تحت رعاية ودعم سمو الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم رئيس هيئة دبي للثقافة والفنون، وفي إطار الجهود المشتركة لدعم قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة في دبي، أطلقت غرفة تجارة وصناعة دبي بالتعاون مع المكتب الخاص لسمو الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم، أمس، مبادرة “تجار دبي” كبرنامج متخصص بتأهيل الشباب لمساعدتهم على دخول عالم الاعمال بمشاريعهم الصغيرة والمتوسطة، متسلحين بالمعرفة والمهارات اللازمة التي تضمن لهم النجاح في مشروعاتهم وأفكارهم المبتكرة والإبداعية.
وتهدف المبادرة إلى ايجاد جيل جديد من التجار يحاكي مهارة الجيل الاول من تجار دبي، من خلال توفير بيئة تطوير ترعى وتنمي أفكار الشباب، وتعزز مفهوم ريادة الأعمال من خلال دورات تأهيلية وشبكات تواصل لتبادل المعرفة، تساعدهم على تحويل أفكارهم إلى فرصٍ عملٍ واقعية.
النهج والرسالة
وتلتزم المبادرة رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، القائمة على أساس أن ريادة الأعمال هي أقصر الطرق إلى المستقبل المشرق، نهجاً ورسالةً في العمل.
كما أنها متوافقة مع الكلمة التي ألقاها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في افتتاح القمة الثالثة لريادة الأعمال التي عقدت مؤخرا في دبي والتي أكد فيها سموه أهمية مهارة الجيل الجديد من الشباب الطموح باعتبارهم من سيقود المستقبل للطريق الصحيح وصولاً للفوز والإنجازات، حيث قال سموه: “فكيف للبنيان أن يعلو دون أركان وكيف للخيل أن تنتصر دون فرسان.. الشباب الطموح المتعلم هم الاركان وهم الفرسان”.
وأكد سمو الشيخ ماجد بن محمد أن للمبادرة رؤية محددة وأهدافاً واضحة تتمثل في تحفيز الابداع لدى الشباب وإدماجهم في العملية الانتاجية وسط بيئة آمنة ترعى إبداعاتهم وتنقلها الى مسار التطبيق، مضيفاً أن هذا التوجه يتماشى مع التوجيهات المستمرة من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بالأخذ بأيدي الشباب والشابات والاستفادة من إبداعاتهم وتشجيعهم على الدخول في عالم الأعمال وتوفير مقومات النجاح لهم لتكون مشروعاتهم نموذجا للتكامل الفعال ونواة حقيقية لمجموعات أعمال كبرى تساهم في التنمية الاقتصادية الوطنية.
وأضاف سموه أن الاهتمام بالإبداع والاستثمار في تأهيل المبدعين وتبني مواهبهم يعد مؤشراً إلى التطور الحضاري والتنموي لدى شعوب العالم، مشيراً إلى أن التطور يتحقق عن طريق استثمار أفكار المبدعين وتأهيليها لتنسجم مع حاجات سوق العمل، معتبراً ان الامارات غنية بالمبدعين من شباب الوطن الذين يحتاجون الى دعم ورعاية وتوجيه نحو الاستثمار الامثل في عالم تحكمه اليوم المتغيرات السريعة والتطورات التكنولوجية النوعية التي تؤثر في حياتنا كل يوم.
كيف تكون تاجراً؟
ومن جانبه، قال حمد بوعميم، مدير عام غرفة تجارة وصناعة دبي: إن الأزمة المالية العالمية أظهرت مدى حاجة الاقتصادات الناشئة الى دعم الافكار المبتكرة وتبني مشاريع الشباب ودعمها وتوفير البئية اللازمة لنمو وتطور المشاريع الصغيرة والمتوسطة، خاصة أن تلك المشاريع التي تشكل نحو 90% من النشاط الاقتصادي الوطني و95% من اقتصاد دبي لا تحظى سوى بتمويل لا يتجاوز 5% من القطاع المصرفي، ولذلك فإن الغرفة أدركت أهمية تعزيز هذا القطاع الهام ومساعدة فئاته على الإبداع والنمو.
