من خلال جولة لـ«الشرق الأوسط» على داري كريستيز وسوذبيز لاستكشاف أهم القطع التي تعرض في أسبوع مزادات الفن الإسلامي نرصد مجموعة هائلة من القطع الإسلامية، بعضها يحمل تاريخا عريقا وقصصا فريدة، وبعضها اكتفى بالجانب الجمالي الذي صمد في وجه السنوات ليعيد لنا صورة من رونق وبهاء الحرفي الإسلامي.
البداية كانت في قبو دار كريستيز بكينغ ستريت في لندن، القطع التي ستعرض للبيع يوم 8 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي تتناثر أمامنا على الطاولات وعلى الأرفف، تجلس بصمت وجلال حاملة في داخلها قصصا شهدت عليها بعضها معروف، والآخر ما زال مخبأ داخلها. سارة بلمبلي رئيس قسم الفن الإسلامي تمنحنا الفرصة لمعاينة بعض القطع المهمة التي ستعرض للبيع، وذلك قبل عرضها للجمهور. البداية مع قطعة سجاد نادرة تعود إلى لاهور من القرن الثامن عشر. السجادة التي يعرفها الكتالوغ بأنها مخصصة للصلاة دقيقة التفاصيل والألوان، وأيضا ناعمة الملمس بشكل مدهش، نعرف أنها غزلت من الحرير وأنها صنعت للبلاط المغولي. النقوش على السجادة أيضا تتميز باختلافها عن المعتاد، فألوانها غير تقليدية يتناغم فيها اللون الأصفر واللون البني الفاتح مع إضافة الزهور باللون الزهري.
وبالنسبة لقطعة يعدها مسؤولو المزاد نجمة مزاد السجاد، فالسعر يبدو مناسبا، فهو يتراوح بين 300 ألف و500 ألف جنيه إسترليني.
ولكن كريستيز في هذا المزاد تمنح الصدارة للمخطوطات حسب ما تشير بلمبلي، حيث يقدم المزاد 212 مخطوطة.
من العصر الفاطمي نلمح خنجرا يحمل مقبضا من الكريستال الصخري يختبئ في جراب قماشي أطرافه من الذهب المرصع بالياقوت والزمرد. المقبض الذي يتميز بصفاء ونقاء واضح في حالة جيدة، تعلق بلمبلي، وتجيب عن سؤال حول التاريخ خلف الخنجر قائلة، إنه لا توجد معلومات حوله ولا من صنعه أو حتى من امتلكه، ولكن يبدو من الطبيعي أن يكون قد صنع لأحد رجال البلاط في العصر المغولي أو حتى لأحد السلاطين.. «نرى في الرسومات التي وصلت إلينا عن بلاط القصور المغولية الحكام ورجال الدولة يحملون خناجر مشابهة». الخنجر يعرض للبيع بسعر يتراوح بين 30 ألفا و40 ألف جنيه إسترليني.
تمسك بلمبلي بقطعة أخرى من الكريستال الصخري، في الغالب استخدمت كزجاجة عطر، تشير إلى أنها من العصر الفاطمي، ليست بنفس نقاء مقبض الخنجر، لكن ذلك لا ينقص من جمالها كخامة أو كنقش.
من العصر الفاطمي (القرن الـ12) أيضا نلمح لوحا ضخما من الخشب المنقوش كان جزأ من باب وجرى وضعه في إطار صنع في سوريا في القرن الـ18. لا نعرف إن كان الباب لمسجد أو لقصر، ولكننا نعرف فقط أنه من النادر العثور على قطعة مماثلة من نفس الفترة في الأسواق العالمية الآن.
المفاجأة، على الأقل بالنسبة لي، كانت في قرآن مكتوب على ورق أزرق اللون نثرت عليه ذرات الفضة وكتب بماء الذهب. المصحف يعود إلى الهند في القرن الـ17. هل من المألوف رؤية مصحف مكتوب على ورق بهذا اللون؟ تقول بلمبلي: «لا أعتقد أنني رأيت الكثير من القطع المماثلة، اللون الأزرق مبهر وأتوقع أن يتجاوز السعر المقدر له (6 إلى 8 ألف جنيه). لدينا مصحف آخر قريب إلى حد ما منه، يعود إلى الأندلس وهو يعكس أيضا الاستخدامات الأولى للورق الملون».
صور من رحلة الحج يضم المزاد أيضا مجموعة من الصور الفوتوغرافية لمكة والمدينة التقطها محمد صادق بيه الذي صحب المحمل في رحلته من القاهرة إلى مكة في الفترة ما بين سبتمبر (أيلول) 1880 إلى يناير (كانون الثاني) 1881، وقام بتصوير مراسم الحج والأماكن المقدسة وتمثل مجموعة الصور التي نشرها فيما بعد في إحدى المجلات المصرية من أوائل الصور التي التقطت في المنطقة. ومن مكة أيضا نعاين قطعة من ستارة باب الكعبة تعود إلى أوائل القرن الـ20.
لندن: عبير مشخص – الشرق الأوسط