ترجمة: مكي معمري عن «ذا ويك»
الرؤساء الأميركيون انحازوا إلى إسرائيل في مسألة القدس. أرشيفيةالرؤساء الأميركيون انحازوا إلى إسرائيل في مسألة القدس. أرشيفيةترامب ترك باب المفاوضات مفتوحاً حول حدود القدس. أرشيفيةترامب ترك باب المفاوضات مفتوحاً حول حدود القدس. أرشيفيةلا يتوقع أن يكون الاهتمام الدولي بالأحداث في الأراضي المحتلة هذه المرة كما كان دائماً. أ.ف.بلا يتوقع أن يكون الاهتمام الدولي بالأحداث في الأراضي المحتلة هذه المرة كما كان دائماً. أ.ف.ب
تتخلل المشهد الدبلوماسي في الشرق الأوسط صراعات لم تجد طريقها للحل. وفي حالات كثيرة، رفضت الولايات المتحدة رفضاً قاطعاً الاعتراف بالبديهي. لم نعترف أبداً بوجود كوريتين، على سبيل المثال؛ لا توجد سفارة أميركية في بيونغ يانغ. وعلى مدى عقود، ادعينا أن الحكومة الصينية الشرعية الوحيدة كانت في تايوان. ثم ادعينا أنها موجودة، ولكن كنا غير متأكدين من المكان الذي توجد فيه. ثم اعترفنا بأنها في بكين، ولكننا رفضنا الحسم ما إن كانت تايوان مقاطعة صينية، أم دولة مستقلة. لقد اعترفنا بكوسوفو، ولكن ليس أبخازيا، أو شمال قبرص، أو فلسطين.
لقد احتفظت القدس، على مدى عقود، بمكانة غير محددة رسمياً، على الرغم من خصوصية المدينة. زار الرؤساء بشكل روتيني القدس أثناء رحلتهم إلى إسرائيل، وأعلن السياسيون عبر الطيف الأميركي دعمهم لإسرائيل، وعدم قابلية سيادة إسرائيل للتقسيم في القدس (بما في ذلك المرشح آنذاك باراك أوباما في عام 2008). ومنذ عام 1995، كانت السياسة الرسمية للكونغرس الأميركي تدفع نحو ضرورة نقل السفارة الأميركية إلى القدس. لكن مع ذلك، تمثل الموقف الرسمي في أن وضع القدس يخضع للتفاوض النهائي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
لقد كان إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأسبوع الماضي، عزمه نقل السفارة الأميركية الى القدس، الى حد ما، أقل حجماً من الناحية الرسمية، مما هو مطروح عموماً. كان الرئيس جورج بوش قد اعترف بالفعل بأن «الحقائق على الأرض» يجب أن تؤخذ في الاعتبار في مفاوضات الوضع النهائي، والتي كان من المفهوم عموماً أنها تأييد للموقف الاسرائيلي الذي يقضي بضرورة دمج كتل استيطانية كبيرة في «إسرائيل ذات السيادة»، كجزء من أي صفقة. ومن غير المعقول أن تصبح مستوطنة «معاليه أدوميم» جزءاً من إسرائيل، في حين يخطط للقدس أن تكون في وضع سيادي خاص. وحتى ترامب نفسه، ترك باب المفاوضات مفتوحاً حول «حدود القدس الإسرائيلية».
إعلان ذو مغزى
ولكن الإعلان الأخير ليس عديم المعنى. وكحد أدنى، يستحق «تصريح» الرئيس الأميركي أن يتطابق مع المعطيات الواقعية. كان ينظر إلى الولايات المتحدة، على مدى عقود، على أنها وسيط نزيه، أو على الأقل قوة وقفت بما فيه الكفاية بعيداً عن المعركة، من أجل رعاية مصالح كلا الجانبين في الصراع، إلى حد ما. ويبدو أيضاً أن هذه النظرية كانت ضعيفة جداً في كثير من الأحيان، وينبغي الآن التخلص منها.
