديهم، إضافة لأن الضغوط…

جازان الغالية العالية

الثلاثاء ٠٦ أكتوبر ٢٠١٥

البلد مترامي الأطراف، يصعب على الإنسان الإحاطة بكل تفاصيله.. تكاد تنعدم المبررات؛ فلا تُشد الأمتعة من الطرف إلى الطرف دون مبرر. أنت لا تتحدث عن مئة كيلومتر، تلك المسافة التي تفصل الناس عن بعضها! اليوم تمر ثماني سنوات على المرة الوحيدة التي زرت فيها جازان.. سأمكث فيها 36 ساعة بالضبط.. أدرك أن وقتا وجيزا كهذا لن يُمكنك من الحديث عما ستشاهده، أو تسمعه.. هذا الأمر تحديدا لا يهم؛ فما نعرفه عنها وعن أهلها الطيبين أكبر بكثير مما قد نتحصل عليه من زيارة خاطفة.. جازان بلد طيب، وأهلها طيبون، و"على نياتكم ترزقون". لذلك، أظن أنني سأشاهد مدينة مختلفة إلى حد كبير.. ثماني سنوات ليست بالمدة الزمنية القصيرة.. أبصم بأن جازان اليوم ليست جازان الأمس.. جازان اليوم مدينة اقتصادية جاذبة، تتسابق نحوها الاستثمارات من كل مكان. جازان الأمس، تبحث عن الكفاءات من كل الدول.. اليوم هي مدينة ولادة.. لن أتحدث عن الشعراء والأدباء في هذه المنطقة الغالية.. فهؤلاء "سمة أساسية" لجازان على مر الزمان ولا علاقة لها بأي مؤثرات أخرى.. أتحدث عن آلاف الشباب المؤهلين الذين أصبحت جازان تدفع بهم إلى سوق العمل خلال السنوات القليلة الماضية. أصبح الشاب الجازاني "علامة جودة" يحرص عليها الكل. لك فقط أن تتوقف أمام الطبيب الذي خرج من كلية الطب في جامعة جازان، هذا الطبيب الذي…

الدنيا بخير

الأحد ٢٧ سبتمبر ٢٠١٥

الخطأ وارد. من لا يعمل لا يخطئ. وقيل: وحدهم الذين لا يعملون هم الذين لا يُخطئون..تجاوز الأخطاء سهل.. وتلافيها أسهل، حالة واحدة فقط تستعصي على الإنسان.. حينما يبتلى بعدوٍ يتربص به الدوائر! عدو مبين.. لا يرقب فينا إلاًّ، ولا ذمة!كل هذا لا يهم.. طالما أننا قادرون على تلافي الأخطاء حين حدوثها، وطالما أننا نعرف هذا العدو وندرك قدراته ومخططاته وأساليبه القذرة.. فالأمور يسيرة!اللافت هو هؤلاء الذين يسيرون وهم يرفعون شعارات تبعث القلق، وتثير الخوف في نفوس الناس.. جلها تتمحور حول "هلك الناس"! ملايين الرسائل دون مبالغة.. وكثير من العبارات والنصائح انطلقت خلال يومين.. كلها تقول إن البلد يتعرض لحرب إعلامية طاحنة وتطالب الناس بالاصطفاف! ظننت نفسي نائما، لا أشعر بما يدور حولي! أين هي هذه الحرب الإعلامية.. أنا لم أعثر على شيء.. سوى "وسائل إعلام إيرانية" رديئة تحاربنا منذ سنوات..سألت.. بحثت.. استعنت بمحركات البحث.. هل هناك شيء لا أعرفه.. لم أجد!مثل هذه الرسائل التحذيرية ضررها أكثر من نفعها، وتثير القلق في نفوس الناس.. لطالما قلت في هذا المكان إنه مهما كانت نوايانا سليمة، مهما كانت غاياتنا محمودة، مهما كنا ننشد الخير لبلادنا؛ هذا كله لا يبرر لنا أن نجلب الهم على الناس.. "من قال هلك الناس فهو أهلكهم".نعم -وأكرر دوما في كل مكان أذهب إليه- من حق الإنسان أن يقلق…

