أكدت «إيكونوميست» أن فك الربط بين الريال والدولار الأميركي يعد مسألة وقت في ظل الضغوط المتنامية على الدولار القطري وانحسار السيولة ضمن النظام المصرفي في قطر.
وأشار خبراء إلى تصاعد ضغوط المقاطعة على مختلف القطاعات الاقتصادية الرئيسية في قطر،لاسيما القطاع المصرفي الذي تعتمد عليه مختلف القطاعات، ومشاريع البنية التحتية،حيث دخلت البنوك والمؤسسات المصرفية مرحلة حرجة بعد مرور أكثر من شهر على بدء الأزمة، وهو ما تجسد في قيامها بالتخارج من تسهيلات مصفية كانت قد قدمتها في السابق، ومسارعتها إلى تقليص إنفاقها مع تنامي عجز السيولة لديها.
وتتفاقم معاناة القطاعات الاقتصادية كافة حيث تشهد السياحة أسوأ فتراتها مع عزوف السائحين وتدهور حركة النقل الجوي فيما تعاني الفنادق ومنشآت الضيافة من معدلات الإشغال الضعيفة حيث فشلت الفنادق في إعادة الزخم رغم العروض والبرامج التي تسابق في تقديمها للزبائن.
كما تضرر القطاع التجاري من ارتفاع تكلفة الشحن بالإضافة إلى تضرر قطاعات التجارة والتجزئة من ارتفاع الشحن والنقل وبالتالي غلاء السلع الاستهلاكية لتسود حالة من الركود بالأسواق.
كما تضررت قطاعات البناء والتشييد والمقاولات وسط قلق متنام للشركات العالمية من توقف المشاريع الإنشائية حيث بدأ العديد منها مراجعة عقودها وبحث افضل الخيارات المتاحة لها للانسحاب من السوق القطري، بالتزامن مع تصاعد المشاكل التي يواجهها قطاع المقاولات لاسيما مع نقص مواد البناء، وتنامي المخاوف من احتمالات الغاء مشاريع في ظل التكهنات بسحب تنظيم مونديال 2022 .
قيمة
وأكد محمد عبد المجيد، الخبير الاقتصادي في شؤون الشرق الأوسط في وحدة الأبحاث لدى «إيكونوميست»، أن فك الربط بين الريال القطري والدولار الأميركي قد يكون مسألة وقت ناصحاً المستثمرين في قطر بتحويل بعض أصولهم إلى عملات أخرى.
وقال عبدالمجيد إن مخاطر طول أمد المقاطعة التي فرضتها قطر من الإمارات والسعودية والبحرين ومصر تنعكس بشكل مباشر ومؤثر بقوة مع «تحول صافي الأصول الأجنبية في القطاع البنكي القطري إلى السالب، وتسجيلها قيمة سالبة تجاوزت 45 مليار دولار».
ووصف الخبير الاقتصادي، وهو محرر التقرير الصادر عن «إيكونوميست» بشأن اقتصاد قطر، مخاطر المقاطعة بأنها «تضعف ثقة المودعين بالبنوك القطرية، وفي حالة اشتداد العقوبات الاقتصادية سيقوم بعض المودعين بسحب ودائعهم من قطر، وسيؤدي ذلك لضغوط على الريال، ما قد يضطر الدوحة لفك ربط الريال بالدولار».
خطورة
وأشار إلى أن «مازالت قطر قادرة على تصدير الغاز والبترول، لكنها على المدى البعيد ستواجه مشكلة كبيرة في ثقة المستثمرين بالاقتصاد القطري، فكلما طالت الأزمة ضعفت ثقة المستثمر الأجنبي الذي بات يفكر كثيراً قبل الدخول إلى قطر أو يعيد حساباته قبل ضخ المزيد من الاستثمارات».
ونصح عبدالمجيد المستثمرين الأجانب بـ«التأكد في حال الدخول مع شريك قطري، خاصة إذا تعرضت قطر لنوع من المراقبة المالية»، مشدداً على خطورة «التعرض للاقتراض من الأسواق المحلية القطرية، مع ارتفاع نسبة الإقراض إلى الودائع لأكثر من 100% وفي حال قامت الدول الأربع بسحب ودائع من الدوحة ستتأزم السيولة أكثر».
وشهد مصرف قطر الإسلامي نزوح ودائع بقيمة 6.9 مليار ريال (1.9 مليار دولار) في الربع الثاني من العام وهو ما وصفه محللون بأنه قد يرتبط بأزمة قطر مع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب.
وقال شيراديب غوش محلل البنوك لدى شركة الأوراق المالية والاستثمار البحرينية (سيكو) “قد تكون التدفقات النازحة مرتبطة بسحب ودائع من جانب دول أخرى في مجلس التعاون بعد المقاطعة، أو ربما يكون خروجا عاديا للودائع”.
ويعد مصرف قطر الإسلامي أحد البنوك الأكثر اعتماداً على تمويلات الجيران الخليجيين حيث يحصل على 24 % من تمويله و24 % من الودائع من دول التعاون.
تقارير
وواصلت وكالة التصنيف والمؤسسات الاقتصادية البحثية في العالم اصدار تقاريرها السلبية موضحة المخاطر المحدقة بالاقتصاد القطري وبفرص الاستثمار فيما يواصل الريال ترنحه مع إحجام المستثمرين عن شرائه.
وبحسب تقارير وبينات قطاعية تفقد قطر يومياً مزيداً من أموال الشركات والاستثمارات الخليجية والأجنبية، وهناك خروج يومي للسيولة من سوق المال والسندات وتسجل يومياً خسائر في كل القطاعات.
