تسجل تطبيقات تواصل اجتماعي عرض حيوانات محظورة، وطيور مهدّدة بالانقراض للبيع، رغم حظر تداول وبيع وشراء تلك الحيوانات، بموجب القانون، ما يعرض البائعين لعقوبات تراوح بين الحبس والغرامة، ومصادرة الحيوان المعروض للبيع.
وترصد وزارة التغير المناخي والبيئة أي تجاوزات بيئية على تلك الصفحات، خصوصاً التي تتعلق بترويج طيور وحيوانات ممنوع صيدها أو قتلها أو حيازتها، وتتولى الفرق المختصة في الوزارة ضبط المخالفين، وإحالتهم إلى الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وفق الوزارة.
«الإمارات اليوم» حقّقت في الأمر، مستندة إلى ما يباع ويشترى على صفحات للتواصل الاجتماعي، خصوصاً عمليات بيع وشراء طيور أو حيوانات محظورة، وتعرفت إلى قصص وحكايات تعرّض أصحابها لمواجهة إجراءات قانونية صارمة. ورصدت الجريدة صورة لطائر «البومة القزم» معروضة للبيع على موقع إلكتروني، على الرغم من أنها من أنواع الطيور المحظور صيدها وتداولها بموجب القانون، كونها مهدّدة بخطر الانقراض، وتعيش «البومة القزم» في صحراء وكهوف جبلية في الدولة.
وأجرت جولة على وسائط التواصل الاجتماعي، التي تعرض حيوانات وطيوراً للبيع، وتواصلت مع ثلاثة من مسؤولي ومديري الصفحات الأكثر انتشاراً في الدولة، التي يتابعها نحو 200 ألف مشترك في مواقع «إنستغرام» و«تويتر»، فضلاً عن مدونات إلكترونية ذات علاقة.
خلال الجولة على الشبكة الافتراضية، لاحظت «الإمارات اليوم» وجود حيوانات معروضة للبيع على صفحات للتواصل الاجتماعي، قد يكون محظور بيعها وتداولها، كونها مفترسة أو مهددة بالانقراض، على غرار الثعابين والقرود والزواحف والطيور، ليس من الدارج استئناسها وتربيتها، في الوقت الذي غلّظ فيه المجلس الوطني الاتحادي عقوبة هذا الفعل، لتصبح الحبس مدة تصل إلى عام، وغرامات قد تصل إلى مليوني درهم.
وتعرض مواقع إلكترونية غزلان وفحولاً بأعمار لا تزيد على بضعة أشهر، لقاء 5500 درهم للزوج منها، فيما تعرض قطط برية من فصيلة «وشق» بسعر 18 ألف درهم، و«ميركات»، وهو نوع من الحيوانات البرية تباع على وسائط للتواصل الاجتماعي بـ6000 درهم، و«أقوانا»، وهو نوع من الزواحف بـ1200 درهم، فضلاً عن سلاحف من نوع «سلكاتا»، التي عرضت بسعر 600 درهم، و«ناسو ناسو» من فصيلة القرود «راكون» لقاء 3000 درهم.
وتستهدف تعديلات القانون الحفاظ على التنوع الحيوي في الدولة، واستغلاله الاستغلال الأمثل لمصلحة الأجيال الحاضرة والمقبلة، وحماية المجتمع وصحة الإنسان والكائنات الحية الأخرى من جميع الأنشطة والأفعال المضرّة بيئياً، أو التي تعيق الاستخدام المشروع للوسط البيئي، وتنفيذ الالتزامات التي تنظمها الاتفاقيات الدولية أو الإقليمية المتعلقة بحماية البيئة ومكافحة التلوث والمحافظة على الموارد الطبيعية التي تصادق عليها أو تنضم إليها الدولة.
توجهت «الإمارات اليوم» إلى صاحب صفحة «عزب الإمارات» على موقع «إنستغرام»، التي عرضت «البومة القزم» الممنوع صيدها وتداولها للبيع، وأكد صاحب الصفحة، علي النفيلي، أنه مجرد وسيط يأتيه الإعلان ويعيد نشره ضمن صفحة يتابعها آلاف من المهتمين، لافتاً إلى أنه كان ينشء الإعلانات مجاناً في البداية، ثم جعلها إعلانات مدفوعة قبل أيام لضمان الجدية.
وقال النفيلي، إنه أسّس هذه الصفحة قبل أربع سنوات، عندما لاحظ أن المجتمع في حاجة إليها، متابعاً «أدقق في الإعلانات قبل نشرها على الصفحة، وتطورنا أخيراً لدرجة أننا نعقد مزادات إلكترونية لطيور وحيوانات وغيرها»، مؤكداً أن «خدمة المجتمع تظل الهدف الرئيس لإنشاء صفحته».
