آراء

آراء

بحر البيان

الخميس ٠٣ مارس ٢٠١٦

قال فيه طه حسين إنه لا يغترف من بحر فحسب، بل هو يتدفق مثل بحر. وقال فيه محمود زكي باشا إنه يشبه ماكينة الخياطة «سنجر» لشدة غزارته وقدرته على «التطريز» والتنوع والكتابة في شتى المواضيع والمسائل والقضايا. وعندما طلب إليه رئيس مجمع اللغة العربية في دمشق محمد كرد علي أن يجمع مقالاته في مجلدات، كتب إليه معتذرًا: «فإني في أوروبا منذ اثنتي عشرة سنة، وفي الشهر الواحد من هذه المدة كنت أحرر لا أقلّ من عشر مقالات في الشهر، ففي السنة 120 مقالة، ففي الاثنتي عشرة سنة 1440 مقالة، فإن جعلت كل مقالة 3 صفحات من قطع هذا المكتوب، فهذا فوق أربعة آلاف صفحة (...). كلا، هذا لن أقدر على طبعه، وهذا كله ذهب في الجرائد الطائرة». كان الأمير شكيب أرسلان أوائل القرن الماضي أحد رموز عصر النهضة، والوحيد الذي عُرف بلقب «أمير البيان»، كاتبًا وخطيبًا ومفكرًا وداعية سياسي من مناضلي الحركة الاستقلالية. عُرف بلقب آخر هو «كاتب الشرق الكبير». وكانت نضالاته ومعارفه وصداقاته مع كبار أهل النهضة أكبر بكثير من حجم بلده لبنان، الذي لم يكن قد استقل بعد. وقد حارب بريطانيا وفرنسا. فحاول الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة التقرب منه. ومن أصدقائه أحمد شوقي، وجمال الدين الأفغاني، ومحمود سامي البارودي، ومحمد رشيد رضا. ولعل ثمة شبهًا بين سيرته وسيرة…

آراء

الخليج ولبنان والأفعى

الأربعاء ٠٢ مارس ٢٠١٦

ضربة كيماوية طائشة قد تصيب لبنان في أي وقت... أليس هذا ما يبشّرنا به الروس الذين باتوا مقتنعين بأن «داعش» وجماعات إرهابية استخدمت سلاحاً كيماوياً في سورية والعراق؟ يعدوننا أيضاً بفيديرالية لسورية يضمنونها ويحرسونها، ولمَ لا؟ أليست الدولة العراقية الاتحادية نموذجاً جديراً باقتدائه، واللحاق به، إلى الجحيم؟ بين الرعب من الكيماوي و «زيكا» النفايات الذي وحّد المناطق اللبنانية بلا عصبيات، ورغماً عن خرائط النفوذ ومصالح الكبار، بات السؤال: متى يشدّ اللبنانيون رحالهم إلى بقعة ما في العالم، عقاباً لساستهم؟ ولكن، هل يُجمعون على معاقبتهم، وهم لا يهدرون فرصة للبحث في ما يطمئنهم إلى مصيرهم ومستقبل أجيال، ونقلهم إلى نعيم رفاهية، لا يشبهه إلاّ تقدُّم بلدان اسكندينافيا؟! أمن لبنان اليوم يشبّهه «مصدر» بالأفعى الواقفة على ذيلها... متى تَعِبَت انهار الهيكل على رؤوس الجميع. لكنهم موعودون بالحلول، بدءاً من تحصين البيئة إلى بلديات تحمي الوطن ودستوره، رغم غياب رأسٍ للجمهورية. سيل التحذيرات من الانفجار، ينهمر يومياً، فيطمئن اللبنانيون إلى ثبات جمهورية الاضطراب على حالها. ما المشكلة في التعايش مع أوبئة النفايات، وأي مسألة تستحق القلق ولو بقي قصر الرئاسة باحثاً عن مطلوب لفرصة «ذهبية»؟... فقر وبطالة وشاشات تحتفل بالأصوات الصاعدة، لكنها لا تهمل الأصوات النشاز في السياسة التي لا تملّ مهنة تحقير الآخر اللبناني وتكفيره لتهجيره. هذه حالنا ومَنْ لا يعجبه فليحزم…

