باحث سعودي
رفض المملكة عضوية مجلس الأمن يمكن أن يمثل فرصة لإعادة هيكلة للسياسة السعودية. هذا رأي الصديق الدكتور خالد الدخيل، وهو مفكر ومتابع للأحداث يعتد برأيه.
لطالما امتدح كتاب الصحف ما يصفونه بسياسة ثابتة ومحافظة، تنتهجها المملكة في علاقاتها الدولية. ولا أرى أن هذا موضع مدح. السياسة عالم متغير، لأنه يحاكي مصالح متغيرة. ما يهمني في هذا الصدد هو الاستنتاج الذي اقترحه الدكتور الدخيل، وخلاصته أن هذا الحدث يمكن أن يشكل مفتاحا لفرصة عظيمة، تتحول معها المملكة من ”حليف” لقوة عظمى، إلى ”صانع سياسات” في المحيط الإقليمي. هذا سيجعلها بالضرورة لاعبا دوليا ومفتاحا رئيسا لخطوط التجاذب الإقليمية – الدولية.
تحقيق هذه الفرصة يتطلب استراتيجية بديلة، تستهدف تعزيز مصادر القوة الداخلية والخارجية. كي تكون لاعبا دوليا مؤثرا، فأنت بحاجة إلى ”داخل” قوي، خال من الإشكالات قدر الإمكان. كما تحتاج إلى منظومة علاقات إقليمية متينة. الخطوة الأولى حسب رأي الدخيل هي تبني سلة إصلاحات في المؤسسة السياسية، ترسخ الاستقرار وتوسع القاعدة الشعبية للنظام.
الغرض من هذا هو الخروج من عنق الزجاجة الذي قادتنا إليه السياسات المحافظة والبطيئة. ولا ريب أن المبادرة بحل القضايا المزمنة مثل حقوق المرأة، انتخاب مجلس الشورى، إصدار نظام الجمعيات الأهلية، وأمثالها، سوف تدخل المملكة في عصر جديد، عنوانه الاستقرار المؤسسي والتواصل الفعال بين المجتمع والدولة. هذا سيريح الحكومة من الحرج المزمن الذي تعانيه في علاقاتها الدولية، كما سينشط الجهد الأهلي المساند لعملها الخارجي. ولنا في الدول المتقدمة عبرة، فمجتمعاتها النشطة تقوم بدور لا يستهان به في تعزيز علاقاتها الدولية، مع أنها لا تكلف الحكومة أي عبء مادي أو سياسي.
على المسار الثاني، فإن الاستراتيجية البديلة للعمل الخارجي، تستدعي التحرر من المنظورات القديمة التي طبعت علاقاتنا مع دول المنطقة. لدينا أكثر من فرصة لإقامة تكتلات فاعلة، تجمعنا مع القوى الإقليمية الرئيسة، وليس الدول الصغيرة. دعونا نفكر في تكتل إقليمي يضم المملكة مع إيران وتركيا ومصر. هذه جميعا دول ثقيلة سياسيا وقادرة على توجيه مسارات الأحداث في المنطقة. دعونا نفكر في تحالفات دولية جديدة مع دول مثل الصين والهند وجنوب إفريقيا، فهذه دول تتحول بالتدريج إلى قوى مؤثرة في المسرح الدولي.
انطلاق المسارين رهن بالتخلي عن منهج التفكير التقليدي المحافظ، وتبني رؤية تركز على سرعة الاستجابة للتحولات الراهنة في العلاقات الدولية. كما نحتاج إلى جهاز دبلوماسي أكثر شبابا وحيوية وقدرة على ابتكار الحلول. نحن ببساطة نحتاج إلى كسر تقاليد التفكير والعمل القديمة، والنظر في أحوالنا وفي العالم برؤية جديدة.
المصدر: الإقتصادية