صحافي وكاتب سعودي
الخبر يقول إن هيئة التحقيق والادعاء العام ووزارة الصحة قد باشرتا التحقيق مع سبعة قياديين تابعين لوزارة الصحة في تهم عدة أبرزها هدر 200 مليون ريال كبدلات غير نظامية، إضافة إلى التنفع والتربح من الوظيفة.
هذا الإجراء الذي كشفت عنه إحدى الصحف المحلية خلال الأسبوع الماضي، ربما يؤكد صحة حديث بعض كتّاب الرأي الذين يشددون دوما على أن الخلل في قطاع الصحة لا يمس الرأس فقط، بل الجسد أيضا، وأن استبدال وزير بآخر كما يحدث منذ أكثر من خمسة أعوام لن يسهم في تطوير القطاع ما لم يحدث معه تغيير في جميع القيادات الصحية المتمسكة بالكراسي منذ سنوات.
لا نشكك في الكل، ونتهمهم بالفساد، ولكن التأخر في كشف مثل هذه التجاوزات المالية وحالات الفساد وهدر المال العام، دلالة على أن “الدرعى ترعى” في هذا القطاع المهم في البلد الذي يمس أغلى ما يملكه المواطن ألا وهو صحته، وأن الرقيب والحسيب يغط في سبات عميق.
ربما هذه الحالات والقيادة الفاسدة التي أحيلت للتحقيق ــــ متى ما ثبتت التهمة عليها ــــ مجرد بداية لكشف حالات فساد أكبر، فكما يقول المثل الدارج “رجل الديك تجر الديك”، وربما ما كشف عنه حاليا مجرد “رجل للديك” والديك قادم بفعل التحقيقات.
لا يكفي التحقيق مع هؤلاء المتهمين بالفساد، بل الأمر يتطلب أيضا العقاب المعلن لهم وإعادة الأموال المسلوبة لخزانة الدولة، إضافة إلى التشهير بهؤلاء، فالتشهير أقوى رادع لفاسدين كثر ينتظرون الفرصة لممارسة فسادهم وهدر المال العام وسلبه والتنفع والتربح من مناصبهم.
الأمر لا يقتصر على قطاع الصحة فقط؛ بل يجب أن يطول القطاعات كافة، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد “نزاهة” التي أنشئت منذ سنوات ولم تحقق أي شيء يذكر واختزلت الفساد في استخدام الموظفين للقلم الحكومي خارج مقار عملهم، والدردشة أثناء العمل وقراءة الصحف، عليها خلع رداء الكسل وملاحقة الفاسدين الكبار الهادرين للمال العام وسالبيه ومعاقبتهم والتشهير بهم.
متى ما لاحقت “نزاهة” الفاسدين الكبار وعاقبتهم وشهّرت بهم، فحتما ستختفي من البلد حالات الفساد الصغرى التي تلاحقها الهيئة حاليا، ولن تحتاج الهيئة إلى مراقبة قلم الموظف الحكومي والتأكد من عدم استخدامه في منزله، فالمثل يقول “اضرب الكبير يخاف الصغير”.
المصدر: الاقتصادية