آراء

السعادة الصغيرة

الأربعاء ٠٢ مارس ٢٠١٦

مُقدِّم إذاعي ناجح، لا يهم من أين، قضى سنوات طوالاً يرتقي سلم النجاح. اشتُهِر عنه أنه كان يلبس أفضل ما عنده عندما يذهب إلى الإذاعة وكأنه ذاهب إلى لقاء رسمي. وفي أحد الأيام، دُعي للقاء تلفزيوني إلا أنه تأخر عن المقابلة قليلاً، وعندما حضر قال للمخرج إنه عندما كان في الطريق إلى الاستوديو تذكر أن جواربه ليست جيدة، فاضطر للتوقف في أحد المحال لشراء جوارب جديدة. ضحك المخرج وقال له إنه لن يصور جواربه، وفي كل الأحوال فإن المشاهدين لا يهتمون بهذه التفاصيل. ابتسم الضيف وقال: «كيف ستشعر إذا خرجتَ من منزلك بملابس داخلية قديمة.. لن تكون مرتاحاً أليس كذلك؟ لقد قضيتُ عمري كله في غرفة إذاعية صغيرة لا يراني فيها أحد، لكنني كنت ألبس أفضل ما عندي حتى أشعر بالراحة وأنا أتحدث، فينتقل ذلك الشعور إلى المستمع». شهير آخر، سيناتور أميركي، لُقّب بالنحيف صاحب الوجه الطويل. عانى كثيراً في حياته من فقر أسرته ومن شكله وأصيب بعقدة نفسية لأنه لم يكن يستطيع أن يجد ملابس تناسب جسمه النحيل جداً. وعندما عمل واستطاع أن يُعيل نفسه، كان أول شيء قام به هو تفصيل «بدلة» تناسب جسمه، ومع مرور والوقت صارت أناقته حديث مَن حوله، حتى حصل على لقب أفضل أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي أناقة. قال إن أول وأهم أمنياته في…

آراء

أميركا أمة عظيمة لا يجب الاستهانة بها

الجمعة ٣٠ أكتوبر ٢٠١٥

إذا وضعنا جانباً سياسات واشنطن البائسة في الشرق الأوسط، من الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة هي واحدة من أعظم الدول في العالم. لو لم تكن أميركا موجودة، لكان عالمنا أشد فقراً في مجالات التكنولوجيا، واستكشاف الفضاء، والتقدم الطبي، والترفيه، والاختراعات التي بدّلت حياة البشر. علاوةً على ذلك، إنها لمعجزة حقاً أن الولايات المتحدة تتمتع بالاستقرار على الرغم من خليط الأديان والأعراق الذي يعيش فيها. الأميركيون هم نحن، نحن جميعاً. باستثناء الهنود الحمر، جيناتهم هي جيناتنا. لقد نجحت هذه البوتقة المؤلفة من 320 مليون شخص هرب أسلافهم من الفقر والاضطهاد لتحقيق أحلامهم في هذا العالم الجديد ونجحوا في التوحّد، في توحيد الجميع تحت راية واحدة باعتزاز ووطنية كبيرَين. خلال زيارتي الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأميركية، كان لي شرف إلقاء كلمة في المؤتمر العربي - الأميركي لصنّاع السياسات الرابع والعشرين في العاصمة واشنطن أمام حضور كبير. تطرقت إلى مواضيع عدة لكنني ركّزت في شكل أساسي على العلاقة بين الولايات المتحدة والعالم العربي، وأمننا المشترك وصداقتنا التاريخية. في الوقت نفسه، انتقدت احتضان الرئيس أوباما لإيران، وعدم التزامه بإقامة دولة فلسطينية، وفشله في التدخّل لإنقاذ الشعب السوري العالق بين قنابل النظام والإرهابيين. أن أتمكّن من التعبير عن رأيي حول الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة، في خطابٍ ألقيته على الأراضي الأميركية، يعني أن أميركا واثقة…

