كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة
من يدخل أعماق الجيل الجديد من المبدعين في الإمارات يجد عوالمَ مختلفة عن المألوف وحباً لا يهدأ للاستكشاف والاكتشاف، وربما ذلك ينطبق على الحالات الكتابية بشكل أكبر من الحالات الفنية الأخرى.
من الأعمال التي تغري باستكمال القراءة وعدم التوقف عنها منذ الصفحة الأولى رواية «اسبيرسو» للكاتب عبدالله النعيمي، وأهم ما فيها أنها ارتكزت على مواقع التواصل وبالتحديد موقع «تويتر». ولذا يعرفها الكاتب بأنها أقصوصة تويترية. عربية الهوى والهوية، لا ترتبط بمجتمع معين، ولدت في صورة تغريدات متسلسلة، وحظيت بتفاعل كبير من المتابعين، لتكبر مع الأيام وتصير رواية.
إذاً، «تويتر» وما يقاربه من المواقع يمثلون لغة العصر بالنسبة للجيل الصاعد بقوة إلى الواجهة، الجيل الذي يشكل النعيمي وصحبه من أصحاب الرؤية الجادة عموده الفقري، وينسجون من حروفهم آمالاً لما يجب أن يكون. ففي «اسبريسو» يحلم الكاتب بأن تفهم المرأة العربية الرجل، وأن يفهم الرجل العربي المرأة. وحين يحلم بوجود ذلك الفهم، فهذا يعني أنه غير موجود. ولذا جاءت الرواية لتضع بصمة شبابية تذهب باتجاه تكوين وعي مختلف، وعي يبحث عن مجتمع مثالي تتكامل عناصره، لترتقي وتجعل من شراكة الحياة «شراكة في كل شيء، في الآمال وفي الأفكار وفي المشاعر، إنها شراكة حياة بكل معنى الكلمة» كما جاء في الصفحة 201 من «اسبريسو».
تتداخل في الرواية حالتا الوعي واللاوعي، وتطرح إشكالية الطلاق، ويغوص النعيمي في جدلية تنازع العواطف، ولعله استغلها ليجعل منها ختاماً مفاجئاً حين يتلقى بطل الرواية رسالة على الهاتف المتحرك وهو في طريقه إلى الفندق مع عروسه لبدء شهر العسل، لكن الصدمة تذهل العروس حين تقرأ الرسالة وترى صورة عريسها مع أنثى أخرى تبث اشتياقها إليه وتؤكد انتظارها له بعد عودته من شهر العسل. ولعل الكاتب أجاد هنا في قفل الرواية، فليست كل النهايات جميلة، وفي الحياة الكثير من المرارة والألم، وإذ نكرس في الكتابات أن الأمور دائماً تنتهي بحالات رومانسية فإننا نكون قد خرجنا عن الواقع ولجأنا إلى ما يخالفه. فالحياة تضم المتناقضات، وفيها الحلو والمر.
تجربة عبدالله النعيمي في «اسبريسو» ترتكز على طقوس ومفردات الحياة اليومية لجيله، طقوس لا تبدأ بالمقهى وحكايات النادلة وصعوبة عملها في مجتمعاتنا العربية، ولا تنتهي بحلم الوصول إلى الحياة التي يتمناها أي شاب. وما بين البداية والنهاية يمر القارئ على فطائر الجبن والصحف والأخبار الرياضية والفنية، ويعرج على اختلاف الثقافات، والقالب المشوه غير واضح المعالم لمفهوم الفضيلة في المجتمع العربي. وفي غمره ذلك كله لا ينسى في الصباحات قهوة «الاسبريسو» التي جاءت عنواناً للرواية.
المصدر: الرؤية