ضابط في شرطة دبي برتبة مقدم ، حاصل على درجة الدكتوراة من جامعة سالفورد بالمملكة المتحدة في إدارة التغيير وعلى درجة الماجستير في الإدارة العامة (MPA) من جامعة ولاية أوريجون بالولايات المتحدة الأمريكية، مهتم في مجال الجودة والتميز المؤسسي ، يعمل حالياً مديراً لمركز أبحاث التميز بالإدارة العامة للجودة الشاملة بشرطة دبي
عام 1980 وأنا في عمر الخمس سنوات أخذني أخي هشام معه للنادي، نادي الشارقة حيث كان لاعباً لرياضة تنس الطاولة مع جيل ذهبي من أبناء الهاجري الكرام وسنوات من التفوق والصدارة على مستوى الدولة. اليوم لا أذكر جيداً من أحداث البداية إلا مدربنا الكوري الجنسية الذي غادر بعدها بسنة. في 1981 جاءنا من أرض الكنانة مدرب مصري (قبطي) اسمه سمير جورج، علاقة بدأت في ذلك العام ومازالت مستمرة إلى اليوم بالرغم من أني تركت ممارسة اللعبة منذ العام 1992 وهو ترك التدريب بعدي بسنوات قلائل.
الكابتن سمير لم يكن فقط مدرباً يبدأ إشرافه علينا أول الحصة التدريبية إلى نهايتها فقط وهي عادة لا تستغرق أكثر من ساعتين، بل كان في مكانة الأب، كنت دائماً أقول له: «أنا لي والدان: أبي في البيت، وأنت أبي هنا». لحرصه الشديد كان الكابتن سمير هو من يأخذنا بسيارته الخاصة من البيت إلى النادي والعكس، وكان كثيراً ما يذهب إلى مدارسنا ويسأل عن مستوانا التعليمي، وإن رأى فينا ضعفاً في إحدى المواد سعى لإدخالنا معاهد تعليمية على نفقة النادي. كما أذكر وأنا صغير أنه كان يشتري لي على حسابه الخاص (چلي بالفراولة)، حيث كان يشدني منظره الشهي وهو في ثلاجة كانتين نادي الشارقة الذي كان يقع حينها مقابل المسبح.
في ذلك العمر ومع دخولي فترة المراهقة كثرت أخطائي وتصرفاتي الصبيانية إلا إنه كان خير مرشد لجميل وأفضل الأخلاق بأسلوب حسن. حتى في الجانب الرياضي، سهر على تدريبنا وكنا ننافس ونفوز وأصبحنا نمثل دولتنا في المحافل الدولية.
من جميل أفكاره، حين كانت ميزانية النادي لا تسمح بإقامة معسكرات خارجية خصوصاً فئتنا العمرية الصغيرة، أنه سعى لمعسكرات داخلية بأقل الأسعار (في مدينة العين). ومازلت أذكر عام 1986 عندما تم إلغاء لعبة تنس الطاولة من نادي الشارقة كيف اجتهد لينتقل الفريق بكامل طاقمه التدريبي إلى نادي النصر الذي لم تكن تمارس فيه هذه اللعبة (في سابقة هي الأولى والأخيرة بتاريخ رياضة الإمارات)، اليوم نادي النصر ومنذ سنوات يعتبر هو الأفضل في هذه اللعبة والمهيمن على بطولاتها على مستوى الدولة.
من الظلم اختصار قصة علاقة سنوات بين أب وابنه (هكذا أعتبرها) في مقال، لكن الذي ذكرني بهذه العلاقة التي أعتبرها راقية هو حالنا اليوم، إذ بات عبارة عن علاقة انفصام بين الإنسانية والحب، وفي هذا الوقت بالتحديد أصبح معيار الولاء والبراء هو موقفك من الأحداث في المنطقة!
قبل سنة ونيف يوم وفاة الحبيب والدي رحمه الله، جاءني معزياً فقلت له: كان لي والدان، اليوم أصبح واحداً هو أنت .. شكراً لكل عطاياك يا أبي سمير جورج.
المصدر: صحيفة الرؤية