آراء

تذكرة.. وحقيبة سفر -1-

الجمعة ٣٠ أكتوبر ٢٠١٥

هي صورة قديمة اتخذت لنا، نحن مجموعة من السياح ذات نهار عند قلعة «هايدلبيرغ» الألمانية، الواقعة على نهر الـ «نيكر»، وعلى سفوح جبل «Königstuhl»، أو «كرسي الملك»، والذي استغرق بناؤها من عام (1400 - 1619)، ويوجد في قبوها أكبر برميل للنبيذ في العالم، يصل حجمه إلى 220 ألف لتر. تبدو اليوم الصورة باهتة قليلاً، وتميل للبني الفاتح، والتي حظي كل منا بنسخة منها مقابل «ثلاث ماركات» في حينها، وبالاتفاق بين الشركة السياحية، ومصور الساحة، والذي يدفع ضريبته بانتظام للبلدية، كان وقتها في الستين ويزيد، ويستعمل كاميرا ألمانية بالتأكيد «هاسلبلاد»، وفلماً من المقاس العريض. جلوساً من الجهة اليمنى ياباني وزوجته، وأبوها الذي كان يعتمد على كرسي متحرك، وأجزم أنهما ما زالا يهرمان مع بعضهما، بعدما ودعها أبوها بعد تلك الرحلة بسنوات، أو دخل دار العجزة باختياره، تاركاً لهما متنفساً في البيت العائلي الذي بالكاد يفي بالحد، زوجان من أميركا اللاتينية، يبدو الرجل متزوجاً متأخراً بفتاة تصغره، ويبدو أنه زواجه الثاني، بعد فشل واضح من الزواج الذي كان معتقداً أنه عن حب، ثمة خيانة مخفية في المسألة، بدليل استعلائه على الزوجة الجديدة، وتعامله معها بفحولة كاذبة، وحقيقة لا أعتقد أنهما معاً حتى الآن، فلا الفتاة كانت مقتنعة كثيراً، ولا هو كان ينشد بيتاً عائلياً، باكستاني شاب مع زوجته الجميلة، المتحنية، والوحيدة التي…

آراء

الكتابة تاريخ

الجمعة ٣٠ أكتوبر ٢٠١٥

الاستخدام المكثف للكتابة هو أحد معالم الحضارة الإسلامية، فهي تزين المباني والأدوات المصنوعة من مختلف المواد على امتداد مسار الحضارة الإسلامية، بدءا من القرن السابع حتى الوقت الحاضر في كل الأقاليم تقريبا، بدءا من المغرب الأقصى وانتهاء بالهند وجنوب شرقي آسيا وما يلي ذلك. أصبح الخط، أو فن الكتابة بشكل جميل، إحدى أهم طرق التعبير الفني. وكان الفن الوحيد من بين الفنون التشكيلية التي أبدعتها البلاد الإسلامية الذي كان محل تقدير كبير ضمن ثقافتها والذي تم تكريسه لتاريخها وروائعها الفنية المكتوبة من العصور الوسطى وما أعقبها. وفي الغالب فإن التقاليد الفنية الإسلامية طورت من الثقافات المحلية، ففي كل من الشرق الأدنى القديم والعالم الكلاسيكي، استخدمت الكتابات منذ زمن بعيد لتزيين الجدران وواجهات المباني بالإضافة إلى المعالم الصرحية، مثل أقواس النصر. واستخدم الآشوريون الخط الذي يشبه المسمار، والمعروف منذ أوائل القرن التاسع عشر باسم الكتابة المسمارية. زينت قصور الآشوريين الجدد المبنية بين القرنين التاسع والسابع قبل الميلاد في مواقع مثل نينوى ونمرود وغيرها بالرخام والكلس ونقش على كل منها اسم الملك. وعلى الجدران الممتدة توسط النقش الأفاريز العلوية والسفلية مع سلاسل موصولة من الصور التي يقال لها السرديات، وتصور رحلات الصيد الملكية والفتوحات العسكرية. وأدرك الرومان أيضا الإمكانيات الفنية للكتابات الصرحية، وطوروا نظاما واضحا وبسيطا من الكتابة بدت فيه الحروف والفراغات…