وأضاف بوعميم أن المبادرة الجديدة تختلف عن غيرها من المبادرات بكونها اعتمدت على دراسات ميدانية خرجت بتوصيات تؤكد أن رواد الاعمال وخاصة من خريجي الجامعات يحتاجون الى تطوير مهاراتهم، فركزت المبادرة على هذا الجانب من خلال برنامج تطوير ريادة الاعمال مكثف بعنوان “كيف تكون تاجرا؟”، لمساعدتهم على تحويل أفكارهم إلى أعمال ناجحة، مما يساعد على تخريج جيلٍ من الشباب قادرٍ على إدارة المشاريع التجارية طويلة الأمد، مشدداً أن هذه المبادرة تعكس التزام الغرفة باستثمار جهودها وشبكة علاقاتها ومبادراتها مثل جامعة دبي لدعم رواد الأعمال المواطنين، وتحفيز جهود التوطين كذلك في القطاع الخاص.
الحاضنة الآمنة
وقال مروان بن بيات، مدير عام المكتب الخاص لسمو الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم: إن نجاح التوطين يستلزم التأهيل أولا، وهي معادلة يحتاج تنفيذها الى الارادة والادوات اللازمة، وليس غريبا ان غالبية الشباب يتوجهون اليوم الى الوظائف الحكومية، معتبراً ان المشكلة تكمن في توفير الحاضنة الآمنة التي تتبنى رعاية أفكار الشباب، ومساعدتهم على الخطوة الأولى.
وأضاف بن بيات أن “تجار دبي” مبادرة استراتيجية، تهدف إلى تهيئة مناخ ملائمٍ للموهوبين من أبناء الوطن في حقل ريادة الأعمال وخلق جيل جديد من رواد الأعمال الإماراتيين، مشيراً إلى أن الشراكة مع غرفة دبي في هذه المبادرة جاءت من واقع أن الغرفة هي الجهة المثالية للتنفيذ بما تمتلكه من الخبرات المتنوعة وشبكة العلاقات الواسعة الداخلية والخارجية ولديها منصة التدريب عبر جامعة دبي التابعة للغرفة كما ان لديها الاستشاريين القادرين على رسم معالم طريق نجاح مشروعات الشباب اضافة الى تمكين المتدربين من مقابلة الوفود الاجنبية الزائرة.
آلية المبادرة
وحول المبادرة وطريقة اختيار المرشحين، أشار بوعميم أن الهدف هو اختيار ما بين 10-15 شاباً وشابة من أصحاب الكفاءات العالية من قبل لجنة مستقلة تراجع المقترحات المقدمة من قبل الشباب، وتقوم بمقابلتهم واختيار المرشحين، موضحاً ان اللجنة المستقلة تتألف من تنفيذيين كبار في ميادين ريادة الأعمال في الإمارات، ومستشارين في التدقيق والخدمات المهنية والصيرفة والموارد البشرية والقانون.
وأضاف بوعميم أن المرحلة التالية بعد اختيار المرشحين تهتم بتطوير كفاءات المرشحين الواعدين، وتزويدهم بالأدوات اللازمة، والاتجاهات التي تمكنهم من إطلاق المشاريع الناجحة، حيث سيجري تقييم المرشحين من خلال مهام فردية أو جماعية على امتداد مراحل البرنامج، إضافة إلى إعداد خطط مفصلة حول مفاهيمهم الاقتصادية تقوم لجنة المراجعة بدراستها.
وأوضح بوعميم أن برنامج المبادرة بدعوة الموهوبين لتقديم طلباتهم واجراء المقابلة الشخصية، على ان يتبع ذلك عملية فحص الطلبات واختيار الافكار النوعية لدعوة اصحابها الى برنامج الدورة، مشيرا الى أن مدة البرنامج ثلاثة أشهر يخضع خلالها المشاركون الى مواد اساسية في ادارة الاعمال، كما تتم دراسة افكار ومقترحات المشاركين ومعرفة مدى ملاءمتها لسوق العمل وخطوات التنفيذ والتسهيلات والصعوبات التي تواجه الفكرة، اضافة الى تحليل معمق لحالات محلية وعالمية ناجحة.
وأشار إلى أن برنامج المبادرة يتضمن زيارات إلى المستشارين، والمصارف، وأصحاب الأعمال الجديدة للتعرف على التسهيلات التي تقدمها الجهات الحكومية والتحديات وصعوبات التنفيذ وإيجاد الحلول.
وقال بوعميم: إن تسهيل عملية تطبيق الأفكار وتحويلها إلى شركات حديثة وابتكارية هي محور البرنامج، حيث سيتم مراجعة الخطط من قبل لجنة خبراء لرسم خطة تنفيذ قائمة على قواعد متينة تلتزم بالقوانين وتعزز التنافسية، موضحاً ان البرنامج سيساعد المرشحين على توفير التمويل حسب الحاجة وتزويدهم بالمواد اللازمة وإفساح المجال أمامهم للاستفادة من شبكة علاقات غرفة دبي الداخلية والخارجية لتنفيذ أفكارهم التجارية، مشدداً أن البرنامج سيقوم بمراقبة تنفيذ البرنامج حيث سيعمل أعضاء لجنة اختيار المشروعات كمرشدين لمشاريع التطبيق لضمان وضع المشروع على الطريق الصحيح في عالم الأعمال.
