كاتب إماراتي
في بداية الأمر كنت أحس ببعض التأخير، وبعد فترة من الوقت بدأت أشعر بالضيق، أما الآن فأنا أشعر بالقلق فعلاً، فها هي الذكرى الثانية لسقوط طرابلس الغرب تقترب من دون أن يصلني ذلك البريد الإلكتروني من عائشة القذافي لكي تقول لي إنني الوحيد الذي رأت صورته الجميلة، وأحست بأن «الخير ف وجهي»، وأنني الوحيد الذي تستطيع أن تثق به لكي تحوّل مبلغ خمسة مليارات دولار من ثروة والدها، طيب الذكر، لكي تستثمرها في مشروعات عقارية مختلفة في دبي!
أشعر بالقلق، لأن عيوش تأخرت عن الانضمام إلى قائمة زبائني المهمين الذين منحوني ثقتهم الكاملة، وقائمتي تضم كلاً من أم زهوة (سهى عرفات)، وأرملة هبراسيلاسي، وخديجة الجمال زوجة علاء مبارك، ولأن زبائني هم من يختارونني ولست أنا من يختارهم، فقد اضطررت مرغماً إلى قبول عرض ليلى الطرابلسي بن علي، منها لـله، التي كانت سبب جميع المصائب التي نحن فيها الآن، ولو أنها تنازلت عن «توكيلات» عدة لها في تونس، لكنا أنا وأنت الآن ننعم بشرب عصير منغا لدى فرغلي في شارع جامعة الدول في القاهرة، ونحن نتساءل عن سبب إصرار حسن شحاتة على إخراج شيكابالا من تشكيلة المنتخب!
عودة إلى زبائن الغفلة، الذين يعرف جميعكم بقية قصصهم المملة، يقول لك مرسل الـ«إيميل» إن عليك إرسال رقم هاتفك إلى بريد في جزر الفوكلاند، ثم يتصل بك المحامي ويطلب منك رسوم تصديق بعض الأوراق.. الخ هذا النصب اللذيذ. حقيقة أنا أتسلى كثيراً بالرد على تلك الـ«إيميلات» والحديث مع أصحابها من باب تزجية الفراغ ومعرفة «إلى أين ستصل السالفة»، والأمر فعلاً مسل.
فمثلاً طلبت من «أسماء الأخرس»، التي كانت تريد تحويل مبلغ 700 مليون إلى حسابي أن تزوجني فتاة جميلة، مقابل أن أتعاون في تحويل المبلغ، فأرسلت إليّ صورة فتاة من غينيا بيساو، تشبه كثيراً ذلك اللاعب الشهير عندما يغضب و«ينطح»، استغربت حقيقة من أن زوجها، طبيب العيون، لم يفحص عينيها اللتين أغفلتا كل بنات الشام، وتريد أن تزوجني بـ«التراورية»!
بدورها ابنة تشاوتشيسكو، الرئيس الروماني السابق، تصر على أن والدها على قيد الحياة، ووعدتني بمقابلة حصرية معه في حال ساعدت على تحويل المبلغ، على عكس ابنة الرئيس الفلبيني ماركوس، التي تحلف لي بأنها تراسلني من زنزانة في سجن سري على جزيرة مجهولة!
في دراسة لجامعة ميرلاند، نشرتها وكالة الأسوشيتد برس، وجدت فيها أن تكلفة الوقت الذي يقضيه الموظفون للتعامل والتخلص من البريد الإلكتروني المتطفل تبلغ 22 مليار دولار سنوياً، بحساب أجورهم، هذا وهم لا يملكون ربيعاً ولا ثورات ولا راغبين في تحويل أموال، ولا عندهم عيوشة!
المصدر: الإمارات اليوم