كاتب سعودي ويشغل حالياً منصب مدير قناة "العرب" الإخبارية
لماذا لا توجد إذاعة أو محطة تلفزيون لأم كلثوم؟ ثمة جمهور عربي عريض من المحيط إلى الخليج، يختلف في السياسة، بل حتى يقتل بعضه بعضا، ولكنهم جميعاً يطربون لسماع كوكب الشرق وهي تغني لهم عن الحب والشوق والحرمان.. والأمل، ليتها غنتهم عن السلام والتعددية والتداول السلمي للسلطة.
اكتشفت مؤخراً مجموعة في الواتس أب معنية بأم كلثوم، تتبادل نوادر أغانيها، وتسجيلات خاصة لجلسات طرب في بيوت علية القوم لم تذَع، أمثال هؤلاء سيكونون نواة جمهور ملتزم لإذاعة أم كلثوم، والتي يمكن ألا تقتصر على بث أغانيها الرائعة على مدار الساعة، وإنما أيضاً تشجع مواهب جديدة تقلد كوكب الشرق في فنها وإبداعها فتسهم في وقف حالة التردي والتجريف التي تتعرض له الموسيقى العربية.
عزز من قناعتي بالجدوى التجارية لإذاعة ومحطة «كوكب الشرق» تجربة أخرى، إذ دعيت لعشاء من قبل نخبة مثقفة من رجال الأعمال والمال والمسؤولين الحكوميين البحرينيين بفيلا صديق في درة البحرين، كانت الساعة تقترب من الحادية عشرة عندما ذكّر أحدهم صاحبه أن يتحول نحو روتانا طرب، فهي تبث سهرة مع أم كلثوم كل ليلة في نفس الوقت، أضفت «الست» جواً بديعاً على سهرتنا لليلتها، يضاف إلى هواء درة البحرين العليل، شعرت كأننا من ذلك الجيل الذي كان يجتمع حول الراديو آخر خميس من كل شهر ليستمع إلى حفلتها الشهرية، بالتأكيد كانت الحفلة أوضح والصوت أقوى مع الصورة بعدما حسنت روتانا التسجيل مما كان يستمع إليه العرب في الستينات من «الخليج الثائر حتى المحيط الهادر».
ثمة متحف لأم كلثوم في القاهرة يحتضن مقتنياتها من فساتين ومجوهرات، وصور وأوسمة ولابد أن أزوره يوماً، ولكن لا يزال هناك الكثير الذي يمكن فعله ليس فقط لتخليد ذكراها والتي أعتقد أنها مسألة مضمونة عند طائفة من الذويقة العرب الذين لن يختفوا أبداً، وإنما لابد من تعريف الأجيال بها، لا أرى خطأ في «تسويق» أم كلثوم تجارياً، فهذا كفيل بنشر فنها، مثل أن يشترك منتج مستثمر وكاتب مبدع في مسرحية غنائية تروي سيرتها وقصص أغانيها، لتصبح جزءاً ثابتاً من حياة القاهرة الفنية والثقافية ومقصداً دائماً للسياح، ماذا لو استثمر تاجر في «متاجر ذكريات أم كلثوم» يبيع فيها ذكرياتها وذكريات زمانها، فالسياح العرب الذين يترددون على القاهرة ملوا من نفس الهدايا التي عرفوها منذ أول رحلة لهم هناك قبل ربع قرن أو أكثر، بالطبع نحتاج أن تعود للقاهرة ابتسامتها وبالتالي سياحها أولاً.
فكرتي الأخيرة متطرفة، «مطعم وكاريوكي أم كلثوم» والكاريوكي هو فن ياباني ـ ينطقونه كارا أوكي ـ تحول إلى نشاط تجاري حول العالم، حيث يقف الزبون على مسرح صغير وسط المطعم ليغني وأمامه جهاز يعرض عليه كلمات الأغنية التي اختارها بينما تصدح الموسيقى بألحان الأغنية، إنني متأكد أن ثمة من هو أو هي مستعد أن يقف أمام الجميع ويستعرض مهارته أو عدمها في تأدية إحدى أغاني كوكب الشرق، بالطبع لابد أن يعطى زبائن المطعم الحق في إيقافه إذا لم يطربهم أداؤه.
هل لديكم أفكار أخرى، فأم كلثوم ظاهرة عربية نادرة لم تتكرر حتى الآن، ولما نعطها حقها بعد.
المصدر: مجلة روتانا