ومن المراحل البارزة في البرنامج، كما يشرحها بوعميم، تأسيس شبكة تقاسم المعرفة عبر تنظيم لقاءات بين الرواد الجدد والقدامى من الرعيل الاول من تجار دبي، حيث ستقام فعاليات وورش عمل ومؤتمرات لتوفير الفرص لرواد الأعمال الجدد للالتقاء برجال الأعمال، لاكتساب المعرفة والحصول على المشورة منهم.
مميزات المشاريع الصغيرة والمتوسطة
علاوة على دور المشاريع الصغيرة والمتوسطة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث تمثل جزءاً كبيراً من قطاع الإنتاج في مختلف الدول، سواء المتقدمة أو النامية، تولي دول عديدة اهتماماً خاصاً بها، فعلى سبيل المثال، تعد الصناعات الصغيرة والمتوسطة مفتاح التنمية في الهند، وقد أولتها دعماً متميزاً، حتى أطلق عليها بالابن المدلّل للحكومة، وتقدم المشاريع الصغيرة والمتوسطة العديد من المميزات التي يمكن تلخيصها بالآتي:
1. سهولة تأسيسها، نظراً لعدم حاجتها إلى رأسمال كبير أو تكنولوجيا متطورة، إضافة إلى قدرتها على الإنتاج والعمل في مجالات التنمية الاقتصادية المختلفة.
2. توفير فرص عمل وبكلفة استثمارية منخفضة، وذلك لطبيعة الفن الإنتاجي المستخدم، حيث أسلوب الإنتاج كثيف العمل خفيف رأس المال، فضلاً عن تواضع مؤهلات العمالة المطلوبة، ما يعزز دورها في امتصاص البطالة التي في الأغلب تتصف بتدني مستواها التعليمي والمهني، وخاصة في البلدان النامية.
3. نشر القيم الصناعية الإيجابية في المجتمع، من خلال تنمية وتطوير المهارات لبعض الحرف والمهارات.
4. استغلال مدخرات المواطنين والاستفادة منها في الميادين الاستثمارية المختلفة، بدلاً من تبذير هذه المدخرات في الاستهلاك.
5. تعظيم الاستفادة واستغلال المواد الأولية المتاحة محلياً لإنتاج سلع تامة الصنع، تسهم في تلبية احتياجات وأذواق المستهلكين، إضافة إلى قدرة هذه المشاريع على العمل في مجال إنتاج الصناعات الحرفية والسلع الغذائية والاستهلاكية الصغيرة والمتوسطة، التي يتم الحصول عليها من الخارج، الأمر الذي يساعد في سد جانب من احتياجات السوق المحلية من هذه السلع، ما يسهم في تخفيض العجز في ميزان المدفوعات.
6. تغطية الطلب المحلي على المنتجات التي يصعب إقامة صناعات كبيرة لإنتاجها لضيق نطاق السوق المحلية، نتيجة لانخفاض نصيب الفرد من الدخل القومي، أو لمحدودية حجم التراكم الرأسمالي، وخاصة في الدول النامية.
7. تعد هذه المشاريع صناعات مغذية لغيرها من الصناعات، ولها دورها في توسيع قاعدة الإنتاج المحلي، حيث تسهم في تلبية بعض من احتياجات الصناعات الكبيرة، سواء بالمواد الأولية أو الاحتياطية، بالإضافة إلى قدرة هذه المشاريع على الاستفادة من مخلفات الصناعات الكبيرة.
8. لا يحتاج العاملون إلى مستويات عالية من التدريب للعمل في هذه المشاريع، لبساطة التكنولوجيا المستخدمة.
9. توفر منتجات هذه المشاريع جزءاً هاماً من احتياجات السوق المحلية، ما يقلل من الاستيراد.
10. توفير العملة الصعبة، من خلال تعويض الاستيرادات، والمساهمة في التصدير في أحيان كثيرة.
11. تستطيع مواجهة تغييرات السوق بسرعة بعيداً عن الروتين، حيث تتمتع بقدر من التكييف وفقاً لظروف السوق، سواء من حيث كمية الإنتاج أو نوعيته، ما يعني القدرة على مواجهة الصعوبات في أوقات الأزمات الاقتصادية وفترات الركود.