لماذا نجري هذا التغيير الآن؟ على مستوى واحد، الجواب واضح. إن ازدراء الرئيس ترامب للدبلوماسية كان واضحاً لبعض الوقت، كما كان ازدراؤه لـ«الخاسرين»، والفلسطينيون بالتأكيد ليسوا مشهورين بالفوز. إن علامته السياسية برمتها، هي قول الحقيقة غير السارة بطريقة فجة. لكن، ما المانع في أن يفعل ترامب ذلك؟ أليس من الصعب أن نتصوره يفعل عكس ذلك، وأن نتصوره وهو يوضح بجدية لماذا التمسك بالموقف الدبلوماسي التقليدي الأميركي؟
تغيّر الواقع
كان الواقع الموضوعي للوضع الإسرائيلي والفلسطيني قد تغير أيضاً، وهذه حقيقة قبيحة تستحق أيضاً الاعتراف بها. إن العالم العربي لم يكسر هذا منذ إنشاء إسرائيل، ولم يكن الصراع العربي – الإسرائيلي أقل مركزية في السياسة في ذلك الجزء من العالم، كما هو عليه اليوم. لاتزال سورية والعراق في خضم الحرب الأهلية، والصراع السني ــ الشيعي وتهديدات التطرف يشكلان مصدر قلق أكبر في المنطقة، من وضع الفلسطينيين.
لقد تغيّر السياق الدولي الأوسع كذلك. في وقت سابق من هذا العام، اعترفت روسيا بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل، ومع تأكيد أن القدس الشرقية يجب أن تكون عاصمة لدولة فلسطينية مستقلة، اعتبر ذلك تطوراً في صالح إسرائيل. إن ظهور الأحزاب اليمينية المتطرفة المناهضة للإسلام كقوى سياسية خطيرة في جميع أنحاء أوروبا يعقد القلق التقليدي للأحزاب الرئيسة إزاء القضية الفلسطينية. وإذا كان هناك عنف خلال الرد على الخطوة الأميركية، فمن المحتمل أن يلقى تعاطفاً دولياً أقل مما كان عليه الحال قبل بضع سنوات فقط.
الوقت مناسب لاتخاذ الخطوة
كل هذه الأسباب التي تجعل أي إدارة تميل إلى دعم موقف إسرائيل، قد تتخذ خطوة من هذا النوع في هذا الوقت. لكن إدارة ترامب نفسها تمثل تغييراً أكثر وضوحاً في المشهد الدولي من التعديل الطفيف نسبياً، والذي يمثله هذا الخطاب الواحد. وهذا له بعض التأثير على العواقب المحتملة لهذه الخطوة وتأثيرها على المنطقة.
تاريخياً، كان الكثير من تحالفات أميركا يتركز حول تقييد طموحات الحليف، كما كانت حول الاستفادة من مساعدتهم النشطة. وفي حين حرص حلف شمال الأطلسي (الناتو)، على ألا تشكل ألمانيا تهديداً لجيرانها، فإن تحالفنا مع اليابان طمأن الدول الآسيوية الأخرى بشأن إعادة التسلح اليابانية المحتملة. وقد مكنتنا تحالفاتنا مع باكستان ومصر والمملكة العربية السعودية من الحفاظ على درجة ما من التأثير في البلدان، التي يمكن أن تتسبب في مشكلات أخرى أكبر بكثير. ولكن هذا قد يتغير في ظل هذه الرئاسة، وقد يعطي الرئيس ترامب لحكومة إسرائيل اليمينية الضوء الأخضر نفسه الذي أعطاه لجيشنا في مجموعة واسعة من الصراعات التي انخرط فيها. وإذا كان هذا هو الحال، فإن القلق من العنف الذي يمارسه الفلسطينيون أو المتعاطفون معهم قد يكون التركيز على الجانب الخطأ.
نوح ميلمان – محلل سياسي
المصدر: الامارات اليوم