الذين هبطوا من السماء

الجمعة ٠٤ سبتمبر ٢٠١٥

من الكتب التي استهوتنا خلال مرحلة المراهقة كتاب الراحل أنيس منصور "الذين هبطوا من السماء"..بغض النظر عما يُثار حول هذه النوعية من الكتب التي يراها البعض أنها تروّج للخرافات والأساطير، فقد كانت مادة الكتاب مشوقة، وتستفز العقل للتفكير والخيال!تذكرت الذين هبطوا من السماء يوم أمس، وأنا أتابع قضية العنف الأسري الجديدة التي تعرض لها عدد من الأطفال في منزل والدهم في إحدى المناطق. الأولاد يعيشون مع زوجة والدهم، بعد طلاق أمهم.. الصور التي ترافق الخبر تؤكد الاعتداء.. الأب ينكر التهمة ويقول إنها محاولة لتشويه سمعته!- سأرتدي عباءة المحقق.. وأقول لكم: الأب بريء تماما.. زوجته هي الأخرى بريئة؛ ولأن القاعدة تقول "لا دخان دون نار"؛ فهذا الاعتداء قامت به مخلوقات فضائية قادمة من الفضاء.. ترتكب هذه الجرائم، وتعود من حيث أتت.. وعليك رغما عنك تصديق هذا.. لست أفضل حالا من وزارة الشؤون الاجتماعية التي صدقت هذه الفرضية، وعزفت عن متابعة القضية، وأعادت الأطفال إلى أبيهم وزوجة أبيهم.. وغير هؤلاء كثيرون تم إعادتهم إلى المكان ذاته الذي هربوا منه، منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر قدوم كائن فضائي ليقضي عليه!- هذه الوزارة سلبية نوعا ما.. حقوق الإنسان "حبة بنادول".. والداخلية مشغولة بقضايا أهم.. لذلك سأتوجه بحديثي نحوكم؛ تيمنا بقول بشار بن بُرد: "ولا بد من شكوى إلى ذي مروءةٍ.. يُواسيكَ أو يُسلِيك…

بعد فوات الأوان!

الأربعاء ٠٢ أبريل ٢٠١٤

القانون الفيزيائي: "لكل فعل ردة فعل" - وقلت هذا سابقاً - ينتج لنا حلولا.. لكن عيبها أنها حلول وقتية غير مدروسة بشكل جيد.. أحيانا قد تغلب عليها العاطفة.. سريعاً ما تخبو جذوتها! المطلوب آلية واضحة.. حركة ليست لها علاقة بالمؤثرات.. أن نتخيل المشكلة ونتحرك قبل وقوعها.. أن نعمل على درء وقوعها، أو التقليل من فداحتها.. أول من أمس، وقعت جريمة مروعة ذهب ضحيتها أحد الوافدين.. لبشاعة الجريمة وطريقة ارتكابها ظن العابرون أنهم أمام مشهد تمثيلي لصالح مسلسل "خميس بن جمعة".. بادر منتج العمل الأخ العزيز "فايز المالكي" بنفي ذلك.. لا أدري لماذا تم ربطها بهذا العمل.. خاصةً وأن "المالكي" من الذين ينثرون البهجة والبسمة، لا القتل والدم والدمار! لم أتوقف أمام الجريمة البشعة طويلاً.. ما استوقفني أن تحركاتنا - كما قلت في السطر الأول - مبنية على رد الفعل.. هاكم الدليل: تقول "صحيفة الرياض" إن سكان حي السويدي الغربي قد قدموا بلاغات عدة إلى الجهات المعنية تخوفاً من مخاطر الجاني على سكان الحي.. طلبوا نقله إلى مستشفى الأمل أو دور الرعاية الاجتماعية.. هذه الطلبات لم تتجاوب معها أي جهة معنية.. حتى صُدم سكان الحي أمس بالجريمة البشعة! التجاوب جاء بعدما وقعت الجريمة التي حذر الناس من وقوعها.. تم التحرك خلال دقائق.. تم القبض على الجاني المفلوت فوراً! هكذا نمنا.. هكذا…

حكاية المذيع تتكرر!

