في خطوة تظهر مجددا الروابط التجارية بين نظام الرئيس السوري بشار الأسد وعناصر من تنظيم داعش، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة أمس على مجموعة من 13 شخصية ومؤسسة مرتبطة بالنظام السوري، من بينهم رجل أعمال سوري متهم بالعمل وسيطا بين النظام و«داعش» لشراء النفط. ونشر الاتحاد الأوروبي أمس في الجريدة الرسمية ببروكسل، التعديلات الجديدة على قائمة العقوبات ضد النظام السوري والمتعاونين معه، وأصبحت عملية توسيع التدابير التقييدية سارية المفعول بمجرد نشرها. وشملت 7 شخصيات و6 كيانات صناعية وتجارية.
وشملت العقوبات الأوروبية رجل الأعمال جورج حسواني المتهم بكونه وسيطا في صفقات للنظام السوري لشراء النفط من تنظيم داعش المتطرف. وقدم حسواني الدعم للنظام السوري وعمل كوسيط في صفقات شراء النفط، وعمل كمقاول من الباطن مع شركات روسية. ورحب وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند بإدراج العقوبات الجديدة، قائلا أمس: «نحن نستهدف من يطور وينشر الأسلحة الكيماوية ويستخدمها، بالإضافة إلى رجال الأعمال والشركات التي تدعم ميليشيات الشبيحة الوحشية». وأضاف أن دول الاتحاد الأوروبي «اتفقت على استهداف من يزود النظام بالنفط، من بينهم جورج حسواني، وهو وسيط يشتري النفط من (داعش) بالنيابة عن النظام». واعتبر هاموند أن «هذه اللائحة مؤشر آخر على أن (حرب) الأسد على (داعش) مجرد أكذوبة وأنه يدعمهم اقتصاديا».
وبينما ركز هاموند في تصريحاته على حسواني، فإن وائل عبد الكريم وضع اسمه على لائحة العقوبات وهو العضو المنتدب لمجموعة «بانغاتس» ويعمل كوسيط في توريد النفط للنظام السوري، بالإضافة إلى أحمد البرقاوي مدير عام المجموعة نفسها.
وشملت لائحة العقوبات اسمي عماد حمشو وشقيقه سمير حمشو من وكالة «حمشو» التجارية، أيضا شملا في العقوبات بتهمة تمويل ميليشيات الشبيحة وتقديم الدعم للنظام.
وتشمل العقوبات الدكتور بيان البيطار ويعمل كمدير عام لمنظمة الصناعات التكنولوجية (أو تي آي) والشركة السورية لتكنولوجيا المعلومات، وكلتاهما تابعتان لوزارة الدفاع، وتساعد في إنتاج الأسلحة الكيماوية للنظام السوري، وبالتالي تقدم الدعم لنظام الأسد. بذلك اعتبر الاتحاد الأوروبي أنهما تشاركان في مسؤولية قمع السوريين. والشخصية الأخرى، غسان عباس، وهو مدير فرع الدراسات العلمية في مركز الأبحاث السوري (جمرايا). وشارك في انتشار الأسلحة الكيماوية، وتنظيم هجمات بهذه الأسلحة، بما في ذلك في الغوطة خلال شهر أغسطس (آب) 2013.
وأما عن الكيانات فهي: أولا، منظمة الصناعات التكنولوجية. وثانيا: الشركة السورية لتكنولوجيا المعلومات، وتتبعان وزارة الدفاع. وثالثا: مجموعة حمشو التجارية. والرابعة شركة سوريا للصلب وهي تابعة أيضا لمجموعة حمشو وتدعم النظام. والخامسة شركة بروج للتجارة وكذلك تابعة لمجموعة حمشو التجارية. وسادسا وأخيرا مجموعة «دي كيه» التي توفر لوازم الأوراق النقدية الجديدة للمصرف المركزي السوري.
وقال الاتحاد الأوروبي إنه في ظل استمرار تدهور الوضع في سوريا، قرر توسيع العقوبات ضد من يقدم الدعم للنظام السوري، وسيتم توسيع العقوبات لتشمل حظر السفر إلى دول الاتحاد وتجميد الأرصدة والأصول في الاتحاد الأوروبي. وبذلك ارتفع عدد من تضمهم قائمة العقوبات 218 شخصا و69 كيانا. وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، نشرت الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي، لائحة للتدابير التقييدية ضد النظام السوري والمتعاونين معه وفقا لقرار صدر بهذا الصدد في اجتماع لوزراء خارجية الدول الأعضاء.
