عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، التابعة لوزارة الثقافة المصرية، صدر أخيراً كتاب «أم كلثوم في الشعر العربي»، للباحث إبراهيم عبدالعزيز أبوزيد، ويقع في 359 صفحة، ويضم قصائد كتبت بين عامي 1924 و2009 وبعضها نشر في دواوين والآخر في دوريات.
ويرصد الباحث نحو 80 قصيدة كتبها شعراء مصريون وعرب في مديح «سيدة الغناء العربي» أم كلثوم، ومنهم من لم يقابلها مثل جبران خليل جبران، وبعضهم تغنت بشعره بعد موته مثل أحمد شوقي (1868-1932)، وآخرون لم تغن شيئاً من قصائدهم مثل عباس محمود العقاد (1889-1964).
ويسجل أبوزيد في كتابه أن أحمد رامي هو أبرز شاعر عرف الجمهور قصائده عبر صوت أم كلثوم، بل إن دارسي شعره «تعاملوا مع قصائده كلها بوصفها قيلت في أم كلثوم أو على الأقل ارتبطت بها بشكل أو بآخر»، حيث كانت ملهمته.
وذكر أن رامي عاد من باريس يوم 21 يوليو عام 1924 وبعد ثلاثة أيام استمع إلى أم كلثوم وهي تغني قصيدته «الصب تفضحه عيونه»، التي لحنها الشيخ أبوالعلا محمد، فطرب لها، وكتب فيها قصيدة عنوانها «إليها» ويقول في مطلعها: «صوتك هاج الشجو في مسمعي.. وأرسل المكنون من أدمعي».
أما آخر ما كتب رامي في أم كلثوم فقصيدة رثاء بعد وفاتها عام 1975 يقول في مطلعها:
«ما جال في خاطري أني سأرثيها.. بعد الذي صغت من أشجى أغانيها
قد كنت أسمعها تشدو فتطربني.. واليوم أسمعني أبكي وأبكيها
صحبتها من ضحى عمري وعشت لها.. أذوق شهد المعاني ثم أهديها».
والكتاب الذي صممت غلافه هند سمير، يسجل أن شوقي أمير الشعراء كتب أولى قصائده في أم كلثوم في افتتاح معهد الموسيقى الشرقي بالقاهرة يوم 26 ديسمبر عام 1929، حيث خاطب ملك مصر آنذاك أحمد فؤاد قائلاً: «لما بنيت الأيك واستوهبته… بعث الهزار وأرسل الورقاء»، قاصداً بالهزار محمد عبدالوهاب وبالورقاء أم كلثوم.
ويقول إن شوقي ذكر اسمها صريحاً عام 1931 في قصيدته «سلوا كؤوس الطلا» التي كانت من بين بضع قصائد له غنتها أم كلثوم بعد وفاته. ويقول شوقي في مطلع هذه القصيدة: سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها.. واستخبروا الراح هل مست ثناياها». وجاء ذكر أم كلثوم في هذين البيتين:
«سل أم كلثوم من بالشرق طارحها.. ومن وراء الدجى بالشوق ناجاها
يا أم كلثوم أيام الهوى ذهبت.. كالحلم.. آها لأيام الهوى آها».
ولكن المؤلف يسجل رواية أخرى للبيتين:
«حمامة الأيك من بالشجو طارحها … ومن وراء الدجى بالشوق ناجاها
يا جارة الأيك أيام الهوى ذهبت… كالحلم.. آها لأيام الهوى آها».
ويقول المؤلف إن العقاد -الذي لم تغن له أم كلثوم شيئاً- كتب قصيدة عنوانها أحد ألقاب أم كلثوم «كوكب الشرق» بمناسبة عودتها من مستشفى البحرية الأميركية، بعد أن أجريت لها عملية الغدة الدرقية عام 1949. وألقى العقاد قصيدته في 19 نوفمبر 1949 في حفل بمعهد الموسيقى العربية ويقول في مطلعها: «هلل الشرق بالدعاء.. كوكب الشرق في السماء».
واختار الشاعر العراقي معروف الرصافي (1875-1945) أن يبدأ قصيدته «إلى أم كلثوم» بهذا البيت: «أم كلثوم في فنون الأغاني.. أمة وحدها بهذا الزمان».
وألقى الرصافي قصيدته في 15 نوفمبر 1932 في مسرح الهلال ببغداد، إذ غنت أم كلثوم حين زارت العاصمة العراقية.
ويورد المؤلف قصائد في أم كلثوم كتبها عراقيون منهم جميل صدقي الزهاوي، وجواد الشبيبي، ومحمد بهجة الأثري، وإبراهيم الباجه جي، وبدر شاكر السياب، أحد رواد الشعر الحر الذي كتب قبل موته بعام قصيدة «أم كلثوم والذكرى» ويقول في مطلعها: «وأشرب صوتها.. فيغوص من روحي إلى القاع.. ويشعل بين أضلاعي غناء من لسان النار.. يهتف.. سوف أنساها وأنسى نكبتي بجفائها وتذوب أوجاعي».
وينهي السياب قصيدته بالقول: «ولكن. ما تبقى بعد من عمري؟ وما الأبد.. بعمري أشهر ويريحني موت فأنساها».
أما شاعر المهجر جبران خليل جبران فكتب قصيدة يخاطب فيها أم كلثوم قائلاً: «أنت نابغة الزمان.. بلغت من عليائه ما ليس يبلغ بالأماني».
ويورد الكتاب قصائد في أم كلثوم كتبها شعراء من بلاد الشام منهم أورخان ميسر، وزكي المحاسني، ورشاد علي أديب، ويوسف العظم، وعبدالفتاح كواملة، ومن السودان محمد المهدي المجذوب، ومؤلف قصيدة «أغدا ألقاك» الهادي آدم الذي رثاها بقصيدة عنوانها «يا أم كلثوم اغفري».
المصدر: القاهرة ــ رويترز