كاتب إماراتي
تسير مع ثلاثة أو أربعة من ربعك، كل منهم يمشي في «المول» تلك المشية التي تؤكد لك أنك قد «طحت» في أخيس شلة من الممكن أن يسقط عليها من يغضب عليه والداه، وكل الأمر كان مزاجية ذلك المدرس العربي في الابتدائية، الذي أجلسكم على طاولة واحدة، ولم يعلم بأنه يسهم في تشكيل تاريخ مظلم لشخوص بلا مستقبل.
كل منهم يعتقد بطريقة ما أنه من نسل ملكي، رغم اختلاف ذلك النسل، فأحدهم تشير طريقة مشيه بوضوح إلى أنه يؤمن بأنه من نسل كسرى، والآخر يعتقد بأنه من نسل النعمان بن المنذر، وأزرق العينين يصر على أن أحد الملوك البرتغاليين قد تزوج ببدوية أثناء استضافتهم في الإمارات. كل يمشي الخيلاء، وقد تهدل كرشه أمامه بكل فخر، في تحدٍ مجنون للسعرات الحرارية والعادات الصحية القذرة، الكل يتحدى الكل بكرش يجعلك تحلف بأن أحدهم ليس له علاقة بالمُلك، وكل ما في الأمر أنهم سليلو بعض القبائل الوثنية التي تؤمن بأنه كلما زاد حجم الكرش زادت وجاهة صاحبه.
وفجأة يتوقف الزمن في تلك اللحظة الشهيرة، انعطافة غير متوقعة في «المول»، حيث كانت تختبئ تلك الظبية الصغيرة، بريئة وخائفة، تتطلع إليها الأعين، وهب، يقوم الجميع في لحظة واحدة بشفط الكرش، ومحاولة رفع الصدر، يندم الجميع في تلك اللحظة، ويأتيه سؤال الضمير: هل حقاً كان هناك داعٍ لوجبة المندي الأخيرة؟! ويقرر مثل كل يوم أنها ستكون الأخيرة!
تسليتي في الفترة الأخيرة كانت في مراقبة ظاهرة شفط الكرش، من شدة بطرنا أصبح «الكرش» هو أكبر همنا، اختر زاوية جيدة وراقب عند اقتراب أي قطب موجب مع قطب سالب وركز على الحركة، هب، اشفط، يحاول «الشافط» في تلك اللحظات أن يبدو طبيعياً، لكن ستلاحظ احمرار عينيه، وعدم رغبته في الخوض في أي حديث، لأنه لو أخذ نفسه، فسيسقط.
بل إن أحد الزملاء الإعلاميين في أحد البرامج الإذاعية كان يقوم بحركة الشفط «هب» تلقائياً كلما جاءه اتصال يحمل صوتاً «متغرشباً»! قبل أن ينتبه إلى أنه لا أحد في الغرفة غيري، فترتد إلي!
شفط دهون، قص معدة.. مسميات كثيرة لمشكلة واحدة، قليل من التوعية المبكرة، وتوقف الوالدين عن التعبير عن حبهما بحشو جوف الأبناء، كانا سيقضيان على الأمر من بدايته.
ونقول «هب»!
المصدر: الامارات اليوم