رغم الإجراءات المشددة التي تتخذها الجهات الصحية في الدولة، وعلى رأسها وزارة الصحة ووقاية المجتمع لتنظيم بيع الأدوية المراقبة وشبه المراقبة، إلا أن هناك أطباء وصيادلة يقومون بالتلاعب بصرف تلك الأدوية لأشخاص ليسوا مرضى بل مدمنين لاحتواء معظمها على مواد تضر بالعقل والصحة.
سحب التراخيص
وزارة الصحة ووقاية المجتمع ضبطت خلال السنوات الثلاث الماضية 5 أطباء من جنسيات مختلفة باعوا ضمائرهم وخالفوا قواعد وآليات صرف تلك الأدوية، مما دفع الوزارة إلى سحب تراخيص مزاولة المهنة وإدراجهم في اللائحة السوداء، وعممت أسماءهم على دول مجلس التعاون لمنعهم من ممارسة مهنة الطب في مستشفياتها الحكومية والخاصة، وفي السياق ذاته أصدرت هيئة الصحة بدبي قراراً بسحب ترخيص أربعة أطباء لمخالفتهم أنظمة متعلقة بالأدوية المذكورة.
وبما أن التلاعب في صرف الأدوية المراقبة لم يتوقف على الأطباء ضعفاء النفوس بل هناك صيدليات وصيادلة يتلاعبون أيضاً من خلال صرف نصف الأدوية لبعض المرضى ممن لديهم وصفات طبية قانونية، ويبيعون النصف الآخر لمدمني المخدرات، حيث ضبطت وزارة الصحة ووقاية المجتمع خلال العام الماضي أربع صيدليات تتلاعب في صرف الأدوية وقامت على الفور بإغلاقها لمدة 60 يوماً، وفي حال تكرار المخالفة سيتم وقف تلك الصيدليات عن العمل نهائياً.
أدوية مخدرة
وفي ما يخص عمليات التلاعب بالأدوية المخدرة قال الدكتور أمين الأميري، وكيل وزارة الصحة ووقاية المجتمع المساعد لسياسات الصحة العامة والتراخيص، رئيس اللجنة العليا للأدوية المخدرة والمؤثرات العقلية، إن تفعيل النظام الإلكتروني المتطور على المستوى الاتحادي للرقابة على وصف وصرف الأدوية المخدرة سهل الرقابة على تداول هذه الأدوية، مشيراً إلى أن توحيد نظام الوصفات الطبية للأدوية المخدرة والمؤثرة عقلياً على المستوى الاتحادي، جاء لتسهيل عملية الرقابة على وصف وصرف واستهلاك هذه المواد.
آلية للرقابة
ولفت إلى هناك آلية واضحة للرقابة على الأدوية المخدرة والمؤثرات العقلية، تشمل تنظيم عمل استيراد الأدوية المخدرة والمؤثرات العقلية، وطرق الاستخدام والتداول، ومراقبة الشحنات الواردة من خلال جهات الاختصاص في مختلف منافذ الدولة، فضلاً عن تفعيل الدور الرقابي والإشرافي على الصيدليات والمنشآت الطبية، في سبيل الاستخدام السليم لهذه الأدوية، استناداً إلى القرارات المنظمة وأخلاقيات مهنة الطب البشري، وإجراء المراقبة المستمرة على الشحنات الواردة، من خلال البريد المسجل أو السريع أو شركات الشحن، ووضع الضوابط الخاصة باستيراد هذه الأصناف الدوائية للاستعمال الشخصي.
دليل إرشادي
وأكد أنه تم وضع دليل إرشادي للمسافرين، عن طريق مطارات وموانئ الدولة، أو عن طريق البر، وفي حال تعاطي أيٍّ منهم هذه الأدوية، يجب إرفاق تقرير طبي من طبيب متخصص بالمستشفى المعالج، وموثَق من الجهات الرسمية في البلد القادم منه، مشدداً على ضرورة الرقابة على بيع الأدوية والمواد المراقبة دولياً، عبر شبكة الإنترنت.
وأشار الأميري إلى أن لجان التراخيص الطبية والصيدلانية في الوزارة، تحرص على إنزال عقوبات رادعة على ممارسي المهن الطبية من ذوي النفوس الضعيفة، وتصل العقوبات في بعض هذه الممارسات الخاطئة إلى السجن، وإلغاء ترخيص ممارسة المهنة في الدولة ودول مجلس التعاون الخليجي.
مراقبة دولية
وأوضح أن هناك شروطاً لصرف الأدوية المراقبة وشبه المراقبة من قبل الأطباء تم تحديدها على النحو التالي: الأدوية المراقبة دولياً ويحق للممارس العام صرفها لمدة ثلاثة أيام في أقسام الطوارئ بالمستشفيات، والطبيب الاختصاصي يسمح له بصرفها لمدة لا تزيد عن 15 يوماً، والاختصاصي بعلاج الأمراض النفسية والعصبية والطبيب الاستشاري يسمح لهم بوصفها لمدة 30 يوماً.