ولم ينفِ النفيلي وجود إعلان «البومة القزم» على صفحته، مؤكداً أنه «نشر بطريق الخطأ، وسيراجعه ويحذفه فوراً، وسيهتم بمحتوى الإعلانات قبل نشرها»، لافتاً إلى أنه ينشر يومياً ما يزيد على 60 إعلاناً على الإنترنت، على الرغم من أنه موظف، وغير متفرغ لهذا العمل.
وأكد النفيلي (42 عاماً) أنه لا يريد تحقيق أرباح مالية من الصفحة أو غيرها من الصفحات التي يديرها، وأنه يتيح نشر إعلانات مجانية على مدار الأسبوع، باستثناء إجازة آخر الأسبوع فتكون مدفوعة لضمان الجدية.
وتابع: «ننشر على الصفحة توعية حول أمراض الحيوانات والطيور والمضادات الحيوية والأدوية وكل ما هو جديد في هذا المجال».
إلى ذلك قال صاحب الصفحة الأكثر انتشاراً على «إنستغرام»، خالد البلوشي، إنه أطلق هذه الخدمة من العاصمة أبوظبي قبل أربع سنوات، وكان أول حساب مخصص لتسويق وبيع الطيور والحيوانات في منطقة الخليج العربي، مؤكداً أنه «يدقق في المنتجات قبل عرضها على صفحته، خصوصاً الطيور والأرانب البرية وغيرها من الكائنات المحظور بيعها أو تداولها». وأضاف البلوشي، الذي يتابعه أكثر من 91 ألف شخص، أنه «يعرض 90% من الإعلانات مجاناً، و10% إعلانات مدفوعة»، موضحاً أنه يتقاضى 10 دراهم عن كل إعلان، لافتاً إلى أنه ينشر ما بين 100 و120 إعلاناً يومياً، خصوصاً بعد زيادة الإقبال على الإنترنت في البيع والشراء.
وأشار البلوشي إلى أن «بعض الصفحات قد تغرّد خارج السرب، بنشر إعلانات مخالفة للقانون، مرجعاً ذلك إلى «قلة خبرة من يديرها، ما يوقعهم في مشكلات قانونية، كذلك فإن أغلب الصفحات المشابهة يتحتم عليها أن تقدم محتوى توعوياً للجمهور بأنواع الطيور والحيوانات المحظور صيدها وتداولها، والتطعيمات والأغذية والأمراض والأدوية وغير ذلك».
وتابع «نعرض على الصفحة معلومات تتعلق بالأعلاف والتطعيمات، كما نغطي فعاليات ذات علاقة مثل المهرجانات والمزادات، خصوصاً في المواسم (الأضاحي وغيرها)، ونساعد المتابعين في التعرف إلى عمليات التلاعب أو الغش التجاري، واكتشاف الأمراض وطرق علاجها».
ودعا البلوشي (32 عاماً) أصحاب الصفحات الإلكترونية إلى «ضرورة تحري المحتوى الإعلاني قبل نشره، حتى نضمن أن المنتجات المعروضة خالية من العيوب أو موانع النشر، وأنصح الجميع بتجنب نشر أي محتوى مشكوك في أمره».
وعزا مسؤول ومدير صفحة «إيه إي 50»، التي يتابعها أكثر من 55 ألف شخص، أبوسالم الكتبي، عدم التدقيق الجيد في المحتوى المنشور عبر الإنترنت إلى قلة الخبرة، التي ربما تكون السبب الأكبر وراء وجود إعلانات مخالفة، لافتاً إلى أن وزارة التغير المناخي والبيئة تتواصل مع صاحب الصفحة التي تنشر محتوى مخالفاً. وأضاف: «في العادة لا توجد طيور أو حيوانات مفترسة على وسائط التواصل الاجتماعي، وربما تميل هذه الصفحات إلى عرض حيوانات وطيور نادرة نوعاً ما، نظراً لأن هذه النوعيات تكون مرتفعة الثمن، وواجبنا أن ندقق في الإعلانات قبل عرضها على الصفحة».
ورفض الكتبي تحميل أصحاب الصفحات الإلكترونية مسؤولية بيع أو شراء طيور أو حيوانات مفترسة، قائلاً: «نحن لدينا الحد الأدنى من المعرفة بالقوانين واللوائح، وهناك شباب صغار في السنّ لا يعرفون قرارات المنع والحظر».
