صحفي وكاتب سعودي
تقديم البرامج السياسية «الساخرة» في هذه الأوقات يحمل مكاسب سريعة، ومخاطر أسرع.
المكاسب هي سرعة الانتشار، وكلنا يتذكر كيف انتشر البرنامج المصري الساخر بعنوان «البرنامج» لباسم يوسف، حتى صار أشهر عرض ساخر عربيًا لبعض الوقت، لكنه غاب عن المشهد بنفس السرعة التي سطع فيه، لأسباب كثيرة.
بالبرنامج الساخر، هناك وجهة نظر محددة، رأي حاد، تجاه قضايا سياسية هي بطبيعتها موضع جدل وانقسام.
مثال ذلك ما جرى مؤخرا مع برنامج الممثل المصري أحمد آدم بعنوان «بني آدم شو»، الذي تبثه قناة «الحياة» المصرية.
البرنامج تميز بخفة الظل، والنكتة المصرية المميزة بأداء مسرحي جذاب للفنان آدم.
المسار السياسي للبرنامج واضح، ضد جماعة الإخوان وكل المعادين للمرحلة الحالية بقيادة السيسي، يسخر منهم، ويسخر من الدول التي يرى البرنامج أنها تدعمهم.
كل هذا قد يكون مقبولا في ظل أن الفريق الآخر المنتمي له باسم يوسف مثلا، لم يتوقف عن تسديد البرامج الساخرة ضد من يسميهم السيساوية. لكن ثمة عثرات لا يمكن قبولها من أي طرف.
من ذلك أنه بغمرة هجوم الفنان آدم على تغطية الجزيرة لمجازر حلب الأخيرة، التي نفذها نظام بشار وميليشيات إيران وطيران الروس، لم ير المقدم إلا جانبا من الصورة، واستهان بمآسي السوريين في حلب، بطريقة مستفزة، على اعتبار أنها فبركة.
هذه هي المشكلة، وهي كيفية التوازن بالطرح، فليست الدنيا فقط أبيض وأسود، نعم لك مشكلة – محقة وأنا أتفق معه فيها – مع جماعة الإخوان ومن يدعمها ضد مصر، ولكن هذه المشكلة لا يجوز أن تلغي أن هناك مشكلة ومأساة حقيقية في سوريا، يتحمل وزرها الأكبر بشار الأسد وخامنئي ونصر الله وبوتين.. وحتى ينصفك الناس، انصفهم.
على كل حال قدمت شبكة تلفزيون «الحياة» المصرية اعتذارها عما جاء في حلقة الفنان أحمد آدم، من برنامجه «بني آدم شو»، الأسبوع الماضي. مضيفة أن الحلقة المقبلة من «بني آدم شو» ستحتوي على اعتذار كامل لما حدث في الحلقة السابقة.
الغريب أن يكون كلام برنامج آدم، حول سوريا، يتوافق هذه المرة مع من ينتقدهم البرنامج باستمرار من المعارضة المصرية مثل حمدين صباحي الذي قال في أغسطس (آب) 2013 إنه ضد الضربة – المزمعة وقتها ضد نظام بشار، ولم تحصل، ليهنأ حمدين! – باعتبار الضربة، حسب كلامه، هجوما «إمبرياليا» على الأمن القومي العربي.
لك أن تملك رأيا سياسيا قريبا من الطرح الروسي في سوريا، ولكن تبقى الرحمة أولا وآخرًا، هي الخط الأحمر الحقيقي.
المصدر: الشرق الأوسط