كاتب سعودي
كان وزير خارجية المملكة عادل الجبير نجماً بامتياز، خلال فعاليات الدورة الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة، هناك مسؤولون يحضرون هذه المناسبة السنوية الأممية ويغادرون دون أن يشعر بهم أحد حتى من بعض الدول المهمة، وغيرهم يقعون في أخطاء كبيرة تحرج دولهم أمام الرأي العام، أو يحاولون مغالطة الحقائق بشكل لا يليق أن يشاهده العالم، لكن عدداً قليلاً من يحسنون عرض سياسات دولهم بأسلوب يفرض احترام العالم لهم، والوزير الجبير من أبرزهم.
بعد اعتلال صحة الأمير سعود الفيصل، رحمه الله، كان السؤال من يستطيع أن يخلف ذلك الدبلوماسي الضخم الذي قاد زمام وزارة الخارجية وأدار دفة الدبلوماسية السعودية لأكثر من 4 عقود، وعاصر أحداثا عربية وإقليمية ودولية مفصلية وتحولات كبرى في السياسات العالمية، واستطاع أن ينفذ سياسة المملكة الخارجية بإتقان منقطع النظير، كان سؤالاً جوهريا ومهما ليس لعدم وجود كفاءات وطنية ولكن لأنه من الصعب أن يخلف أحد سعود الفيصل، وستكون مهمة صعبة لخلفه لأنه سيتعب من يأتي بعده.
لكن موقع القرار والاختيار في الدولة عرف من يختار بعده، فجاء بعادل الجبير الذي تعلم في جامعة سعود الفيصل وكان أحد أنجب تلاميذها، جاء بعد تجربة ثرية كسفير في واشنطن ليدير الدبلوماسية السعودية في خضم أحداث ومتغيرات جسام ومشاكل معقدة، فأثبت منذ البداية أنه قادر على أن يكون شخص المرحلة.
تابعنا بإعجاب كثيراً من لقاءات وحوارات وتصريحات عادل الجبير، لكني سأشير هنا إلى حواره المطول الأخير في مجلس العلاقات الخارجية الذي غطى خلاله كل الملفات في السياسة السعودية الداخلية منها والخارجية بلغة بديعة وأسلوب حصيف وخطاب يعرف عقلية وثقافة المخاطَب، يتميز بالعقلانية والوضوح والإيجاز المتمكن الذي يستند إلى المعلومة الدقيقة. لقد كان يتحدث أمام هوامير السياسة والإعلام الذين لا يقنعون بالإجابات العائمة والمواربة، ولأنه يعرف ذلك جيداً، ولأنه قادر على المقارعة بتفوق وليس بندية فقط فقد تسيّد ساحة الحوار وخرج منها نجماً سعودياً ساطعاً يجعلنا نفخر بالوطن أكثر وأكثر، ونزهو به، ونثق في اختياراته لمثل هذا المنصب الحساس.
كل ما نتمناه أن يقتدي سفراؤنا وممثلونا في الخارج بعميد الدبلوماسية السعودية عادل الجبير، لأن بعضهم غائبون عن المشهد، وبعضهم حاضرون حضوراً كالغياب. نتمنى من هؤلاء أن يستنسخوا عادل الجبير في فلسفة تمثيلهم للمملكة.
المصدر: عكاظ