كشفت الإدارة العامة للدفاع المدني في الشارقة عن اشتراطات جديدة لجميع البنايات السكنية، التي يجرى تنفيذها الآن لحماية الأطفال من السقوط، إضافة إلى خطة شاملة لإجراء تعديلات على اشتراطات البنايات القائمة.
يأتي ذلك بعد أن أصبحت حوادث سقوط الأطفال من النوافذ تشكل هاجساً للأسر، ما دفع عدداً من السكان إلى المطالبة بتشديد الإجراءات وإلزام ملاك البنايات القديمة بتركيب حمايات على النوافذ، وتعديل شرط ارتفاع الشرفات من 120 إلى 150 سنتيمتراً فأكثر.
خطة شاملة
وتفصيلاً، قال المقدم سامي خميس النقبي مدير إدارة الحماية المدنية والسلامة بالإدارة العامة للدفاع المدني بالشارقة، إنه لن يتم تسليم شهادة إنجاز المبنى إلا بتوافر الاشتراطات الجديدة.
وأوضح النقبي أن ارتفاع الشرفة لا يقل حالياً عن 120 سنتيمتراً، كما أن فتحة الشباك لا تزيد على 12 سنتيمتراً، مشيراً إلى أنه لا يتم التصريح بشهادة إنجاز المبنى في حال وجود أية مخالفات في الإنشاء، ولذلك لا بد من صاحب المبنى أن يتدارك هذه المخالفة، حيث يتم التفتيش على المبنى بلجنة مشكلة من الدفاع المدني، وبلدية مدينة الشارقة، للتأكد من كل المواصفات والاشتراطات الأمنية والسلامة.
وبالنسبة للمباني القديمة التي يصل ارتفاع شرفتها إلى متر واحد، أكد النقبي أن هناك خطة شاملة من الدفاع المدني والبلدية والشرطة، وذلك لإجراء تعديلات على اشتراطات المباني القديمة.
وطالب النقبي أولياء الأمور وملاك العقارات بالأخذ بعين الاعتبار الدور الوقائي المفروض عليهم حتى لا تتزايد أعداد الأطفال الذين يسقطون ضحية لمثل هذه الحوادث المأساوية.
تعديلات
بدوره قال خليفة بن هدة السويدي مدير الإدارة الهندسية في بلدية مدينة الشارقة إن هناك جهوداً حثيثة للحفاظ على سلامة السكان خصوصاً الأطفال، موضحاً أنه تم إجراء حزمة تعديلات على الاشتراطات الخاصة بالنوافذ والشرفات في جميع البنايات بالمدينة، تتصدرها إلزام المالك والمقاول بأن يكون ارتفاع النوافذ والشرفات 120 سنتيمتراً بدلاً من متر واحد، إلى جانب إلزام جميع السكان بتركيب أجهزة إقفال تحكم في النوافذ (مقاومة)، بحيث لا تفتح النوافذ أكثر من 5 – 10 سنتمترات بالقوة العادية.
وأضاف أن حزمة الاشتراطات الفنية والهندسية المعمول بها من البلدية تحول دون سقوط الأطفال، لافتاً إلى أن قيام بعض السكان بوضع الأثاث في المنزل أو بعض الأغراض بطريقة غير صحيحة، يتيح الفرصة للأطفال للتسلق إلى النوافذ، وبالتالي يعرّضهم للسقوط.
ودعا السويدي السكان والملاك والمقاولين والمكاتب الهندسية، والجهات ذات الصلة إلى التعاون مع البلدية على تنفيذ هذه الاشتراطات التي تحفظ سلامة أبنائهم، مؤكداً أن البلدية تنظم من وقت لآخر حملات تفتيشية على المساكن، للتأكد من تطبيق الاشتراطات الجديدة التي تم تطويرها، بغرض تعزيز أمن وسلامة الأطفال.
وأوضح أن البلدية حذرت من استخدام الشرفات كونها مخزناً أو وضع بعض الأغراض فيها، كونها تعرض حياة الأطفال للخطر من خلال التسلق فوق هذه الأغراض، كما أنها تشوه المنظر العام للمدينة، وتساعد على اندلاع الحرائق، ما يعرض أمن وسلامة السكان للخطر.