وفيما يتعلق بصرف الأدوية شبه المراقبة قال: الأدوية شبه المراقبة يحق للطبيب الممارس العام وصفها لمدة لا تزيد عن 30 يوماً، والطبيب الاختصاصي فيسمح له بصرفها لمدة لا تزيد عن 30 يوماً ويسمح بإعادة الوصفة مرة واحدة فقط لمدة 30 يوماً، والطبيب الاخصائي بعلاج الأمراض النفسية والعصبية والطبيب الاستشاري يسمح لهم بوصفها لمدة 30 يوماً ويسمح بإعادة الوصفة مرتين فقط لمدة 30 يوماً للمرة الواحدة.
وأوضح وكيل وزارة الصحة ووقاية المجتمع أنه تم تصنيف الأدوية المخدرة والمراقبة وشبه المراقبة، حسب نوع المادة الفعالة التي تحتويها إلى مجموعتين الأولى الأدوية المخدرة، وتشمل المنتجات الطبية والدوائية المحتوية على أي من المواد الفعالة المدرجة في جداول الهيئة الدولية لمكافحة المخدرات، ويتم وصفها وصرفها وفقاً لعدد من الضوابط، منها أنه يقتصر وصف وصرف واستخدام الأدوية المخدرة على الأقسام الداخلية في المستشفيات الحكومية والخاصة كما تصرف بموجب وصفة طبية خاصة بالأدوية المخدرة وفقاً للشروط المعتمدة من وزارة الصحة بحسب القرار الإداري رقم 68 لسنة 1995 بخصوص تنظيم التعامل في استهلاك وتوزيع وصرف الأدوية والعقاقير المخدرة، كما يقتصر وصف وصرف واستخدام الأدوية المخدرة خارج نطاق المستشفى فقط على مرضى السرطان وبحد أقصى 30 يوماً حسب الجرعة المحددة من قبل الطبيب المعالج.
أما المجموعة الثانية الخاصة بالأدوية المراقبة، فتشمل المنتجات الطبية والدوائية المحتوية على أي من المواد الفعالة المدرجة في جداول الهيئة الدولية لمكافحة المخدرات، والواردة ضمن اتفاقية الأمم المتحدة للمؤثرات العقلية لسنة 1971.
ضوابط الصرف
وأشار إلى أن طريقة وصف الأدوية شبه المراقبة، تتم وفقاً لضوابط، تتمثل في أن تقوم كل عيادة بطبع دفاتر الوصفات، عليها اسم العيادة وجميع البيانات الخاصة بالمريض والطبيب والعيادة كما تم توضيحها في المادة 11 من القانون الاتحادي رقم (4) لسنة 1983 في شأن مهنة الصيدلة والمؤسسات الصيدلانية.
ولا يجوز صرف الأدوية شبه المراقبة SCD) ) إلا بموجب وصفة طبية، وتسجل في السجلات الخاصة بها، وفقاً للضوابط المنصوص عليها والمتمثلة في السماح للطبيب الممارس العام بوصف الأدوية شبه المراقبة لمدة لا تزيد على 30 يوماً ولا يسمح له بإعادة الوصف، وكذلك الطبيب الأخصائي (حسب الاختصاص) يسمح له بوصف الأدوية شبه المراقبة لمدة إجمالية لا تزيد على 60 يوماً فقط بحيث يوثق على الوصفة الطبية أن يتم الصرف لمدة لا تتجاوز 30 يوماً في المرة الأولى وإعادة صرفها لمدة 30 يوماً أخرى فقط بعد انتهاء مدة 30 يوماً الأولى.
أما الطبيب الأخصائي (حسب الاختصاص) يسمح له بوصف الأدوية شبه المراقبة لمدة إجمالية لا تزيد على 90 يوماً فقط بحيث يوثق على الوصفة الطبية أن يتم الصرف لمدة لا تتجاوز 30 يوماً في المرة الأولى، وإعادة صرفها مرتين لمدة 30 يوماً أخرى في كل مرة بعد انتهاء مدة 30 يوماً السابقة، كم يسمح للطبيب الأخصائي (حسب الاختصاص) بوصف الأدوية شبه المراقبة لمدة إجمالية لا تزيد على 90 يوماً فقط، بحيث يوثق على الوصفة الطبية أن يتم الصرف لمدة لا تتجاوز 30 يوماً في المرة الأولى وإعادة صرفها مرتين لمدة 30 يوماً أخرى في كل مرة، بعد انتهاء مدة 30 يوماً السابقة.