آراء

مقتطفات الجمعة

الجمعة ٣٠ أكتوبر ٢٠١٥

قبل سنوات ذكرت رأيا للدكتور عبدالله العمرو - مدير مدينة الملك فهد الطبية في أوج نجاحاتها - يُحذّر فيه من اللحوم الحمراء والمصنّعة، لوجود علاقة بينها وبين ارتفاع نسبة الإصابة بسرطان القولون في بلادنا.. لم يلتفت أحد لتحذيرات الدكتور.. أول من أمس فاجأت منظمة الصحة العالمية شعوب العالم بتحذيرها من هذه اللحوم، وأكدت ارتباطها بسرطان القولون! أطرف أخبار الأسبوع جاء من تحت قبة مجلس الشورى. كان أعضاء المجلس يتحدثون عن غياب الإنجاز الرياضي.. وفي نفس اليوم - لاحظوا - كانت المنتخبات السعودية تتصدر دورة الألعاب الخليجية الثانية بأكثر من 100 ميدالية! الأعضاء الكرام يتحدثون عن اللوائح والأندية وأغلبهم لم يدخل ناديا، أو يحضر مباراة، بل ولا يعرف من هو متصدر الدوري! أما أجمل ما خرج من تحت القبة فهو قولهم إننا منذ أربعين عامًا لم نسجل أي إنجاز! وما زال الأعضاء يطرحون ذات الموضوع كل عام: هل يتم تحويل الرئاسة لهيئة أم لوزارة.. ولم يتم حتى الآن الالتفات لمداولاتهم! نجحت الجهات الأمنية في القبض على الشخص الذي حاول اختطاف طفل في إحدى المدن الأسبوع الماضي.. لكن هذا لا يكفي.. يجب تنفيذ عقوبة تعزيرية قاسية تردع من في قلبه مرض، وتقتل هذه السلوكيات الشاذة في مهدها حتى لا تتحول إلى ظاهرة. أجمل تصريحات الأسبوع جاء على لسان مدير عام الدفاع المدني…

آراء

الخصم لا يجب أن يكون الحكم!

الأربعاء ٢٨ أكتوبر ٢٠١٥

مذهل توجّه دوائر دبي نحو الخدمات الذكية، وهناك جهود مميزة تبذلها مختلف الدوائر لتسهيل الخدمات العامة وإنجاز المعاملات للجمهور والمستهلكين عبر الهاتف الذكي، لا يمكن تجاهل ذلك، ولا يمكن إنكار النقلة النوعية التي تحققت في فترة زمنية وجيزة منذ إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تحول التوجه العام من الحكومة الإلكترونية إلى الحكومة الذكية التي تقدم خدماتها في أي وقت ومن أي مكان طوال الأربع والعشرين ساعة. وفي مقابل ذلك، هناك توجه آخر متميز، وهو قياس نسبة رضا المتعاملين سواء كانوا داخليين أو خارجيين، عن الخدمات التي تقدمها كل دائرة، وهذا القياس يتم أيضاً إلكترونياً وبشكل دقيق ومميز، وهذا بلا شك سلوك حضاري راقٍ وجميل. وفي هذا الإطار بادر عدد من دوائر دبي إلى وضع مؤشر ذكي وفوري لقياس الرضا العام للمتعاملين والموظفين بشكل آني، بحيث يتيح هذا المؤشر قياس حالة الرضا من عدمه، وقياس حالة السعادة التي يمر بها المتعامل أو حتى الموظف، وفق وجوه مختلفة أحدها مبتسم وآخر حزين، ما كان له الأثر الكبير في تفاني الموظفين لخدمة المتعاملين حرصاً على بقاء المؤشر في حالة سعيدة، كما أن الدائرة تستطيع قياس رضا وسعادة موظفيها من خلال هذا المؤشر الفوري والدقيق. ولكن ومن باب الحياد طمعاً في نتائج دقيقة وسليمة، كان من المفترض أن تظهر نتائج…

آراء

حرب العراق كانت (خطأ) !

