عضوة سابقة في المجلس الوطني الاتحادي، كاتبة عامود يومي في صحيفة البيان
عندما تحدثنا أمس عن نقص الفنيين في بعض مستشفيات دولة الإمارات وكيف أنها مشكلة عامة لابد من معالجتها بتشجيع الدارسين من الطلاب على التخصص في هذا المجال، تفاعل وتواصل معنا عدد من الاطباء الذين قضوا سنوات في هذه المهنة في حين ترك بعضهم إياها لأسباب مختلفة.
يلاحظ الجميع في الإمارات توجه أعداد كبيرة من خريجي كليات الطب في الدولة وخارجها، والكفاءات منهم ممن أنفقت الدولة على إكمال تعليمهم العالي حتى أصبحوا متخصصين في مجالات طبية دقيقة، أنهم يتوجهون للعمل الاداري بدلا من ممارسة مهنة الطب نفسها والاسباب في ذلك معروفة أهمها الراتب وسرعة التطور في السلم الوظيفي وسهولة الممارسة العملية التي لا يمكن مقارنتها بعمل الطبيب الذي يواجه تحديات أكبر من تلك التحديات التي يواجهها أي إداري يعمل في المنشآت الصحية.
التوجه نحو العمل الاداري في المجال الطبي والذي نشهد اتساع دائرته بين أطبائنا المواطنين، أن لم نكن مبالغين، أسهم بدرجة كبيرة في تراجع نسب التوطين في مهنة الطب، وفي تراجع مستوى القطاع الصحي الذي لا يتقدم بالإدارة وحدها بل بأداء الاطباء والفنيين العاملين فيه، وهذا التوجه نحو العمل الاداري في هذا القطاع الحساس أسهم إيضا في خسارة كفاءات وطنية قضت سنوات من عمرها في الدراسة والتخصص، إلا أن الموافقة على التحاقها بالعمل الاداري قضى على خطة الاستثمار فيها لتطوير القطاع الصحي في الدولة.
دولة الإمارات عندما قبلت طلابا لدراسة الطب في مؤسساتها المحلية، وعندما ابتعثتهم للخارج لا نعتقد أنها كانت تنوي الاستفادة منهم في الجانب الإداري خاصة في سنوات عملهم الأولى التي تتطلع لان يكتسبوا فيها الخبرات وصولا إلى قطف ثمار هذه الخبرات في سنوات لاحقة، فالجانب الاداري حتى في المجال الطبي له أناسه المختصون من الدارسين في مختلف المجالات، ولدينا في الإمارات الآلاف من الخريجين في المجال الاداري الذين يمكنهم إدارة المؤسسات الصحية في الوقت الذي يتفرغ فيه الاطباء لاسيما المختصين لممارسة عملهم وتدريب غيرهم من حديثي التخرج.
نتمنى أن تقوم وزارة الصحة في الامارات، والهيئات الصحية المحلية بإعداد إحصاءات ودراسات خاصة بالمواطنين خريجي كليات الطب لتحدد نسبة الاطباء الذين يقومون بعمل إداري، إلى غيرهم ممن يمارسون مهنة الطب لنرى الفارق بين المجموعتين، وتقف كجهة مسؤولة على أسباب هذا التحول والتغيير لوضع حد لنزيف أصبح يضعف الاجهزة الصحية في الدولة بسبب خسارة الكفاءات من أطبائنا. فإن كانت الرواتب والحوافز أو بيئات العمل هي المنفرة للطبيب والدافعة له للعمل في عمل إداري فلابد من معالجة هذه الأسباب كي لا نخسر المزيد من الأطباء ونضيق المجال على إداريين هم أحق بتلك المواقع التي أصبح الاطباء ينافسونهم عليها دون أسباب مقنعة.
المصدر: صحيفة البيان