كاتب كويتي
نحن نعرف الأهمية الطاغية التي تعطيها إسرائيل للبحث العلمي والابتكار، ونعرف كذلك أن هذا التوجه ليس حكومياً بيروقراطياً يتعلق غالباً بالارتقاء الأكاديمي، بل هو كذلك في صلب اهتمام الباحثين أنفسهم الذين يكرسون حياتهم وجهدهم في هذا المجال، بينما يصدم الروتين والفساد الكثير من العقول في الجامعات العربية، ويتسابق أصحابها أحياناً كثيرة في الهجرة إلى أوروبا والولايات المتحدة.
يتناول كتاب دليل إسرائيل 2011 للدكتور خالد أبو عصبة قضايا البحث العلمي في إسرائيل، فيقول إنها أنشأت سنة 1972 جهازاً خاصاً لدعم الأبحاث الأساسية، وألقيت مسؤولية المتابعة على الأكاديمية الوطنية للعلوم.
ويشير إلى وجود صندوق لدعم الأبحاث باسم «الصندوق الوطني للعلوم»، يشرف على أبحاث مؤسسات التعليم العالي في مجالات العلوم الدقيقة والتكنولوجيا والطب وعلم الأحياء إلى جانب الآداب والعلوم الاجتماعية، ويتم الدعم من خلال أكثر من عشر منح بحثية.
وثمة لجنة للتخطيط والميزانية تشارك في صندوق لجنة الطاقة الذرية، وصندوق الأبحاث المشتركة مع وزارة الدفاع، وصندوق أبحاث التربية الأميركي – الإسرائيلي لتبادل الباحثين. كما ينشط في إسرائيل 14 صندوقاً لدعم الباحثين المتفوقين بمن فيهم طلاب الماجستير والدكتوراة.
وتجري الأبحاث العلمية والتطبيقية في إسرائيل داخل ما يقارب 50 مركز أبحاث رئيسي وعدد كبير من المراكز الصغيرة، كما أن هناك مؤسسات ومصانع عديدة تملك وتدير مراكز خاصة بها. وفي تحليل لمختلف المؤسسات الإسرائيلية، يقول الباحث إنه (يلاحظ من التقارير عن الأبحاث العلمية أن الجامعة العبرية ما زالت تتصدر المؤسسات الأكاديمية في مجالات الآداب والعلوم الاجتماعية والزراعية والطب، وأقل من ذلك في أبحاث الرياضيات والكومبيوتر والعلوم الطبيعية الفيزيائية، وما زال معهد “التخنيون” يحتل الصدارة في أبحاث الهندسة ويبرز معهد “وايزمان” في أبحاث الطبيعة البيولوجية والفيزيائية. لكن اللافت للنظر هو الدور الذي اضطلع به هذا المعهد في أبحاث التربية، وهو نتيجة مباشرة للتحولات التي حدثت في جهاز التعليم الإسرائيلي، ولا سيما في مجال وضع مناهج التعليم، ونصوص كتب التعليم. ويلاحظ أن مساهمة الجامعات الصغيرة مصل بار – إيلان، وبن – جوريون، وحيفا، ما زالت ضئيلة نسبياً، ولم تتحول إلى منافس قوي للمؤسسات الأكاديمية العريقة في مجال البحث، على الرغم من مرور أعوام طويلة على تأسيسها. لكن بعض هذه الجامعات استطاع أن يقطع شوطاً كبيراً، وينتزع حصة كبيرة نسبياً في مجالات بحث محددة. فجامعة “بار – إيلان” تخصصت بالعلوم الاجتماعية. واستطاعت جامعة بن جوريون أن تبرز في مجال الأبحاث الطبية). (ص 440).
وتنتمي إسرائيل، قياساً بالدول المتقدمة الأخرى في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلى صدارة هذه الدول، حيث بلغت نسبة الإنفاق على البحث والتطوير فيها 4.8% من الدخل القومي المحلي. في حين كانت النسبة الأميركية 2.4% والفرنسية أقل من 2%.
وفي مجال الصناعة بالتحديد بدأ التشجيع منذ سنة 1972 باستحداث دائرة «العالم الرئيسي» في وزارة الصناعة والتجارة. وفي سنة 1984، سن الكنيست قانون تشجيع البحث والتطوير في المجال الصناعي متضمناً الحوافز التي ستمنحها الدولة في مقابل الاستثمار في البحث والتطوير. وتتميز إسرائيل، يقول الباحث، بارتفاع نسبة الإنفاق على البحث في قطاع الاتصالات الإلكترونية إذ تصل إلى 67% من مجمل الإنفاق في مقابل 21% من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
ويضيف الباحث أن «الاقتصاد الإسرائيلي مبني على التطور العلمي، والجامعات الإسرائيلية تتبوأ مراكز متقدمة مقارنة بمثيلاتها في العالم». ويقول: «فبحسب مركز الجامعات ذات المكانة العالمية التابع لجامعة شنغهاي والمتخصص بتصنيف الجامعات وفق مقاييس مثل، نشر الأبحاث في دوريات علمية ذات مكانة عالمية، وعدد الإشارات إلى هذه الأبحاث من باحثين آخرين، احتلت الجامعة العبرية المرتبة 64 بين 500 جامعة في سنة 2009، وتبوأ كل من المعهد التكنولوجي (التخنيون) وجامعة تل أبيب المرتبة 101، ومعهد وايزمان للعلوم المرتبة 152، وكل من جامعة بار – إيلان وجامعة بن – جوريون المرتبة 303، وجامعة حيفا المرتبة 402. وبحسب تقرير صادر في تموز/ يوليو 2009 عن مركز الأبحاث التابع للمجلس الأعلى للأبحاث العلمية الإسباني (CYBERMETRICS LAB)، والذي يعتمد على كمية الأبحاث التي تنتجها الجامعات وتنشرها في مواقعها الإلكترونية، وعلى مدى وجودها في الإنترنت، احتلت الجامعة العبرية المرتبة 171 من مجموع نحو 6000 جامعة في العالم، بينما تبوأ معهد التخنيون المرتبة 221، وجامعة تل أبيب المرتبة 238، ومعهد وايزمن للعلوم المرتبة 314».
المصدر: الاتحاد