مسؤولية جنائية على الوالدين في حال ثبوت الإهمال
رأت المحامية هدى رستم أن الأهالي يتحملون مسؤولية كبرى في حوادث سقوط الأطفال، مؤكدة أن هناك مسؤولية جنائية تقع على الوالدين في حال ثبوت الإهمال.
أما المسؤولية القانونية فقد أوضحتها المحامية من خلال نص المادة 394 من قانون العقوبات الاتحادي قائلة «يعاقب بالحبس مدة تتراوح بين شهر وسنتين كل من عرض للخطر، سواء بنفسه أو بوساطة غيره حدثاً لم يتم 15 سنة أو شخصاً عاجزاً عن حماية نفسه، بسبب حالته الصحية أو العقلية أو النفسية».
ولفتت إلى تشديد العقوبة لتصبح الحبس من شهر لثلاث سنوات، إذا وقعت الجريمة عن طريق ترك الحدث أو العاجز في مكان خال من الناس أو وقعت من قبل أحد من أصول المجني عليه أو من هو مكلف بحفظه أو رعايته، وتكون المحكمة هي المختصة بتحديد مسؤولية الآباء عن الأذى الذي يلحق بأطفالهم، وما إذا كان هناك إهمال من طرفهم، ثم تحديد طبيعة الجرم المرتكب والنص القانوني الذي يحكم الواقعة، وذلك حسب ملابسات وظروف كل حالة.
حادثة مؤلمة
انيش والد الطفلة «استير» التي سقطت من شرفة منزلها في الطابق الرابع بمنطقة البطينة بالشارقة تحدث عن تجربته الشخصية بصوت مرتجف، معتذراً عن تلعثمه أكثر من مرة لأن اللحظات الصعبة التي عايشها في هذا اليوم المشؤوم صعبة للغاية، كما يقول، مضيفاً «الكوابيس لا تتوقف منذ الحادثة، ولو كان باستطاعتي إغلاق جميع النوافذ بحمايات حديدة فلن أتوانى عن ذلك».
وتابع «تفاصيل يوم الـ12 من يناير الماضي الحزينة لا يمكن محوها من ذاكرتي فقد كانت زوجتي في العمل، وعندما دخلت دورة المياه لدقيقة فقط، سمعت صوت الضجيج، وعندما خرجت لاحظت أن النافذة مفتوحة وبالنظر إلى الأسفل رأيت صغيرتي بلا حراك على الأرض والناس تتجمهر حولها».
وزاد قائلاً «تواصلت مع زوجتي التي حضرت بلا وعي، إلى أن كسر الطبيب لحظات الانتظار الصعبة، وأخبرنا أن ابنتنا بخير لكنها ستحتاج إلى وقت طويل كي تتمكن من المشي مرة ثانية لأن الإصابة كانت في عمودها الفقري». وناشد والد الطفلة أولياء الأمور بوضع حمايات على نوافذ الغرف ورفع سياج الشرفة إلى أكثر من متر و70 سم.
مطالب والد «استير» اجتمع عليها قاطنون في الشارقة، مؤكدين أهمية حماية الصغار من السقوط عبر تشديد الاشتراطات وأبرزها إلزام ملاك البنايات التي لا يوجد حمايات على نوافذها بتركيبها وعدم ترك الأمر لأهوائهم وتعديل شرط ارتفاع الشرفات من 120 سنتيمتراً إلى 150 فأكثر.
وأشاروا إلى أن وجود حالات سقوط مستمرة يعني خللاً في الإجراءات والاشتراطات إلى جانب الإهمال من قبل بعض الأهالي ما يجعل حوادث السقوط متكررة، وهو ما أكدته الأرقام الصادرة عن القيادة العامة لشرطة الشارقة، التي سجلت خلال العام الماضي سبع حالات وفاة سقوط من علو، فيما بلغت حالات سقوط الأطفال خلال الربع الأول من العام الجاري ثلاث حالات كان آخرها طفلة تبلغ من العمر عاماً وأربعة أشهر.
المصدر: صحيفة البيان