ويشار إلى أن الكيانات الستة التي أدرجت على القائمة السوداء أمس هي شركات لديها صلات برجال أعمال ومجموعة دي كيه ومقرها لبنان التي قال الاتحاد الأوروبي إنها «تقدم أوراقا نقدية جديدة للبنك المركزي السوري».
وفرض الاتحاد الأوروبي حتى الآن حظر سفر وتجميد أصول بحق ما مجموعه 218 شخصا و69 كيانا على خلفية الصراع في سوريا.
وقال هاموند إن هذه العقوبات «تظهر وحدة الاتحاد الأوروبي في إدانته لسياسة الأسد الشنيعة وسنواصل الضغط على النظام إلى حين يراجع مواقفه وينهي العنف ويدخل مفاوضات ذات معنى مع المعارضة المعتدلة».
وجاء الإعلان عن العقوبات الأوروبية بعد أن دان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أول من أمس، استخدام الكلور كسلاح في سوريا، وهدد باتخاذ إجراء إذا استخدمت مثل هذه الأسلحة مجددا في الصراع الذي دخل عامه الرابع. لكن المجلس لم يحدد المسؤول عن الهجمات السابقة باستخدام الكلور.
وتبنى المجلس قرارا «يشدد على أن هؤلاء الأفراد المسؤولين عن أي استخدام للمواد الكيماوية كأسلحة بما في ذلك الكلور أو أي مادة كيماوية سامة أخرى، لا بد من محاسبتهم». وصوت لصالح القرار الذي صاغته الولايات المتحدة 14 عضوا بينهم روسيا حليفة سوريا. وامتنعت فنزويلا عن التصويت لأنها قالت إن القرار «يفتح مسارا خطيرا لاستخدام القوة».
ويهدد القرار بتداعيات بموجب الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة إذا استخدمت أسلحة كيماوية منها الكلور مرة أخرى. ويسمح الفصل السابع بتنفيذ القرارات من خلال العقوبات الاقتصادية أو استخدام القوة.
وقال السفير البريطاني لدى الأمم المتحدة، مارك ليال غرانت، إن القرار «يحذر النظام السوري من أنه إذا تلقينا تقارير موثقة أخرى عن استخدام الكلور كسلاح، فإن هذا المجلس سيتخذ إجراء».
لكن مجلس الأمن سيحتاج إلى تبني قرار آخر لاتخاذ أي إجراء في حالة عدم الامتثال لقرار أول من أمس.
وصرح سفير روسيا لدى الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين: «بشكل قاطع، لا نقبل الاستخدام المحتمل للعقوبات بموجب الفصل السابع من دون محاولة تأكيد (عدم الامتثال) بناء على دليل».
وعثرت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية على أدلة تشير إلى أن غاز الكلور استخدم كسلاح «بشكل ممنهج ومتكرر» في سوريا. وتتهم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا الحكومة السورية بشن الهجمات، وهو الأمر الذي تنفيه دمشق. وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، سمانثا باور: «أظهر نظام الأسد مجددا وحشيته باستخدام الكلور كسلاح وحشي آخر في ترسانته ضد الشعب السوري».
لكن تشوركين رفض توجيه الاتهام للنظام السوري، وقال لزملائه الغربيين: «لا تعملوا على حماية الإرهابيين ولا تعملوا على حماية هؤلاء الذين استخدموا الأسلحة الكيماوية أكثر من مرة».
كانت سوريا قد وافقت في 2013 على تدمير كامل برنامجها للأسلحة الكيماوية بموجب اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة وروسيا بعد مقتل مئات الأشخاص في هجوم بغاز السارين على مشارف العاصمة السورية دمشق.
وعلى الرغم من أن الكلور ليس مادة محظورة، فإن استخدامها كسلاح كيماوي محظور بمقتضى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية لعام 1997 التي انضمت إليها سوريا في 2013.
بروكسل: عبد الله مصطفى – لندن: «الشرق الأوسط»