الأربعاء ٢٨ أكتوبر ٢٠١٥

في الحرب التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا على العراق قيل الكثير، وألفت عشرات الكتب، المواقف من تلك الحرب كانت متناقضة، كثيرون صدقوا، انطلت عليهم الأكاذيب الملفقة التي صنعوا منها ملفاً ضخماً، ركض به (كولن باولن) إلى نيويورك، ليقف على منصة المنظمة العالمية ليبتز العالم للموافقة، كان ذلك مطلع عام 2003، قال لهم مشيراً بعصا صغيرة، وبكذب كبير وفاضح: «هنا مصانع الكيماويات، هنا أسلحة الدمار الشامل، هنا يصنع العراق ما سيدمر به حضارة الغرب»، هنا وهنا، وصدق المتفرجون في القاعة الكبرى في الأمم المتحدة، صدقوا أو أجبروا على التصديق، المهم أنهم رفعوا أيديهم، ومنحوا الجنرال كولن باول الموافقة على ضرب العراق، وتدمير الأسلحة الكيماوية، وأسلحة الدمار الشامل!! اتضح مباشرة بعد ذلك التاريخ بوقت قصير أن ما أدلى به كولن باول ليس معلومات استخباراتية صحيحة أو حتى حقيقية، وقيل يومها أن معظم أوراق الملف الذي قرأه الجنرال الأميركي ليس سوى معلومات مسروقة بالكامل من رسالة جامعية لأحد الطلاب، لكن جعجعة الحرب كانت أعلى صوتاً من أصوات الباحثين عن الحق والعدالة، يومها كان المطلوب أن لا يعلو صوت على صوت إشاعة الرعب وبذر الخوف في قلوب الأنظمة والحكام والشعوب من النظام الإرهابي في العراق بكل ترسانة أسلحة الدمار التي يصنعها ليدمر بها الحضارة الغربية، وقد خفتت كل الأصوات لتنطلق أصوات القاذفات والقنابل والصواريخ…

آراء

زيارة الضفة وغزة تطبيع.. أعيدوا النظر

الأربعاء ٢٨ أكتوبر ٢٠١٥

هل صحيح أن زيارة الضفة الغربية وقطاع غزة تُعد تطبيعاً مع الإسرائيليين؟ وهل يتعين أن نسعى للتواجد هناك لضرورات الدعم الإنساني فقط؟ حرب على غزة تفرض علينا التوجه بالمعونات الإنسانية والطبية ودخول بعض الأطباء والناشطين في مجال الخدمة الإنسانية وتوزيع المساعدات؟ أو حملات تبرع لدعم انتفاضات أهلنا في فلسطين ضد الاحتلال؟ اذا كان هذا امراً مطلوباً في اوقات الحرب، فلماذا لا يكون مستمرا طيلة العام وفي أوقات الهدوء؟ لطالما شغلني الأمر، ومن وجهة نظري تتطلب هذه الفكرة اعادة نظر وتفكير هادئ في صحته من عدمها، وافضل ما يمكن تصوره هنا هو ان الدعم الانساني اذا كان واجباً في اوقات الحرب، فلماذا نمتنع عنه في غير اوقات الحرب بحجة ان ذلك يعد تطبيعاً؟ بالطبع، ليس الدعم الانساني الطارئ هو المطلوب فحسب، بل يتعين ان نتعامل مع الموضوع من باب الدعم الشامل الذي يحتاجه الفلسطينيون. الدعم الذي نتباكى دوماً على تقصيرنا نحن العرب في أدائه بوصلات الولولة وجلد الذات والردح كلما اندلعت انتفاضة في فلسطين وكلما شنت اسرائيل عدواناً او قامت بالتنكيل بأهلنا في الضفة وغزة. لماذا يتعين ان يبقى الفلسطينيون معزولين في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي وسياسات البطش والتنكيل، فيما ينأى العرب بأنفسهم عن دعمهم الا بشكل موسمي وطارئ وفي اطار رد الفعل على الحروب الاسرائيلية او عند انطلاق الانتفاضات الفلسطينية؟ ان…

