كاتب إماراتي
من المتوقع أن تشتد المنافسة بين مصدري النفط في العالم في الفترة القادمة وسط اتهامات واختلافات حادة وتقديم خصومات غير مسبوقة لكسب المزيد من الزبائن وزيادة الحصة السوقية لكل دولة.. هذه إحدى النتائج التي توصلت إليها الندوة المهمة التي نظمها الأسبوع الماضي مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية تحت عنوان «تطورات أسواق النفط الراهنة وانعكاساتها على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، وساهم فيها نخبة من الخبراء الأجانب والمحليين. وإلى جانب دول مجلس التعاون تم تناول أوضاع بعض البلدان الرئيسية المنتجة للنفط، كروسيا وإيران والعراق وإنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة والذي أضحى يُشكل 70% من إنتاجها من النفط، ويؤثر بصورة كبيرة ومباشرة في إيجاد فائض أدى إلى تدهور الأسعار في الآونة الأخيرة. وفيما يتعلق بروسيا باعتبارها أكبر منتج للنفط في العالم، فإنها بحاجة متزايدة لعائدات صادراتها من النفط والغاز، وبالأخص بعد تعقد الأزمة الأوكرانية والعقوبات المفروضة عليها من الغرب، مما يتوقع معه أن ترفع إنتاجها، كما صرح وزير الطاقة الروسي ليتجاوز عشرة ملايين برميل يومياً.
أما إيران التي تطالب دول مجلس التعاون الخليجي بتخفيض إنتاجها، فإنها عازمة بدورها على زيادة الإنتاج إلى أربعة ملايين برميل يومياً وفق تصريحات وزير النفط الإيراني، إلا أن ذلك سيعتمد على مدى إمكانية توصلها إلى اتفاق مع بلدان 5 +1، وبالتالي رفع العقوبات المفروضة عليها، إذ أنه من دون ذلك لن تجد مشترين لخاماتها، أو أنها ستضطر إلى تقديم خصومات كبيرة لن تستفيد منها كثيراً بسبب تدني الأسعار أصلاً في الأسواق الدولية. وفيما يتعلق بدول مجلس التعاون الخليجي، فقد أثبتت الأحداث صحة موقفها حول عدم تخفيض الإنتاج للمحافظة على حصتها في السوق، وهو القرار الذي اتحذته دول منظمة «الأوبك» بالإجماع في مؤتمرها الأخير، والذي عقد بالعاصمة النمساوية نهاية العام الماضي، وذلك رغم محاولة بعض بلدان المنظمة للضغط باتجاه خفض الإنتاج.
وإذا كانت اقتصادات العديد من البلدان المصدرة للنفط تعاني بشدة من جراء تدهور الأسعار بنسبة أكثر من 60% في غضون أقل من ستة أشهر، فإن اقتصادات دول المجلس كانت الأكثر قدرة ومرونة في التعامل مع هذا الانخفاض، حيث أعلنت جميعها عن موازنات لعام 2015 مساوية أو قريبة من مستويات موازنات عام 2014، كما أنها اتخذت خطوات لتخفيض بعض أوجه الانفاق غير الضرورية تحسباً للتذبذبات المتوقعة في أسواق النفط.
وفي هذا الصدد، أكدت وكالة التصنيف الائتماني «موديز» على هذه الحقائق عندما ثبتت في الأسبوع الماضي التصنيف الائتماني العالي لدول المجلس مع نظرة مستقبلية مستقرة، مضيفة: إن دول المجلس، وبالأخص الإمارات والسعودية تراكمت لديها فوائض نقدية كبيرة يمكن من خلالها تدراك أية سلبيات قد تنجم عن انخفاض عائدات النفط، مما يؤهلها للاستمرار في تمويل مشاريعها التنموية في الفترة القادمة.
وبشأن المستقبل القريب للتطورات الخاصة بأسعار النفط، فإن التوقعات تشير إلى أن منظمة «الأوبك» لن تغير من موقفها في اجتماعها الدوري القادم في شهر يونيو المقبل، وأنها ستُبقي على سقف إنتاجها البالغ 30 مليون برميل بغض النظر عما قد تصل إليه مستويات الأسعار حتى ذلك التاريخ، في الوقت الذي يتوقع فيه أن تتذبذب الأسعار بصورة كبيرة خلال ما تبقى من العالم الحالي وبداية عام 2016، وذلك إذا لم تحدث تطورات جيو– سياسية خطيرة قد تؤثر في هذه الأسعار صعوداً أو هبوطاً بشكل حاد. ندوة مركز الإمارات ألقت الضوء على قضايا مهمة للغاية تتعلق بمستقبل صناعة النفط، وبالتالي مستقبل الاقتصادات النفطية، خصوصاً أن المشاركين جاؤوا من مختلف بلدان العالم، وهو ما جعل تحليلاتهم وانطباعاتهم أقرب إلى الواقع.
المصدر: الاتحاد
http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=83903