نشرت وزارة الداخلية البريطانية عناصر شرطة سلحتهم برشاشات في محاولة لمنع اي هجمات ارهابية قبيل فترة الأعياد بعدما أحالت الحكومة على البرلمان مشروع قانون لمكافحة التشدد والإرهاب يهدف تحديداً إلى التصدي لظاهرة «الجهاديين» الذين يسافرون للقتال إلى جانب تنظيمات متشددة، خصوصاً «الدولة الإسلامية» (داعش) في سورية والعراق. لكن الإجراءات الجديدة التي تتضمن حظراً موقتاً على عودة الذين يسافرون للقتال في الخارج أو سحب جوازات سفرهم، وفرض قيود على رجال الدين «المتطرفين»، لقيت تحفظات من حقوقيين يخشون تحوّل بريطانيا إلى دولة بوليسية، كما أبدت الجالية الإسلامية قلقها من استهدافها بالإجراءات الأمنية، في حين قال خبراء إن ما أعلنته الحكومة لا يمكن تطبيقه قانونياً.
وتتضمن حزمة الإجراءات التي أعلنتها وزارة الداخلية التي سيناقشها البرلمان لتصبح نافذة في حال إقرارها، حظراً موقتاً لسنتين على الأكثر، على عودة الذين يلتحقون بجماعات متشددة، ومنح سلطات الحدود البريطانية صلاحية سحب جوازات السفر (لمدة 30 يوماً) الإرهابيين المشتبه فيهم، وإرغام شركات الطيران على تقديم لوائح مسبقة بركابها (لمنع عودة الجهاديين)، وإلزام شركات الإنترنت بتقديم معلومات عن نشاطات زبائنها، ومضاعفة عقوبة من يخرق قانون «تقييد الحركة» (تي – بيم) الذي يُفرض على أشخاص مشتبه فيهم، لكن لا تمكن محاكمتهم لاعتبارات أمنية.
كما تتضمن الإجراءات المثيرة للجدل إلزام الجامعات منعَ محاضرات رجال الدين المتشددين، وإلزام المدارس والكليات التصدي لظاهرة التشدد بين الطلاب وتدريب موظفيها على رصد علامات التشدد بين التلاميذ للإبلاغ عنهم، ومنع شركات التأمين من دفع فديات لتأمين الإفراج عن رهائن لدى إرهابيين.
لكن ديفيد أندرسون، رجل القانون البارز الذي كلّفته الحكومة مراجعة قوانين الإرهاب، قال إن حكومة ديفيد كامرون لم تفكّر قبل إعلان إجراءاتها الجديدة في كيفية تطبيقها، منتقداً تغييب المحاكم (على حساب وزارة الداخلية). ولفت إلى أن أهم الإجراءات التي روّجت لها الحكومة يتعلق بمنع عودة «الجهاديين»، لكنه قال أمام لجنة نيابية إن هذا الأمر يجب ألّا يُسمّى «منع العودة» بل «تنظيمها أو تقييدها»، موضحاً أن ما أعلنته وزارة الداخلية «ليس عملياً أو مشروعاً».
ورحبت منظمة «كويليام» لمكافحة التشدد بحذر بالمقترحات الواردة في «قانون مكافحة الإرهاب والأمن» الجديد، مرحبة تحديداً بمادتي منع شركات التأمين من دفع فدية للإرهابيين وإلزام شركات الطيران بالإبلاغ مسبقاً عن لوائح المسافرين. وقالت إنها توافق على «الحاجة» إلى تشديد قانون «تقييد الحركة» (تي – بيم) بحيث يُسمح بنقل إرهابيين مشتبه فيهم للعيش في مناطق أخرى بعيدة من مناطق سكنهم الأصلية داخل المملكة المتحدة، لكنها قالت إن مثل هذا الإجراء يجب أن يصدر عن محاكم وليس وزارة الداخلية. كما عبّرت «كويليام» عن قلقها من التصريح لموظفي المعابر الحدودية بمصادرة جوازات سفر المشبوهين بالإرهاب، وقالت إن ذلك يمكن أن يقود «إلى تكرار التمييز الإثني» الذي كان يحصل في السابق بسبب إساءة الشرطة استخدام قانون «التوقيف والتفتيش» الذي اشتكى المسلمون من أنهم كانوا أكثر من أُخضع له.
ويخشى رئيس الرابطة الإسلامية للدفاع عن حقوق الإنسان مسعود شجرة أن يسبب القانون مزيداً من «الخلاف وليس مزيداً من الأمن في مجتمعنا»، محذّراً من أن بريطانيا تتجه إلى التحول «دولة بوليسية».
ووصفت منظمة العفو الدولية الإجراءات الجديدة بأنها «بالغة التشدد». وقالت شامي شكرباتي مديرة منظمة «ليبرتي» الحقوقية: «هذا القانون أسوأ مما كنا نخشاه. بالأمس عرفنا أن السلطات (الأمنية) فشلت في تعقّب مشتبه فيهم على رغم كل ما لديها من سلطات واستخبارات، واليوم تريد مزيداً من السلطات كي تجعل منّا جميعاً مشبوهين».
لندن – الحياة