وأكد القرار، أن هذا النوع من الأدوية قد يساء استخدامها ويجب مراقبة حركتها في داخل الدولة، وتحديدا المواد التي لها فوائد طبية وعلاجية ولكن طول مدة استخدامها بجرعات عالية أو استخدامها بوجود مواد أخرى قد يقود إلى التعود والإدمان ولكن بدرجة اقل، وكذلك مواد لها آثار جانبية خطيرة محتملة قد تؤثر على سلامة البالغين أو الأطفال أو الأجنة أو قد تؤدي للإجهاض.
وِأشار الأميري إلى أن هذه المواد تشمل علاجات الأوبئة المصنفة ذات خطورة عالية من قبل منظمة الصحة العالمية، ومواد أخرى تقرها لجنة التسجيل الدوائي بناءً على سميتها أو خطورتها أو سوء استخدامها، وتقوم وزارة الصحة بإصدار قائمة دورية بهذه الأدوية شبه المراقبة.
أسباب
وقال هناك عدة أسباب تجعل الناس يتعاطون العقاقير المخدرة بطرق غير مشروعة، فالبعض يتعاطونها للهروب من مشاكلهم، بينما يتعاطاها آخرون بدافع الملل أو الفضول، أو قد لا يبتغون سوى الشعور بالارتياح، فيما يتعاطى البعض هذه العقاقير بسبب الضغط الذي يتعرضون له لكي ينسجموا مع جمهور معين، أو قد يتعاطون العقاقير تمرداً أو لاجتذاب الانتباه، مشيراً أن متعاطي العقاقير من جميع الأوساط.
مسؤولية
أوضح الدكتور أمين الأميري أن الصيدلاني مسؤول ومطالب بالتسجيل اليومي لوصفات الأدوية المخدرة والمراقبة وشبه المراقبة، في السجلات الخاصة المعتمدة من الوزارة أو الهيئة الصحية المحلية، والاحتفاظ بالوصفات بملف خاص، وتقديم تقرير شهري عن حركة الأصناف من حيث الأرصدة والكميات الواردة والمصروفة مع الوصفات التي تم صرفها خلال الشهر إلى الإدارة المعنية خلال مدة لا تتجاوز الأسبوع الأول من الشهر التالي.
ليلى المرزوقي:إجراءات صارمة لمعاقبة المخالفين
أكدت ليلى المرزوقي مديرة إدارة التنظيم الصحي بالإنابة في هيئة الصحة بدبي، أنه يتم صرف الأدوية المراقبة وشبه المراقبة في الصيدليات الخارجية وصيدليات المستشفيات وفقاً لوصفات طبية موقعة من قبل الأطباء المختصين، بينما ينحصر صرف الأدوية المخدرة في المستشفيات فقط حسب تعليمات الأطباء ووفق قواعد بروتوكول محددة لصرفها، مشيرة إلى أنه وفق تعميم وزارة الصحة ووقاية المجتمع لا يجوز صرف الأدوية ذات الأصناف الثلاثة (المراقبة وشبه المراقبة والمخدرة) إلا من قبل أطباء مختصين حيث تتفاوت فترة وصف الأدوية المذكورة تبعاً لتخصصاتهم، وتكون صلاحية الوصفات لفترة زمنية محددة وهو ما تم توضيحه في القانون الاتحادي.
وأشارت المرزوقي إلى أن هناك إجراءات صارمة وضعتها الهيئة لمعاقبة المخالفين لأنظمة وقوانين صرف الأدوية، حيث سحبت مؤخراً ترخيص 4 أطباء لمخالفتهم أنظمة متعلقة بالأدوية المذكورة.
وأوضحت أن كل الأدوية الموصوفة من الفئات الثلاث يجب توقيعها وختمها من قبل الطبيب المختص بالمنشأة الصحية، وتسجيلها من قبل الصيدلي المسؤول بالصيدلية، كما يتم متابعتها ومراقبتها من قبل هيئة الصحة بدبي من خلال قسم ضمان الجودة والتفتيش بإدارة التنظيم الصحي، حيث يتم مراجعة هذه الوصفات الطبية.
وأكدت المرزوقي أن هيئة الصحة بدبي شكلت لجنة فنية مختصة «لجنة تقييم عيادات الطب النفسي بإمارة دبي» لمراجعة ملفات المرضى بالمنشآت الصحية الخاصة بشكل دوري، والتحقيق في الشكاوى المتعلقة بالإفراط في استخدام الأدوية المصنفة وفق القرار الوزاري، لافتة إلى أن هناك تنسيقاً فورياً للنظر في الشكاوى المتعلقة بسرقة الوصفات الطبية خصوصاً المخدرة منها بالتعاون مع شرطة دبي التي تقوم بإرسال التعميم على كافة صيدليات الإمارة مشفوعة بأرقام الوصفات المطلوبة.
وذكرت أن الهيئة تقوم حالياً وبالتعاون مع وزارة الصحة وشرطة دبي بإجراء دراسة تجريبية على برنامج الوصفات الإلكترونية للأدوية المراقبة وشبه المراقبة.
المصدر: البيان