آراء

الموقف السعودي وانكسار بشار

الأربعاء ٢٨ أكتوبر ٢٠١٥

حضر الأسد إلى الكرملين شاحب الوجه، تبدو عليه علامات الانهزام والانكسار، ويسكن ملامحه القلق والخوف، لكن الروس أحضروه ليبصم على ما يروه، وليؤكدوا للعالم أن مفاتيح الحل لم تعد في أي عاصمة سوى موسكو   ماذا يعني أن يزور بشار الأسد موسكو وحيدا معزولا وفي سريّة تامة، وعلى متن طائرة عسكرية روسية دون أن يرافقه أحد من وزرائه أو رجالاته؟ هل يعني أن النظام أصبح يتمتع بقوة وشكيمة جديدة، أم أن العكس هو الصحيح؟ هل قصد الكرملين من إحضار الأسد بتلك الطريقة الدونية، إيصال رسالة إلى العالم أن الملف السوري برمته أصبح في عهدة الكرملين، وأن أية مفاوضات حوله لا بد أن تبدأ وتنتهي بقرار موسكو، وأن الخيوط ومفاتيح الحل باتت كاملة في يدها؟! أعتقد أن التحليل الأخير هو الأقرب لحقيقة الزيارة من ناحية التوقيت والدلالة، وإلا لمَ لمْ يزر الأسد طهران طوال خمس سنوات من اندلاع الثورة السورية، وهي الدولة الحليفة له والتي لم تتورع عن مشاركته في جرائمه ومده بالمال والسلاح والميليشيات؟! هنا، لا بد من التصحيح للبعض، أن "الأسد" ليس هو من اتخذ قرار الزيارة إلى موسكو، بل الأخيرة من استدعته وأحضرته وأعادته على متن طائرة عسكرية روسية، ولم تسمح بأن يرافقه خلال الرحلة أو الاجتماع مع الرئيس بوتين أي مسؤول سوري، إذ كانت الزيارة مغلفة بالسرية…

آراء

مأزق اسرائيل العميق

الإثنين ٢٦ أكتوبر ٢٠١٥

في العام 1987، كان رمزي ابورضوان المولود في مخيم الأمعري للاجئين قرب بيت لحم ، طفلا في الثامنة من عمره خلدته صورة شهيرة وهو يحمل حجرا بيده في مواجهة جنود اسرائيليين. اما اليوم فهو عازف كمان وموسيقى شهير يقيم ما بين الضفة الغربية وفرنسا. وفي 18 اكتوبر، اخترقت رصاصة قناص اسرائيلي صدر الشابة داليا نصار التي كانت الفتاة الوحيدة في تظاهرة للشبان الفلسطينيين قرب مستعمرة "بيت إيل" القريبة من مدينة رام الله. اخترقت الرصاصة صدر داليا واخطأت قلبها بفارق ملليمتر واحد فقط واستقرت قرب عمودها الفقري، لكنها نجت من الموت بأعجوبة. والدها المتحدر من مدينة نابلس فقد قضى بدوره 13 عاما في السجون الاسرائيلية فيما دخلت والدتها المقدسية الأصل اضرابا عن الطعام في غرف التحقيق الاسرائيلية أيضا.  ولاولئك الذين لا يرون في انتفاضات الفلسطينيين سوى تحريض ديني، نذكر أن داليا شابة مسيحية وناشطة يسارية. بين رمزي ابورضوان الطفل عام 1987 والشابة داليا نصار في 2015 انتفاضتان وأربعة حروب اسرائيلية على الضفة الغربية وقطاع غزة والقاسم المشترك هنا بين جيل الأبناء وجيل آبائهم هو مقاومة الاحتلال الاسرائيلي. هذه ليست قصة جديدة، بل انها الرواية الفلسطينية الوحيدة منذ بدايات القرن الماضي عندما اعطت حكومة الاحتلال البريطاني ما لا تملك لمن لا يستحق، اي بالضبط منذ 98 عاماً. لهذا فان لكل جيل فلسطيني…