رئيس مركز جنيف لحقوق الإنسان والحوار العالمي منذ العام 2014، وزير سابق، وأكاديمي، وكان مديراً لجامعة زايد.
اللغط الذي أثير حول موقف دولة الإمارات واستمرارها في التحالف العربي ما كان إلا صنعة المشككين والمتربصين، وما أكثرهم! تلك أمانيهم المستحيلة وآمالهم البائسة، هذا اللغط يفتعله المرجفون ويروجونه، وعلى مر التاريخ تجد مثل هذه الأصوات النشاز محاولة وقف تجارب النجاح ومسيرة الخير الإنسانية، والإمارات بإنجازاتها ومكانتها على الصعد الوطنية والعربية والإنسانية مرشحة لنيل تلك السهام المشككة.
منذ البداية، لم يكن انضمام دولة الإمارات للتحالف العربي بقيادة السعودية نزوة عابرة، أو مغامرة سياسية غير محسوبة، وإنما كان التزاماً أخلاقياً يعكس الموقف المبدئي لها، وقد جاء استجابة لنداء الشرعية اليمنية واستغاثتها التي أطلقها الرئيس عبد ربه منصور والحكومة الشرعية في مارس سنة 2015، وأسست لها المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني،
لم يكن الحزم العربي، الذي كانت الإمارات قلبه وأذرعه، بقيادة السعودية الشقيقة إلا من أجل استقرار اليمن واستمرار منجزاته. كما لم تكن إلا التزاماً بالشرعية الدولية ممثلة في قرارات مجلس الأمن.
من هنا، جاءت المشاركة الإماراتية في اليمن ترجمة حقيقية لمبادئ الدولة ومثلها منذ قيامها في نصرة الأشقاء في الأزمات والمحن، نذكر بكل اعتزاز موقف القائد المؤسس الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، أثناء حرب أكتوبر عام 1973، وصيحته الرائعة التي صارت روحاً وصيحة عربية واحدة «إن النفط العربي ليس بأغلى من الدم العربي» تجمع العرب مهما تفرقوا.
كذلك حضور القوات الإماراتية ضمن قوات الردع العربية إبان الحرب الأهلية في لبنان في سبعينيات القرن الماضي، ويذكر التاريخ إسهامات الإمارات عسكرياً وإنسانياً لنصرة المضطهدين المسلمين في الحرب الأهلية في البوسنة والهرسك في تسعينيات القرن الماضي، ولا زالت مشاهد الحضور الميداني لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد هناك، حاضرة في الأذهان، كما هبّت القوات الإماراتية في 2011 مع الأشقاء السعوديين في إطار قوات درع الجزيرة لتلبية نداء الأشقاء في البحرين عندما تعرضت مملكة البحرين لتهديد حقيقي بفعل نشاط الجماعات الإرهابية والميليشيات المدعومة من إيران.
هذه أمثلة لا حصر، على الالتزام الراسخ لدولة الإمارات بدعم الشرعية ودعم الاستقرار والوقوف بكل ما تملك مع الأشقاء ومع الأبرياء في كل مكان، وهكذا كانت مشاركتها في عاصفة الحزم التي انطلقت في 25 مارس من العام الماضي، وكذلك في عملية إعادة الأمل، للإسهام إنسانياً وإغاثياً لرفع معاناة الإخوة في اليمن، وإعادة بناء مؤسسات الدولة التعليمية والصحية وغيرها، والتي أصابها تدمير كبير نتيجة جرائم الانقلابيين.
إنها أخلاق الشرفاء في تحالفهم لنصرة المظلوم ودعم الشرعية ودفع الاعتداء والظلم، وهو غير قابل للنكران أو المزايدة أو التردد، وهذا القرار «الاستراتيجي» للانضمام للتحالف وإعادة الشرعية في اليمن جاء كذلك بعد أن أدركت دولة الإمارات ومعها دول المنطقة والمنضمة للتحالف ضرورتها للأمن القومي الإقليمي والدولي، ودفع الانقلابيين للعودة لرشدهم والحفاظ على أوطانهم.
كان واجباً التزمه تحالف الشرفاء ضد تدخل وتوسع وانقلابات تحالف الأشرار من مركزه الإيراني،. فمن حزب الله في لبنان إلى الحشد الشعبي في العراق إلى أنصار الله في اليمن إلى حزب الله في البحرين، التي تخرب الدول مع غيرها من جماعات الإرهاب الشبيهة والمضادة.
كان -وظل- التحالف العربي الأمل الوحيد لإيقاف هذا التمدد وهذه السياسة التوسعية الأصولية لنظام الولي الفقيه، كوقفة جادة وصريحة لا تعرف المواربة لوقف تدخلاته والحد من أطماعه، لكنها قوة ووقفة حكيمة لا تعرف الانغلاق بل الاعتدال الذي يجمع بين القوة والقدرة على التفاوض واحتواء المخالفين، بما يحقق الشرعية وقراراتها، ويحفظ لدول المنطقة وشعوبها الأمن والاستقرار.. ودام تحالف الشرفاء في حماية الأوطان.
المصدر: البيان