أتفهم إصرار بعض أهل الخليج على قضاء إجازاتهم في لبنان على الرغم من التحذيرات المتتالية من بلدانهم. كثير منهم يملك بيوتاً أو شققاً في لبنان. و غالبيتهم ما يزال يؤمن بلبنان و بمستقبله، على الرغم من أن لبنان يعيش على «صفيح سياسي ساخن» منذ القدم.
أن تشتري عقاراً في بلاد خارج بلادك دلالة على ثقتك في تلك البلاد. ومع صدق الأمنية أن يزدهر لبنان إلا أنني كثيراً ما أسأل: ومتى استقر لبنان؟ أنت كخليجي في لبنان، مهما كنت، لن تخرج من دوائر التصنيف و التقسيم في لبنان. لابد أن تحسب على فريق ما. فإما أن تكون من محبي و أصدقاء أهل الجبل، حتى وأنت لست على دينهم، أو أن تكون من فريق الضاحية والجنوب لأنك – هكذا ينظر لك – على مذهبهم!
لا يمكنك أن تتمتع باستقلاليتك في لبنان. متناقضات شديدة التعقيد في لبنان. و مخاطر ما أن تهدأ حتى تبدأ من جديد. وأيدي اللاعبين هناك كثيرة. وليس فينا بريء من ذنوب لبنان. نحن – كدول – شركاء في إبقاء لبنان يعيش فوق صفيحه الساخن. و مع ذلك يصر بعضنا على قضاء الإجازات و الإقامة في لبنان.
أعرف أصدقاء من الخليج يعشقون لبنان أكثر من أهلها. لماذا؟ من حق الناس أن تختار أين تقضي إجازاتها. و من واجب الحكومات تحذير رعاياها من مناطق الخطر. لكن أن يتجاهل مواطن تحذيرات الأجهزة الرسمية في بلاده و لما يقع فيما حُذر منه يلقي باللائمة على بلاده و يستفزع بالصغير والكبير في وطنه فتلك مشكلة.
و لهذا نقول للأعزاء من عشاق لبنان و مدمني أجوائه أن يأخذوا التحذيرات هذه المرة بجدية. و أن يغادروا لبنان الليلة إن أمكن. فكلما زاد الخناق على السفاح في الشام , سعى لإثارة الفتنة والفوضى في بلاد الجوار. و هل سيجد أفضل من لبنان لينثر المزيد من سموم الفتنة و الانتقام؟