عندما كشف تيم كوك النقاب عن “أبل ووتش” في أيلول (سبتمبر)، قال الرئيس التنفيذي للشركة الصانعة للآيفون، إنها تعتبر “الجهاز الأكثر شخصية الذي استحدثناه على الإطلاق”. وبعض نماذجها أيضا تعد أغلى منتج لـ”أبل” منذ أكثر من 30 عاما.
توفر الساعة الجديدة ميزات ووظائف أعلى من تلك الموجودة في الساعة الرياضية “أبل ووتش سبورت” المصنوعة من الألمنيوم، التي تبدأ بسعر 350 دولارا. وحجم الذهب عيار 18 قيراطا في الغلاف، والإبزيم يجعلها الأداة الأغلى لـ”أبل”، إذ يكلف الأنموذج الأرقى منها سعرا يصل إلى 17 ألف دولار.
وكان سعر “ليزا”، الكمبيوتر الذي انتزعت منه الساعة الجديدة لقب المنتج الأغلى الذي تصنعه “أبل”، قد بلغ عشرة آلاف دولار حين صدر عام 1983. واستغرق تطوير ليزا خمس سنوات تحت إشراف مؤسس “أبل” المشارك، ستيف جوبز. وبيعت منه 100 ألف وحدة فقط وينظر إليه على أنه واحد من إخفاقات الشركة.
و”أبل ووتش” هي أول فئة منتجات جديدة تخرج من الشركة منذ وفاة جوبز في عام 2011. وتسعيرها وتصميمها الفاخر يبين مدى أمل كوك ورئيس قسم التصميم في الشركة، السير جوناثان آيف، في أن تتمكن بها “أبل” من تجاوز وادي السليكون، بالدخول في قطاع مرموق أكثر في عوالم الأزياء والحلي المربحة.
وقال السير جوناثان في مؤتمر العام الماضي: “أنا أرى أن ووتش تعتبر خطوة بعيدة عما يفهم تقليديا بالإلكترونيات الاستهلاكية”.
جان دوسون، المحلل في معهد جاكدو لأبحاث التكنولوجيا، يقول إن “”أبل” دائما تدور حول المنتجات الفاخرة وبأسعار معقولة – في النهاية الأعلى للنطاق السعري، ومع إحساس متميز، لكن دائما في متناول المستهلك العادي. وهذه هي المرة الأولى التي تنتقل فيها “أبل” إلى الترف الواضح”.
المحاولات السابقة من جانب مجموعات التكنولوجيا لبيع الأجهزة الجوالة بآلاف الدولارات بدلا من مئات الدولارات شملت مجموعة بورشه ديزاين من بلاك بيري، وفيرتو، قسم الهاتف المحمول السابق لـ”نوكيا” الذي بيع لشركة الأسهم الخاصة EQT في عام 2012.
يقول إيثان إمبودن، الذي يعمل مع شركات التكنولوجيا الناشئة في شركة التصميم “فْروغ”: “إن فكرة محاولة اقتحام فضاء الأزياء هذه مع التكنولوجيا تعتبر فكرة ناجحة لعدد قليل جدا”.
“فيرتو” حققت رواجا لاسمها من بيع الأشياء المبهرجة إلى الأغنياء الجدد، لكن أحدث نماذجها تتجنب الذهب والألماس مقابل مظهر فاخر يميل إلى ألا يكون بارزا، وذلك باستخدام مواد مثل جلد النعام.
لكن حتى بالنسبة لكثيرين ممن يمكن أن يتحملوا أسعار فيرتو، كانت جاذبية آيفون أقوى، على الرغم من أن الذهب الملوّن الذي أدخلته “أبل” على الهاتف الذكي في 2013 كان سطحيا فقط.
يقول داوسون: “تجربة “فيرتو” تعلمنا أن البهرجة بحد ذاتها ليست كافية”. ويضيف: “لم تكن هواتف رائعة في المقام الأول”.
ويشير إلى أن “أبل” في وضع أفضل؛ لأن علامتها التجارية في الأصل علامة يطمح الناس إلى امتلاكها، على الرغم من أنها باعت 75 مليون آيفون من النوع الموجه قطعا للسوق العامة في الربع الأخير وحده.
ومع ذلك، يرى بعضهم أن التسعير المرتفع لأبل ووتش يعتبر قفزة كبيرة خارج نطاق “أبل”.
كريستيان مادسجيرج، المؤسس المشارك لـ ReD، وهي شركة استشارية تحصي “سامسونج” و”أديداس” بين عملائها، يرى أن “أبل” تخاطر بالوقوع في الخطأ الذي وقعت فيه لوي فويتون عندما حاول رفع أسعار حقائبه الفاخرة لعملائه في الصين وروسيا.
