ــ عضو هيئة التدريس بكلية التربية ـ جامعة الإمارات ــ حاصل على الدكتوراة من جامعة جنوبي كاليفورنيا و الماجستير من جامعة جورج واشنطن ــ عميد سابق لوحدة المتطلبات في جامعة الإمارات ووكيل لكية التربية ــ من أبرز كتبه: المنهاج و أراء في التربية
يحتفل وطني الغالي هذا الأسبوع بذكرى التأسيس وقيام دولة الإمارات العربية المتحدة التي غرس أركانها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه حكام الإمارات من الجيل المؤسس، جيل من القادة تنازلوا عن أحلامهم الشخصية كي يكون لهم حلم واحد وهو قيام دولة الإمارات، فكان لهم ما توقعوا. وها هي السنون تمر سراعاً، ونطوي 43 عاماً من الإنجازات، هذا العمر عند غيرنا يمثل مرحلة الطفولة التي تتعلم فيها الدول الحبو قبل المشي، لكن عند قادة الإمارات نحن اليوم في مرحلة الرشد الذي تظهر علاماته في إنجازاته. فمن يزور دولة الإمارات، ويقارن صور الماضي القريب بما تحقق اليوم يعرف أننا في وطن حرق مراحل التنمية المتعارف عليها عند غيرنا، فإن قارنت الإمارات بدول تأسست في فترة متقاربة معنا، تجد أنهم ما زالوا في مرحلة الحبو، ولو قارنت الامارات ببعض الدول العربية التي قامت قبلنا لرأيت أنهم تحولوا إلى شيخوخة مبكرة بها أعراض الخرف الحضاري بشقيه المعنوي والمادي، بينما تسطع شمس الإمارات على ما حولها كي يستنيروا بنورها وينحوا نحوها، السؤال المحوري هنا: لماذا تميزت الإمارات عن غيرها؟
لا تكفي المساحة المخصصة للإجابة عن هذا السؤال، لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله. لعلي هنا أسلط الضوء على ما أراه مهماً في هذه المناسبة، النية الصادقة مع العمل المخلص سمة تميزت بها قيادة الإمارات عن غيرها من القيادات. في الإمارات قادة جعلوا نصب أعينهم مجتمعهم، ومن يعيش فوقه، برنامجهم اليومي يبدأ قبل غيرهم ويختم بعدهم. فمن يتابع مسيرة القيادة في الإمارات يتعجب من نشاطهم، لكنهم تربوا على يد قيادات كان الفجر يسابقهم في همتهم، فلا غرو أن تطبع الأبناء بسمات القادة الآباء، وانعكس هذا العرف على من يعيش في هذا الوطن، فتجد تنافسا في الإنتاجية والعطاء لا تكاد تجد له مثيلاً في العالم العربي اليوم، فكثيراً ما نسمع ممن يزورنا خلاصة لتجاربهم تقول لنا أنتم تختلفون عن دولنا في أشياء كثيرة كأنكم لا تنتمون لهذه البقعة من العالم. هذا الأمر قاد الناس إلى نوع من السعادة هي لذة الانتاج وتحقيق ما عجز عنه الغير أنها سعادة لا يعرفها إلا من ذاقها من القادة، وممن سلك نهجهم واسترشد بهديهم. في تصوري أن المرحلة القادمة من عمر الاتحاد، ستنقلنا إلى ميادين متميزة تلخصها كلمة الإبداع.
لقاءات كثيرة، واجتماعات متعددة، وعصف للأذهان من أجل مستقبل أفضل للإنسان والأوطان، هذا ما تعمل عليه الحكومة الاتحادية في تناسق مع الحكومات المحلية، لذلك يستبشر أهل الحل والعقد والفكر بمستقبل أفضل لما هو آت من العمر، هل هناك إخفاقات مع كل هذه المنجزات؟ الجواب بكل تأكيد نعم، فمن يعمل يخطئ لأنه بشر. لكن السوء والجهالة تتلخص في عدم العمل خشية الفشل. فمجتمع الإمارات يؤمن بالتعلم من العمل، وفي مسيرته المباركة يصلح ما كان من قصور أو زلل، هذا هو خطاب العقل الذي يدعونا إلى مزيد من العمل.
ولعلي قبل أن أختم مقالي أردد مع كل من عاش مخضرماً، قبل الاتحاد ومر بالأيام الصعبة والحياة الشاقة: شكراً لكل من أسهم في تحقيق هذا الإنجاز، ونود من الأجيال القادمة من أبناء الاتحاد استشعار مشقة الماضي كي يقدروا ما تحقق في الوطن، وأن يكونوا حصناً منيعاً ضد كل الأفكار والتيارات العابرة للقارات فلا إنجاز دون أمن وأمان.
المصدر: الاتحاد
http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=82412