ضابط في شرطة دبي برتبة مقدم ، حاصل على درجة الدكتوراة من جامعة سالفورد بالمملكة المتحدة في إدارة التغيير وعلى درجة الماجستير في الإدارة العامة (MPA) من جامعة ولاية أوريجون بالولايات المتحدة الأمريكية، مهتم في مجال الجودة والتميز المؤسسي ، يعمل حالياً مديراً لمركز أبحاث التميز بالإدارة العامة للجودة الشاملة بشرطة دبي
بعد أن افتتح فرع لستاربكس بالقرب من مسجدي (مسجد الصبر) في مدينة بورتلاند، حيث كنت أدرس الماجستير، كنت كلما خرجت للصلاة وقبل فتح باب البيت أسمع زوجتي تناديني، وتقول: سعيد ممكن كوفي؟ أذهب بطبيعة الحال بعد الصلاة (راغباً لا مجبراً)، وأشتري كوبين لها ولي، وكان أكثر ما يشدني في فروع ستاربكس بأمريكا أن ريع كل قنينة ماء تشتريها تذهب إلى إفريقيا، لتوفير الماء الصالح للشرب لمزارعي القهوة هناك.
بعد سنوات رائعة قضيناها في الولايات المتحدة، بدأنا رحلة أخرى في بريطانيا للحصول على شهادة الدكتوراه، فكان المقهى المفضل لدي هو «كوستا» .. وكان لديهم مؤسسة خيرية تعمل على دعم الفقراء في الدول التي تشتري القهوة منها. عشت في بريطانيا خمس سنوات، وأعتبر نفسي متابعاً جيداً للعمل الخيري (على الأقل في مانشيستر حيث كنت أقيم)، الشاهد .. 80 في المئة من صناديق التبرعات تذهب لمراكز أبحاث، لدور أحداث، مؤسسات تعليمية وغيرها. أما مساعدة الفقراء، فالدولة مسؤولة عن توفير الأساسيات لهم من مسكن وتعليم وصحة وغذاء.
أنا على سبيل المثال كنت مقيماً (مبتعث على حساب جهة عملي)، لكن كنت أحظى مع عائلتي برعاية صحية مجانية، كما كان يدرس أبنائي بالمجان أيضاً. بعد هذه المشاهدات كانت ولازالت لدي أمنية في أن يذهب جزء من تبرعات المحسنين عندنا هنا في الدولة لمصادر تساعد في التنمية والتطوير، لكن الأهم توافر مثل هذا المراكز البحثية.
نعود مرة أخرى للشركات وطرقها في دعم العمل الخيري والإنساني في المجتمع، «صب واي» في مانشيستر مثلاً بعد أن تختار نوع الخبز وحجمه، ومن ثم نوع السندويتش والسلطات وبعد الدفع تجد أمامك حصالة حمراء اللون يذهب تبرعك لمركز أبحاث في أمراض القلب.
أما خبيرة العطور وصاحبة سلسلة محلات «جو ملون» العالمية، فقد خصصت جميع ريع واحد من أجمل وأروع عطورها «White Tie & Tiara» لمؤسسة السير التون جون الخيرية لمرضى الإيدز، حيث بلغ ريع البيع في العام 2010 فقط مبلغاً وقدره 150 ألف جنيه إسترليني ذهبت لعلاج 25 ألف طفل حامل لفيروس HIV.
كل هذه الشركات التي ذكرتها لها أفرع داخل الدولة، وتظهر جهودها الإنسانية الرائعة في مجتمعاتها حيث تأسست، ولكن وللأسف مشاركتها المجتمعية الخيرية هنا خجولة جداً، لا ألومها هي وحدها، فاللوم أيضاً يقع على الكثير من الجهات المحلية التي تكاسلت في إقامة شراكات معهم يتعاونون فيها على إعانة الملهوف
في الإمارات.
في المقابل لا بد من نقطة ضوء، فالعمل الإنساني لا ينتهي، فهو ولاّد، كل يوم تجد أفكاراً جديدة ومبادرات رائعة.
الأسبوع الماضي استمعت على إذاعة دبي أف أم عن مبادرة إنسانية متميزة لإغاثة اللاجئين السوريين في الأردن أطلقت عليها ملهمتها اسم «أرقام تتنفس». منى حارب لاحظت كيف يتناول الإعلام القضية السورية من خلال الأرقام: مئة ألف شهيد، عشرات الألوف من المساكن المهدمة، ملايين المهجّرين، فكانت فكرتها بأن تمنح لهذه الأرقام حياة، أرقام تتنفس الأمل .. تابعوها على حسابها في الأنستغرام munaharib لمعرفة تفاصيل حملتها الإنسانية، فهذه الكلمات لا تفيها حقها.
مساعدة الناس تحتاج نية متجددة دوماً، ولسان يلهث بهذا الدعاء «اللهم ارزقنا من العمل أخلصه وأصوبه .. اللهم آمين».
المصدر: صحيفة الرؤية