واصل تنظيم داعش تقدمه في ريف حمص الشرقي واقترب من مدينة تدمر الأثرية في ظل استمرار المعارك العنيفة بينه وبين قوات النظام في المنطقة، وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان. وتمكّن مقاتلوه، يوم أمس، من السيطرة على منطقة المحطة الثالثة ومحطة كهرباء (الأبتر) الواقعة على طريق دمشق، وتقدموا على أطراف المدينة الشمالية، وحاصروا ضباطًا تابعين لجيش النظام وعوائلهم في مساكنهم بالهجانة شمال المدينة، وفق ما ذكر «مكتب أخبار سوريا»، قبل أن تتوارد الأخبار، عن إعدام التنظيم لـ26 مدنيًا، أمس (الخميس)، قرب تدمر التي يحاول التقدم إليها في محافظة حمص وسط سوريا، وأقدم عناصره على قطع رؤوس عشرة منهم، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال المرصد، إن التنظيم «قام بإعدام 26 مدنيًا على الأقل، وفصل رؤوس ما لا يقل عن عشرة منهم في قرية العامرية ومدينة السخنة قرب تدمر، بعد اتهامهم بـ(العمالة والتعاون مع النظام النصيري)».
واندلعت المعارك في مناطق في ريف حمص الجنوبي بين التنظيم الجهادي وقوات النظام السوري ليل الثلاثاء – الأربعاء. وتمكن التنظيم من السيطرة على بلدة السخنة الواقعة على طريق سريع يربط محافظة دير الزور (شرق)، أحد معاقل التنظيم، بمدينة تدمر الخاضعة لسيطرة قوات النظام.
وتسببت المعارك بمقتل أكثر من 125 عنصرًا من الطرفين بينهم سبعون من قوات النظام والمسلحين الموالين.
ولجأت إلى تدمر 1800 عائلة خلال الساعات الماضية، بحسب مصدر رسمي سوري، هربًا من المعارك التي تسببت بمقتل أكثر من 110 مقاتلين من الطرفين، بحسب المرصد.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن: «باتت تدمر مهددة من مقاتلي التنظيم الذين أصبحوا على بعد كيلومترين من المدينة» الواقعة في محافظة حمص، مشيرا إلى أن «الاشتباكات تدور حاليًا في محيطها من الجهة الشرقية».
وأضاف: «النظام السوري صدم بالتقدم السريع والمفاجئ لتنظيم داعش وسيطرته على السخنة ومناطق في محيط المدينة، ونخشى أن يكون مصير آثار تدمر كمصير آثار العراق، وأن يتم تدمير الحضارة السوريا كالذي شهدته الأراضي العراقية».
وذكر «مكتب أخبار سوريا» أنّ اشتباكات «عنيفة» دارت بمحيط مطار تدمر العسكري وسط قصف صاروخي شنّه مقاتلو التنظيم على المطار وعلى برج الإشارة المجاور له، مما تسبب باشتعال النيران في البرج، مشيرا إلى أن «داعش» فجّر سيارة مفخخة يقودها انتحاري على الحاجز الشرقي التابع للنظام والواقع عند أطراف بلدة السخنة التي سيطر عليها التنظيم، أول من أمس.
وأفاد بتعزيزات عسكرية «ضخمة» تابعة للقوات النظامية شوهدت تخرج من مدينة حمص متجهة نحو ريفها الشرقي.
وقال المكتب إنّ الطيران الحربي التابع للقوات النظامية شنّ صباح أمس، سبعة غارات مستهدفًا حي العامرية شمال مدينة تدمر بريف حمص الشرقي الذي سيطر عليه التنظيم أول من أمس محدثًا «دمارًا واسعا» بالحي. وكانت المعارك في المنطقة قد اندلعت بين «داعش» وقوات النظام ليل الثلاثاء الأربعاء. وتمكن مقاتلو التنظيم، أول من أمس، من السيطرة على بلدة السخنة التي تقع على طريق سريع يربط محافظة دير الزور (شرق)، أحد معاقل «داعش» بمدينة تدمر الخاضعة لسيطرة قوات النظام.
وأعلن التنظيم على مواقع إلكترونية «تحرير مدينة السخنة بشكل كامل (…) مما أدى إلى فتح الطريق الدولي بين ولايتي حمص والخير»، وهي التسمية التي يطلقها على محافظة دير الزور.
ونشر «داعش» صورًا تظهر مقاتلين منه في مواقع عسكرية قال إنها كانت لقوات النظام. كما نشر صورًا أخرى لأسلحة وذخائر وقذائف موضبة في صناديق أفاد بأنها «غنائم»، حصل مقاتلوه عليها بعد سيطرتهم على الحواجز العسكرية.
وقال محافظ حمص طلال البرازي إن «1800 عائلة من بلدة السخنة فرت إلى مدينة تدمر» إثر احتدام الاشتباكات أول من أمس»، مشيرًا إلى إيواء العائلات النازحة في ثلاثة مراكز في المدينة.
ارتفعت حصيلة القتلى في المعارك منذ اندلاعها، وفق المرصد، إلى سبعين عنصرًا على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بينهم ستة ضباط، وما لا يقل عن أربعين عنصرًا من التنظيم بينهم قياديان تولى أحدهما قيادة الهجوم. ونعى التنظيم «الشيخ المجاهد أبي مالك أنس النشوان» الذي قال إنه قضى في معارك السخنة. وأشار المرصد إلى «إصابة مائة عنصر على الأقل في صفوف الطرفين بجروح».
وتعد آثار مدينة تدمر واحدة من ستة مواقع سورية مدرجة على لائحة التراث العالمي في عام 2006، أبرزها قلعة الحصن في حمص والمدينة القديمة في دمشق وحلب (شمال).
وقال المدير العام للمتاحف والآثار السورية، مأمون عبد الكريم، لوكالة الصحافة الفرنسية: «إنها اللحظة الأصعب بالنسبة إلى منذ أربعة أعوام. إذا دخل تنظيم داعش إلى تدمر، فهذا يعني دمارها. إذا سقطت المدينة فستكون كارثة دولية».
وأضاف: «سيكون ذلك تكرارا للبربرية والوحشية التي حصلت في نمرود والحضر والموصل»، في إشارة إلى المواقع والآثار العراقية التي دمرها مقاتلو التنظيم في العراق في شهري فبراير (شباط) ومارس الماضيين.
وتعرض أكثر من 300 موقع ذي قيمة إنسانية للدمار والضرر والنهب خلال أربع سنوات من النزاع السوري، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة بناء على صور ملتقطة من الأقمار الاصطناعية.
ونجم جزء من هذه الأضرار عن المواجهات العسكرية بينما وقع بعضها الآخر نتيجة «عمليات تنقيب غير شرعية وأعمال جرف أحيانا»، على غرار ما حصل في ماري ودورا أوروبوس وأفاميا وعجاجة (شمال شرقي)، ووادي اليرموك في درعا (جنوب)، وحمام التركمان بالقرب من الرقة (شمال).
المصدر: الشرق الأوسط