على الرغم من استخدام اللغة الإنجليزية على نطاق واسع في الإمارات، إلا أن هذا لم يمنع الكثير من غير العرب من الاهتمام باللغة العربية، سواء المراكز التي تحرص على تكريس دورات لتقديم اللغة العربية الفصحى واللهجة الإماراتية، أو حتى من قبل الأجانب الذين يعيشون في الإمارات ويدفعهم الفضول لتعلم اللغة. فتعلم اللغة يعد الأساس لفهم ثقافة البلد وحضارته وعاداته، كما أكدت الرئيس التنفيذي لمركز «اقرأ» لتعليم اللغة العربية، يسرى الهاشمي، التي شددت على وجود الكثير من الاهتمام بتعلم اللغة، سواء الفصحى أو حتى اللهجات العربية.
وقالت الهاشمي في حديثها لـ«الإمارات اليوم» إن «فكرة المركز تبلورت من خلال ملاحظتنا عدم تحصيل الطلاب حقهم من اللغة العربية في المدارس، فقررنا تقديم ما يعوضهم عما يغيب عنهم في المدارس، فاللغة العربية غائبة عن الحوارات والأحاديث، كما أن هناك نسبة كبيرة من الأجانب الذين يعيشون في الإمارات، ويرغبون في تعلم اللغة». ولفتت الهاشمي إلى أن تعليم اللغة العربية يندرج ضمن نوعين، أولاً تعليم غير الناطقين بـ«العربية» وهم الأجانب، ويتعلمون اللغة العربية الفصحى أو اللهجة الإماراتية، ومنهم من يبدأ يتعلم الفصحى ثم ينتقل إلى اللهجة الإماراتية، وهذا ما ننصح به عادة، كي يتقنوا أساسيات اللغة، فالمركز يقدم اللغة العربية بطريقة بسيطة، فيكون تعلم اللهجة الإماراتية أسهل وأفضل. وأشارت إلى وجود إماراتيين يتعلمون اللهجة الإماراتية، لأن أمهاتهم غير إماراتيات، ولا يتقنون اللهجة الإماراتية بالشكل الصحيح، مشيرة إلى أن الدورات التي تقدم لهؤلاء تصمم بطريقة خاصة تكون أكثر ارتباطاً بتخصص الشخص ومجاله العملي، فيتم التركيز على المصطلحات التي يستخدمها في عمله، خصوصاً أن سبب تعلمه يكون مواجهة مشكلات في التعبير باللهجة الإماراتية في مجال العمل، وهذا ما يحرجه كونه إماراتياً. وأكدت أن 60% يدرسون اللغة بسبب عملهم، و40 % بهدف التواصل، موجهة نصيحة لكل من لا يعرفون اللغة العربية بضرورة تعلمها، لأنها تعرفنا على ثقافة البلد وعاداته.
وأشارت الهاشمي إلى وجود 12 مستوى لدراسة اللغة العربية، والمستوى الأول يقسم إلى ثلاثة مستويات، وهو كافٍ لقراءة وفهم اللغة العربية وتركيب الجمل، إذ يقدم منطق اللغة، مشيرة إلى أنه يتطلب 60 ساعة، ولفتت إلى أن المستويات الأخرى تتشابه في التقسيم والوقت، ويتم تقديم ساعات كل مستوى ضمن مهلة تمتد إلى ثمانية أسابيع، منوهة بأن الدراسة تم تصميمها وفق معايير دراسة اللغات الأخرى.
وحول الإقبال على تعلم اللغة، أكدت الهاشمي أن الإقبال الأكبر على تعلم اللهجة الإماراتية، لأن أغلب من يتعلمون اللغة العربية أشخاص يحتكون بالعرب، ولهذا يريدون تعلم اللغة، فنجد الميل أكثر إلى تعلم لهجة البلد الذي يعيشون فيه. وأشارت إلى وجود مجموعة من الذين يريدون دراسة اللهجات العربية الأخرى لأنهم عاشوا فترة في الخارج، ويريدون تحدث لهجة أهاليهم وبلادهم، منوهة بأنهم يقدمون اللهجات الأخرى فيما لو توافر الأستاذ الذي يقدمها.
