كاتب إماراتي
كلنا سمع تلك القصة الكاذبة حول الرجل الذي أراد أن يعطي ابنه درساً في وفاء الأصدقاء حين سأله عن عدد أصدقائه، فأحضر تيساً وذبحه، وادعى بأنه جثة.. الخ. وأنا مثلكم متأكد من أن القصة «خرط في خرط»، وأن ما حدث فعلاً أن الأب وابنه قد سهرا وحيدين وهما يتناولان لحم «التيس»، بعد أن ضبّطاه «مندي» وهما يسألان أنفسهما: من التيس فعلاً!
كما أنني مثلكم أيضاً أؤمن بأن قصة «سبق السيف العذل» من أكاذيب الأولين، وأن الخادم لايزال حياً يرزق، وأن العذل المقصود في الحكمة هو ما تشجعه الحكومة الصينية، كما يلفظها من به لثغة، ولا علاقة له بوفاء الأصدقاء.
ويعرف أصدقاؤنا الخليجيون الجدد في الأردن أن وفاء الصديق يندرج تحت الحكمة «الزرقاوية» الشهيرة: لكل صاحب عند صاحبه ثلاث شغلات بس: (…) و(…) وشهادة زور!
باختصار لا وجود للصديق الوفي، وكم كانت قريش عبقرية حين قالت حكمتها: المستحيلات ثلاث: الغول والعنقاء والخل الوفي.
لكي تختار أو تعرف «مية» صديقك عليك أن تجلس بهدوء، وأن تستمع لأكثر المفردات التي يرددها، فإذا كان أكثر ما يردده من مفردات: الوصول، تجلي، حضرة، حضوة، قطب، مريد، كشف الغطاء، نور الحقيقة، مدد، مولى.. فهذا لا خوف منه، لكنه لن ينفعك ولن يضرك، فغالباً هو مسطول بانتظار إشارات من سكان الكواكب الأخرى!
أما إذا كانت أكثر العبارات التي ترد في حديثه هي: الحاكمية، التأصيل، الوسطية، التجديد، تهذيب ، الإيجابية، الحل، الربط، الغاية، القدوة.. فهذا هو اللي بيجيبلك العيد، ويوديك في ستين داهية، ويخليك تكتشف حلقة فرويد السوداء المفقودة بين السوبر بان والكابريس، فاهرب منه هروبك من الأسد الجائع، وادعي بأنك ملتحق بدورة عسكرية في سويحان لمدة أربع سنوات، وامسح جميع أرقامه.
وإذا كانت أغلب مصطلحات ربيعك: الأسماء والصفات، الرعيل الأول، البراء والولاء، العقيدة، المحدثين، بدعة.. فهذا حسب، فإذا كان مخلوط بـ«جام» بنكهة الفراولة فـ«زي بعضه»، وغالباً أموره ماشية، بس إذا كان «تزويد كراج» فالطيحة معاه تعني: مرحباً بكم في غوانتانامو!
الحمد لله أن ربعي أغلب مصطلحاتهم على غرار: حط الباش، قطعه، هاي كيكرز، سبوق، طررر، بن كود، سوتلي بلوك، مدعى تايم، ولعه يا معلم.. وهم والخير رباعه، وكفى الله المؤمنين القتال!
المصدر: الإمارات اليوم