ويقول: “نسمي هذا؛ استراتيجية الأغنياء أغبياء” وهي “لن تكون ناجحة” بالنسبة لشركة أبل. ويضيف: “سيبيعون كميات محدودة في بعض الأماكن، لكنها ليست استراتيجية مستدامة؛ لأن الأغنياء ليسوا أغبياء. وسيبدأون في التساؤل: “لماذا يجب علينا دفع مبلغ أكثر إلى هذا الحد الكبير؟”.
إحدى العقبات المحتملة للنجاح هي التقادم السريع لأي تكنولوجيا. ففي حين أن صناع الساعات الفاخرة يسوقون الساعات باعتبارها من المقتنيات المستقبلية، إلا أن الناس المطلعين على خطط “أبل” يقولون إن الإصدار التالي من ساعتها الذكية هو الآن قيد التطوير، ومن المقرر إطلاقه في العام المقبل.
وكما يجادل مادسجيرج، الهوامش العالية للساعة المذهبة قد تثير إعجاب وول ستريت، التي دفعت القيمة السوقية لـ”أبل” إلى أعلى من 750 مليار دولار منذ أن أبلغت عن أعلى صافي أرباح في تاريخ الشركات الأمريكية في كانون الثاني (يناير)، لكن ليس إعجاب المشترين المحتملين الآخرين.
ويتابع: “إنها تعزل الجمهور الأساسي لديك عندما يصبح تركيزك بالدرجة الأولى على المال السريع في آسيا”.
ويأخذ الآخرون رأيا مخالفا، يرى أن الساعات الفاخرة المذهبة ستضيء هالة حول شقيقاتها من الساعات التي تباع بأسعار ميسرة.
ويقول إمبودن: “هي تغير تصوري لعملية الشراء التي أمارسها”، لا سيما إذا كان سعرها ألف دولار مقابل أنموذج فولاذي، في رأيي هذا يبدو معقولا.
وبالنسبة لبعض العملاء في النهاية الراقية، حتى مبلغ 17 ألف دولار يعتبر سعرا قليلا يُدفع ثمنا لساعة. وحقيقة أنها ستكون قديمة خلال سنتين أو ثلاث سنوات تزيد من قيمتها الظاهرية المفتعلة.
ويقول آرييل آدامز، رئيس تحرير موقع الساعات الفاخرة: “إنهم يعرفون أنك إذا اشتريت أبل ووتش المذهبة، فإن هذا لن يكون استثمارا طويل الأجل”. ويتابع: “إنهم يريدون فقط التباهي”.
ووفقا لإمبودن، وجود خيار مذهب من بين عديد من أشرطة أبل ووتش القابلة للتبديل قد يجذب أيضا المزيد من الزبائن، بطريقة واعية، ويسمح لهم بتخصيص جهاز حميم ربما يمكن أن تبيع الشركة منه عدة ملايين.
ويقول: “الموضة بالنسبة لكثيرين وسيلة للفردية والتعبير عن الذات. ومن وجهة نظر التصميم، فإنها ترسل ما أعتقد أنه رسالة مناسبة: نحن نستخدم الذهب والمجوهرات، وهناك تقليد في ذلك، لذلك لن تقدم لك [أبل] ذهبا مزيفا”.
في العامين الماضيين جمعت الشركة فريقا من المختصين في قطاع المنتجات الفاخرة، بما في ذلك قائدة بيربري السابقة، أنجيلا آهرنتس، وبول دينيف من إيف سان لوران، والمصمم مارك نيوسون، لمساعدتها على فهم ديناميكيات مجلة “فوج” وأسبوع الموضة وباريس، حيث ظهرت ووتش.
السير جوناثان، أعلى محدد للاتجاهات والأساليب في “أبل”، قال في حديث مع مجلة “كيف ينفقونها” التابعة لـ “فاينانشيال تايمز”: “إن اهتمامي بالطريقة التي يمكن بها أن نجعل الساعة جيدة قدر الإمكان أعلى بكثير من اهتمامي بعدد الساعات التي يمكن أن نبيعها”.
لكن في الوقت الذي ينظر فيه كوك إلى المستقبل، قد تختبر أبل ووتش المذهبة عمق محافظ زبائنها في الوقت الذي تجري فيه الأبحاث حول منتج بسعر أعلى حتى من الساعة، وهو السيارة.
ويقول آدامز: “إنهم يفكرون أصلا في العلامة التجارية الفاخرة من الإلكترونيات الاستهلاكية”. ويضيف: “إنهم يشعرون أن (ساعة ذات سعر متميز) هي خطوة طبيعية في الاتجاه الذي يريدون الدخول فيه. العلامات التجارية الأخرى من شأنها أن تفعل ذلك لو كان هذا بمقدورها”.
تيم برادشو من سان فرانسسكو – FINANCIAL TIMES
المصدر: الاقتصادية