ونوّه بالمؤتمرات التي تنظمها الجهات ذات العلاقة، مثل «مؤتمر الرفق بالحيوان»، الذي تبنته وزارة التغير المناخي والبيئة أخيراً، متابعاً «حضرت المؤتمر، ووجدت المشاركين مهتمين بضرورة التوعية بما هو مسموح به وما يمنع على الجمهور، وطلبت من الوزارة ضرورة عرض القوانين واللوائح في وسائل الإعلام، حتى يستفيد الجمهور، وتتم توعيته بالشكل المناسب».
وأضاف أن أغلب الجمهور لا يعلم القوانين والقرارات، مطالباً وزارة البيئة بنشر قائمة بالحيوانات والطيور المحظورة على موقعها الإلكتروني، ونشر العقوبات والغرامات المترتبة على عكس ذلك.
الحيازة القانونية
رسمياً، أفادت رئيسة قسم «سايتس»، وهي اتفاقية دولية تنظم التجارة الدولية بالحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض، تتبع إدارة التنوع البيولوجي في وزارة التغير المناخي والبيئة، منى عمران ماجد الشامسي، بأنه ينبغي التأكد أولاً من الحيازة القانونية لنوع الطيور أو الحيوانات، المتداولة بطرق غير المصرح بها محلياً، قبل اتخاذ أي إجراء قانوني أو عقوبة، مشيرة إلى أن قوانين الدولة تعاقب بالحبس والغرامة على مثل تلك التصرفات عند ثبوت المخالفة.
وقالت إن قوانين الدولة تعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وغرامة لا تقل عن 5000 درهم ولا تزيد على 30 ألف درهم، أو إحدى هاتين العقوبتين، كل من صدّر أي عينة من أي نوع أو أعاد تصديرها أو أدخلها البحر أو شرع في ذلك دون الحصول على إذن أو شهادة بذلك من السلطة الإدارية، أو إذا كان أي من الإذن أو الشهادة غير ساري المفعول. وأضافت: «أما بالنسبة للقانون الاتحادي رقم 24 لسنه 1999 في شأن حماية البيئة وتنميتها، فإن المادة 83 خاصة بالقائمة الثانية، وتنص على عقوبة كل من يخالف، إضافة إلى مصادرة الطيور والحيوانات من خلال الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وغرامة لا تقل عن 10 آلاف درهم».
وشرحت الشامسي، أن «طائر (البومة القزم)، يعتبر من الطيور المحلية، ويحظر صيد أو قتل أو إمساك أو حيازة أو نقل أو التجوال أو العرض للبيع لكل الأنواع البرية المحددة أنواعها في القوائم، إلا بعد حصول على ترخيص من الجهات المحلية المنفذة لكل إمارة، حيث يجوز منح الترخيص بالصيد وفق شروط ووسائل رقابة من كل جهة».
وتابعت أنه في حال تلقي بلاغات عن أي مخالفة، يتم التنسيق مع السلطات الخاصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة حول الموضوع، كما توجد كذلك لجنة وطنية للتنوع البيولوجي، المنبثقة عن وزارة التغير المناخي والبيئة، وبالتعاون مع الجهات الأخرى لطرح أي مواضيع ذات الصلة.
واعتبرت الشامسي أن التنوع البيولوجي في الدولة حظي بكثير من الاهتمام في الأعوام الماضية، وأسفر هذا الاهتمام عن زيادة مساحة المحميات في الدولة، من خلال الحفاظ على العلاقات المتوازنة بين الأنواع والبيئات وحماية مواردها الوراثية، وكذلك إعادة النظم البيئية المتدهورة، وإعادة تأهيل الأنواع التي تتعرض للتهديدات الطبيعية أو البشرية، والتي قد تعرضها لخطر الانقراض مستقبلاً.
وتابعت أن «الوزارة توعّي الجمهور بالمحافظة على الأنواع المحلية، وعدم العبث بمواقع تجمّع الطيور، سواء برية أو بحرية، إذ يؤدي ذلك إلى تدمير الموائل وفقدان البيئات الطبيعية، وتدهور تكاثر ووجود الأنواع في الطبيعة، إضافة إلى اضطلاع الدولة بالعديد من البرامج والمبادرات التي تهدف إلى استدامة التنوع البيولوجي، مثل برامج الإكثار، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة».
وأكدت الشامسي أن «البلاغات التي تقدم في هذا الشأن، يتم اتخاذها على محمل الجد، وتحويلها إلى الجهات المعنية بمراقبة المواقع الإلكترونية، ونفذت فعلياً ضبطيات قضائية تجاه مخالفين، وأغلقت كثيراً من المواقع الإلكترونية، وبرامج للتواصل الاجتماعي».
المصدر: الإمارات اليوم