ورأت الهاشمي أنه من الأفضل للأجنبي أن يتعلم اللغة العربية الفصحى، لأنه هكذا يتعلم أساسيات وقواعد اللغة، ففي اللهجات تغيب القواعد والقوانين، والطالب الأجنبي لا يدرك هذا الفرق، ولهذا غالباً ما نفسر الفرق، لاسيما أنه في اللهجة هناك عبارات تؤخذ من لهجات أخرى أو تتعارض مع عبارات في لهجات أخرى، لكن لا يمكن أن نغصب الطالب على دراسة الفصحى، أما الفئات العمرية الأكثر إقبالاً على الدرس بين الأجانب، فهم بين 15 سنة و60 سنة، ويتمتعون بحماسة خيالية في دراستهم.
وشددت على أن التدريس يكون باللغة العربية فقط، وحتى المدرسين والمدرسات لا يعرفون اللغة الإنجليزية، وذلك لأنه خلال تعليم اللغات يفضل عدم الترجمة، إذ يضطر الطالب إلى الانتقال من لغة للغة وهذا ليس جيداً، لكن هناك بعض الصفوف التي يستخدم فيها المدرسون الترجمة لإيصال المعلومة للطالب فقط. وأشارت الهاشمي إلى أن كثيراً من الذين يتعلمون اللغة العربية يتحدثون الفصحى، إذ يتم تعليمهم الفصحى وإطلاعهم على بعض المصطلحات التي يمكن أن يسمعوها في الخارج.
وتحديات تعلم اللغة العربية كثيرة، وهذا ما يجعلها أصعب من اللغات الأخرى، كما قالت الهاشمي «لكننا نسعى إلى استخدام الكلمات المشتركة بين جميع اللهجات، لهذا نستخدم لهجة بيضاء، كي نسهل على من يدرسون».
البولندية سيلفيا آدي تدرس اللغة العربية الفصحى، لأنها متزوجة من سوري، وتحتك باللغة العربية منذ سنوات، ووجدت اللغة العربية ممتعة وتجمع بين السهولة والصعوبة، ففهمها سهل، لكن الكتابة والقراءة والكلام بها صعبة، لافتة إلى أنها من الدرس الثالث بدأت تجيد الكلام بـ«العربية». بينما الهندي شهران بن أحمد، الذي يعيش في الإمارات منذ فترة، يعتبر أنه من الضروري تعلم اللغة العربية ولاسيما أن أولاده يتعلمون اللغة العربية في المدرسة، وبالتالي من الضروري أن يدرس اللغة العربية أيضاً. واعتبرها لغة سهلة لكنها تحتاج إلى التمرين والممارسة، معتبراً أن استخدامه للغة العربية سيكون في العمل أكثر. وقررت الكندية روبي جيرو دراسة اللغة العربية لأنها دائماً كانت تقدر الجهد الذي يبذله كل من يقصد كندا ويدرس اللغة الفرنسية، مشيرة إلى أن أول ما فكرت فيه حين قصدت الإمارات هو دراسة «العربية»، مؤكدة أنها لغة صعبة جداً، ومشددة على أنها ترغب في القدرة على الرد على كل من يكلمها بـ«العربية» أو على الأقل معرفة أساسيات اللغة. أما الهندية ميدا شاه فتدرس «العربية» لأنها تحب دراسة اللغات، ولأنها لغة الإمارات، معتبرة أنها لغة مثيرة للاهتمام.
لكن في الجهة الثانية هناك من قرروا تعلم الرمسة الإماراتية، ومنهم الباكستاني افتاب أحمد، الذي قال «ولدت في دبي، والعائلة كلها تفهم اللهجة الخليجية إلا أنا، وهذا ما دفعني إلى تعلم الرمسة الإماراتية». وشدد على أنه يحب الإمارات والبقاء في الإمارات، وأن تعلم اللهجة مهم له كونه يعيش في الإمارات كما أنها أسهل بالنسبة إليه. بينما قررت الهندية تيريزا كراستو، تعلم اللهجة لأنها تحب الإمارات وتعيش فيها منذ زمن طويل، معتبرة أن «الثقة هي أفضل ما يمكن أخذه من تعلم اللغة، وذلك في العمل أو في الأماكن العامة، لأنه من الضروري تعلم لغة أهل البلد الذي يعيش فيه المرء».
في حين كانت للأسكتلندية ستيسي دوافع أخرى، فقد قررت أن تدرس الرمسة الإماراتية لأن ابنتها إماراتية، ولهذا تريد أن تتواصل معها باللهجة المحلية أكثر، معتبرة أن اللهجة سهلة لمعرفة الكلمات لكنها ليست سهلة الاستخدام.
المصدر: الإمارات اليوم