رئيس تحرير صحيفة الرؤية
على مدى خمسة عشر عاماً والإعلام العربي يبحث عن مستقبله، ويتباحث الإعلاميون العرب حول التحديات التي تواجه مهنتهم، وذلك من خلال منتدى الإعلام العربي في دبي الذي نجح بامتياز في أن يستشرف مستقبل الإعلام، وأن يضع الإعلاميين العرب في صلب التغيير الذي تشهده صناعتهم.
أتذكّر منذ الدورات الأولى للمنتدى كيف كان الحديث عن مستقبل الإعلام، والإعلام الرقمي الذي سينافس الإعلام التقليدي، و التكنولوجيا التي ستغير من وسائل الإعلام ومن أولوياتها، اليوم نعيش ذلك الحديث والتغيير الجذري في إعلامنا العربي.
وفي منتدى الإعلام العربي الذي يعقد اليوم وغداً ويشارك فيه المئات من الإعلاميين العرب، بالإضافة إلى عدد من الخبراء الإعلاميين الأجانب ستجري مناقشة محاور كثيرة مهمة تحت عنوان «الإعلام.. أبعاد إنسانية»، وعندما يتمحور الحديث حول الإنسانية، فإننا ندرك مدى أهمية دور الإعلام في نشر السلام والمبادئ الإنسانية ومواجهة الإرهاب، وتكمن أهمية الحديث عن هذه الأمور والمحاور التي يتناولها المنتدى في أننا نعيش في عصر «حروب الجيل الرابع» في عالمنا العربي، وعندما نتكلم عن هذه الحروب التي أشعلت منطقتنا العربية، فإننا بلا شك ندرك أن الإعلام كان أهم أدوات هذه الحروب، خصوصاً بعد أن اقتنع كثير من دول العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة بأن الحروب العسكرية لم تعد الخيار الأول لتحقيق الانتصارات، وإنما حروب الجيل الرابع التي تحقق أكبر قدر من المكاسب بأقل قدر من التكاليف، ومن دون خسائر مادية، أو في الأرواح.
في منتدانا اليوم ندرك كإعلاميين عرب أن الإعلامي أصبح جزءاً من الحرب، أو جزءاً من السلام في هذه المنطقة، وأن القلم الذي بين يدي الإعلاميين، أو الميكروفون الذي يحملونه، أو الكاميرا التي يواجهونها، أو الهواتف الذكية التي يستخدمونها هي السلاح الحقيقي في الحرب الجديدة، فإما أن تكون من أجل السلام وخير الإنسانية، أو من أجل الحرب وخراب البشرية.
إن التحدي المستقبلي الذي يواجهه الإعلام لا يكمن فقط في المنافسة التي قد تواجهها وسائل الإعلام التقليدية من الإعلام الجديد، وإنما يكمن التحدي الحقيقي في الدور الذي سيلعبه الإعلام والاستخدامات الجديدة للإعلام، سواء الإعلام التقليدي أو الإعلام الجديد في الألفية الجديدة، خصوصاً إذا عرفنا أن استخدامات الدول للإعلام، خصوصاً الرقمي والاجتماعي أصبحت مختلفة، وقد شاهدنا جميعاً كيف انفجر الوضع في منطقتنا العربية في بدايات عام 2011 بسبب الإعلام الجديد وشبكات التواصل الاجتماعي، التي تبين لاحقاً أنها كانت تستخدم وتوجه من الخارج وكانت القوة الناعمة لإسقاط أنظمة ما كانت لتسقطها جيوش نظامية.
إذاً الإعلام العربي والإعلاميون العرب في مرحلة جديدة من تاريخ المهنة، وبلاط صاحبة الجلالة بحاجة إلى من يحميه، وأن يبقى بلاطاً للسلام وخير الإنسانية والبشرية، وليس ساحة للحروب وتدمير الدول والشعوب.
المصدر: الإتحاد