ويرى مختصون أن هناك جملة من التحديات تواجهها البنوك القطرية أبرزها تقليص عمليات الإقراض للمحافظة على السيولة النقدية، إضافة إلى المخاوف من شح العملة الأجنبية وسعي الدوحة لمواصلة الإنفاق لتمويل مشروعات البناء اللازمة لإقامة كأس العالم لكرة القدم.
وبلغ متوسط نسبة القروض إلى الودائع في بنوك قطر 111.6 % وهذا سيضغط على البنوك في مواجهة ضعف الريال وشح العملة الأجنبية بضغط قيام العمالة بتحويل مدخراتها إلى دولها.
ضغوط
وتشكل ودائع غير المقيمين نحو 24% من إجمالي الودائع في 18 مؤسسة إقراض داخل قطر لشهر أبريل 2017، وفقاً لتقارير صحافية أشارت إلى أن المقاطعة ستضر في المقام الأول بقطر وشركائها خاصة أن خيارات قطر لن تساعدها في تخطي الأزمة مع كثرة الضغوط التي تواجهها البنوك المحلية.
وتوقعت وحدة الأبحاث التابعة لـ«إيكونوميست» استمرار العقوبات الخليجية على قطر لفترة طويلة التي سيكون لها تداعيات على الاقتصاد القطري.
وأوضح التقرير أن الاقتصاد القطري سيتكبد خسائر فادحة إذا استمرت المقاطعة الخليجية طويلاً.
وينصح التقرير الشركات الأجنبية في قطر بضرورة التدقيق في سلامة ملفات شركائها داخل قطر في الفترة المقبلة، مع البحث عن قنوات توزيع جديدة علماً أنها ستكون مكلفة.
نصائح
كما نصح التقرير الشركات الأجنبية بالتحوط من سعر صرف الريال تحسباً من التذبذب المتوقع للريال مع استمرار المقاطعة مقراً برفض عديد من المؤسسات المالية العالمية وشركات السياحة ووكالات السفر التعامل مع عملة قطر في الأسواق العالمية.
وشملت نصائح «إيكونوميست» للشركات الأجنبية العاملة في قطر تجنب الاعتماد على التمويل المحلي حال تفاقمت العقوبات.
وكشفت مقاطعة الدول الخليجية والعربية للدوحة، عن هشاشة الاقتصاد القطري، حيث إن الاسم الذي حاولت قطر التسويق له لسنوات من خلال مئات المليارات من الاستثمارات والرعاية الرياضية واستضافتها لكأس العالم وعوائد بيع الغاز لم تفلح في حماية قطر من تداعيات الأزمة الحالية والضرر الناجم عنها.
وأضافت «إيكونومست» أنه كلما طالت المقاطعة الاقتصادية، فإن أسوأ الاثار ستنعكس على الاستقرار السياسي الداخلي للدولة وخاصة على رفاهية ورخاء المواطنين القطريين الذين سيتأثرون بالأزمة.
وشددت الوحدة على ضرورة اجراء المؤسسات التجارية لدراسة متفحصة لشركائها المحليين المحتملين داخل قطر قبل الدخول في اتفاقيات تجارية في ضوء التقارير المتواترة عن تورط أفراد وكيانات قطرية مع منظمات إرهابية. وأهابت بأولئك يفكرون بأعمال تجارية أخرى أن يلزموا جانب الحذر لتخفيف انكشافهم على تذبذبات العملة المحلية حيث لم تعد أعداد متزايدة من البنوك الأجنبية تشتري الريال التي باتت تعتبره غير مجز من حيث سعر الصرف.
اقتصاد هش
من جانب آخر ذكر تقرير نشرته «بلومبيرج» أن القوة الناعمة للعلامة التجارية (الخطوط القطرية) التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات التي كانت تهدف إلى حمايتها بدت أكثر هشاشة، لتنتهي الدوحة بعزلة لا تعلم تداعياتها إذا استمرت بشكل أطول.
وأشار التقرير إلى أن الأموال التي تحصلت عليها الدوحة خاصة من بيع الغاز الطبيعى، وناطحات السحاب والفنادق واستثمارات الشركات ورعاية الفرق الرياضية الأكثر شهرة في العالم، لم تكن درعاً لما آلت عليه الحال القطرية الآن.
ويتزامن ذلك مع تأكيدات اقتصاديين، أن قطر على وشك أن تدخل في حالة انكماش اقتصادي، مع زيادة الطلب على السلع الغذائية والتضخم العالي والبدء تدريجياً في فقدان الريال القطري قوته.
وقالوا إنه لا توجد ودائع جديدة ستدخل الاقتصاد القطري بعد التصنيفات الائتمانية الأخيرة المتراجعة، ووضعها قيد المراجعة وتعديل النظرة المستقبلية، وجميعها من تبعات قطع العلاقات نتيجة السياسات القطرية، ودعمها للإرهاب.
وهبط مؤشر بورصة قطر أمس بضغط من انخفاض 6 قطاعات على رأسها العقارات والاتصالات وخسر المؤشر العام 0.45% ليصل إلى 9393.73 نقطة.
وتصدر قطاع العقارات القطاعات المتراجعة بنسبة 1.02%، بضغط انخفاض سهمي إزدان وبروة بنسبة 1.55% للأول و0.59% للثاني وهبط قطاع الاتصالات 0.50%، متأثراً بانخفاض سهمي أوريدو 0.86% وتراجعت البنوك 0.29% بهبوط 5 أسهم بالقطاع على رأسها الخليجي 1.79%.
وانخفضت السيولة في السوق إلى 144.6 مليون ريال، مقابل 1.4 مليار ريال بالجلسة السابقة، كما انخفضت كميات الأوراق المتداولة إلى 5.8 ملايين سهم مقابل 7.4 ملايين سهم في جلسة أول من أمس.
المصدر: البيان