الأربعاء ١٥ يناير ٢٠١٤

تقول صحيفة "الحياة" إن ممثل هيئة التحقيق والادعاء العام طالب بعقوبة تعزيرية لسعودي يملك قناة فضائية ويقدم أحد برامجها.. متهما إياه بالتواصل مع نظام العقيد معمر القذافي، وأنه تلقى منه دعما ماليا بنحو 1.8 مليون دولار.. أما لماذا؟ فذلك لدوافع عدة، لفت انتباهي بينها تهمة تقول: "إثارة الفتنة بين أفراد المجتمع".. هذه تهمة واحدة ضمن مجموعة اتهامات ساقها المدعي العام، وبين المدعي والمدعى عليه، هناك القضاء. لكنني أتمنى من سعادة المدعي العام، حينما ينتهي من قضية مالك القناة ـ وهو مذيع في نفس القناة ـ والذي يطالب المحكمة بإيقاع عقوبة تعزيرية شديدة عليه، أن يتولى قضية أخرى لا تقل أهمية.. بحيث يقوم بتوجيه ذات التهمة التي أشرت إليها لملاك قنوات أخرى، تمارس شيئا مشابها لما قام به هذا المالك. أعني قنوات "التجهيل" الشعبية.. هذه التي تعرض أهازيج و"شيلات" وعرضات ليل نهار، ومسيرات للبعارين، وناس تركض خلف البهائم، وترفع شعارات خاصة بها، وتستعرض أمجاد قبائلها، أغلبها يبث ويثير القبلية والعنصرية بين أفراد المجتمع.. ويضرب في صميم الوحدة الوطنية لأجل أثمان رخيصة! أغلب هذه القنوات تقدم محتوى لا يقل خطورة عما يقوم به المذيع الذي تقاضى الملايين من معمر القذافي.. ليس هناك فرق يذكر.. ذاك تهمته إثارة الفتنة بين أفراد المجتمع.. وهؤلاء يقومون بالعمل نفسه.. الفرق في الكيف والكيفية. لا أنكر ـ…

“شداد” المواطن و”أرنب الهيئة”!

الخميس ٠٩ يناير ٢٠١٤

"الشداد" من لوازم ركوب البعير ويصنع من الخشب وتربط أجزاؤه بالوتر.. اليوم سأستشهد بمثل بدوي يقول: "مكسر شداده وأرنبه نايمة".. والمثل يلخص قصة رجل يسير في الصحراء فوق بعيره، فأصابه الجوع، فشاهد أرنبا نائمة، فعزم على صيدها.. وشوائها وأكلها.. فنزل عن الجمل.. ثم نزع الشداد.. قام بتكسيره، ثم أوقد منه النار التي يريد أن يشوي الأرنب عليها.. فلما احمرّت النار وأجمرت، أخرج بندقيته، ليفاجأ بأن الأرنب استيقظت وهربت.. فلا هو الذي صادها وأكلها، ولا هو الذي احتفظ بالشداد! الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض تبشرنا منذ فترة بمشروع النقل العام.. و"البشارة" على كل حال سلوك بشري حميد لكن شريطة أن تكون حقيقية، لا أن تنقل الإنسان من الواقع نحو الخيال.. قبل يومين عقدت الهيئة العليا اجتماعا ـ وما أكثر اجتماعاتها، وما أكثر ما يصرف على هذه الاجتماعات ـ تتحدث فيه عن "قيمة التذكرة" التي سيدفعها الشخص الذي سيركب المترو المنتظر! لا أبالغ، ـ والخبر منشور في الصحف ـ حيث تقول الهيئة: تعرفة استخدام شبكتي القطار والحافلات في مدينة الرياض، لن تكون مكلفة، باعتباره مشروعا حكوميا خدميا وليس استثماريا! أين هو هذا المشروع الضخم الذي أضعتم وقتكم من الآن بحساب قيمة التذاكر.. مشروع لم تتم ترسية عقوده حتى الآن، ويتم الحديث عن التذاكر والعوائد! كسرت الهيئة الشداد، وبدأت توقد النار تحت أحلام…