كاتب إماراتي
للمواطن العربي عُقد قديمة مع كلمة «تأشيرة» و«فيزا» أو «ويزه» كما يحب بعض مخضرمي الكفلاء الشواب نطقها، فهو دائماً يشعر بأنه يحمل «اثنين كيلو حشيش» في حقيبة سفره عند وقوفه أمام ضابط الجوازات الغربي، حتى وإن لم تكن حقيبته تحوي سوى ملابسه الشتوية وسجادته الشركية وكيلو عسل السدر المعبأ في زجاجة «فيمتو»، الذي تحلف عليه والدته أن يحمله لأوروبا اتقاء لحسد العيون الخضراء والزرقاء، شعور لا أعرف تماماً سببه لدينا، وإن كان قد تأصل بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وبعد بروز تلك الجملة اللطيفة في الإعلام الغربي «رجل ذو ملامح شرق أوسطية»!
حتى إجراءات الحصول عليها تصيب نفس الحر بالكثير من الألم، لماذا تبصمونني؟ الشعور لدى وضع الأصابع على آلة التبصيم في سفارة غربية يصيب الكثيرين بـ«كآبة ما بعد الفيزا»، وهو مرض نفسي شهير مسجل باسمي في منظمة الصحة العالمية، وتتلخص أعراضه في رفض المريض لعب الكيرم، انشغاله بهاتفه المتحرك، والإكثار من سماع بكائيات المطرب «فتى شمل»، والسبب هو ذلك الشعور الذي زرعته فيه السفارات الغربية بأنه متهم حتى تثبت براءته.
دع عنك الملحق ذا الصفحات الأربع لكيفية الصورة المثالية، وعشرات الأسئلة، والفورم الذي لا يعرف واضعه أنك قد أعدت امتحان «التوفل» سبع مرات متتالية.
لذا فقد كانت مبادرة جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى المفوضية الأوروبية بطلب إعفاء مواطني الإمارات العربية المتحدة من تأشيرة الاتحاد الأوروبي (شنغن) إنجازاً حقيقياً ليس على صعيد الإجراءات فقط، لكن لتحقيق راحة نفسية للكثيرين الذين يحملون هم التأشيرة في أحيان كثيرة، أكثر من هم إجراءات السفر.
المبادرة التي تشكر عليها أولاً خلية النحل النشطة التي نسميها هنا «وزارة الخارجية»، إذا كتب لها أن تنجح، فستصبح سبقاً دبلوماسياً وإجرائياً إماراتياً رائداً، وستنعكس بالطبع على المحيط العربي، بشكل يجعل المتبقين يسعون لتحسين إجراءاتهم الداخلية وتوعية سياحهم للحصول على هذا الامتياز، وهو ما قد يكون إجراء حبياً ومبادرة حسن نية في عالم وزمان أصبح فيهما «سوء النية» وافتراض الأسوأ هما الأصل.. «فيلين دانك» يا أصدقائي الألمان!
المصدر: الإمارات اليوم