شهدت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، مساء أمس الأول (الأحد) حفل افتتاح معرضيّ “اللهجة” و”مفكرة هوامش” الفنيين، واللذان ينظمهما مركز مرايا للفنون، مركز الفنون البصرية المعاصرة المبتكرة في الشارقة، بالتعاون مع مؤسسة بارجيل للفنون، ويشارك فيهما نخبة من الفنانين الشباب من عدة دول عربية وأجنبية.
وحضر الحفل الافتتاحي لمعرض “اللهجة” والنسخة الثانية من معرض “مفكرة هوامش”، سعادة عبدالله العويس، رئيس دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، وسعادة هشام المظلوم، رئيس مجمع الشارقة للآداب والفنون، ومنال عطايا، مدير عام إدارة متاحف الشارقة، ومروان بن جاسم السركال، المدير التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير “شروق”، وبدر جعفر، الرئيس التنفيذي لشركة الهلال للمشاريع، وعدد كبير من الفنانين والإعلاميين وجمهور من المهتمين والمتابعين للأعمال الفنية المعاصرة.
وتجولت الشيخة بدور القاسمي في المعرضين، والتقت عدداً من الفنانين المشاركين فيهما، وأبدت إعجابها بمستوى الأعمال والتي تتناول تأثيرات التطورات التقنية على الحياة المعاصرة من منظور ثقافي، وأكدت أن تنوع اللهجات واللغات عبر العالم، يعكس ثراء الحضارات الإنسانية، وتوظيفها لهذا التنوع لصالح التواصل مع الآخر سعياً لاكتشافه، والتعرف على كيفية التعاون معه من أجل السلام والاستقرار بين الشعوب.
ويُقام معرض “اللهجة” بإشراف القيّم والناقد الفني العالمي مرتضى ولي، ويرصد المعرض الفكري النوعي فكرة اللهجة البشرية كعلامة دائمة على الاختلاف الثقافي والهوية الفردية في عصر العولمة. ويسعى كل عمل فني في المعرض إلى تحليل تأثيرات العولمة، بتركيز على النمو العالمي المتصاعد في مجالات الإعلام، والتمويل، والتكنولوجيا في أنحاء العالم كافة، بما يؤكد على نتائج الإنسجام الثقافي، وفقدان الشخصية الفردية.
وتحدث القيّم الفني مرتضى ولي عن الفكرة من مجموعة الأعمال الفنية في معرض “اللهجة”، قائلاً: “أدت سرعة تداول المعرفة وعلوم الأعراق البشرية وإنتشارها إلى تشبث الناس بلهجاتهم في تعاملاتهم اليومية. وفيما تبشرنا عمليات العولمة بالمزيد من التجانس، والشفافية، والترجمة بين الثقافات، تأتي اللهجات التي يتم التعبير عنها من خلال الحديث أو الرموز غير اللفظية الأخرى ولاسيما اللباس، لتمثل آخر ما تبقى من عوامل تقاوم هذا التوجه”.
وأضاف: “إن اللهجة ليست سوى عنصرٍ إضافي، فهي طريقة اللفظ التي تستقطب الاهتمام وتعيق تركيزنا على باقي المكونات، كما أنها مثل الزينة التي تؤكد على الإختلاف، وقطعة الإكسسوار التي يتم من خلالها التعبير عن الثقافة على الجسد، أو إبرازها في بعض الأماكن. ولقد أسهمت التركيبة الديمغرافية الفريدة متعددة الثقافات لمجتمع دولة الإمارات في تقديم بيئة اجتماعية وثقافية في الحياة اليومية تبرز على الدوام اللهجات المميزة لهذا المجتمع”.
ويبرز معرض “اللهجة” اللهجة بحيث تبدو أكثر بكثير من مجرد ظاهرة لغوية بحتة، ويرصد كيف تتجاوز آليات الترجمة بين الثقافات حدود اللغة، لتصل إلى أبعاد أخرى مثل الصور، والأصوات، والروائح، والأذواق، وحتى الديكور الداخلي، والموضة، والأزياء.
وأعرب يوسف موسكاتيلو، مدير مركز مرايا للفنون، عن سروره بالإقبال الإيجابي والأصداء الطيبة التي رافقت المعرضين. وقال في تعليق له عن معرض “اللهجة”: “جاء المعرض ليمثل رداً صريحاً على مفهوم العولمة، هذه الظاهرة التي اشتدت مع صعود تكنولوجيا المعلومات، وإنتشار أدوات التواصل على نطاق واسع، ما جعل العالم قرية صغيرة. فالعولمة هي سمة مهمة من سمات مجتمعنا المعاصر، وتبقى واحدة من أهم مكونات الفهم المتبادل وقبول الآخر اللذان نحن في أمس الحاجة لهما”.
وأضاف موسكاتيلو: “يؤدي تلاقي الثقافات إلى خلق الكثير من المعاني الجميلة، حيث يسهم في تعزيز السلام، وإثارة حب الإستطلاع، والتعلّم من الآخر، كما ظهر ذلك بوضوح في الدور الذي تلعبه الهجرة في تنويع نسيج المجتمعات، وتغلغل ثقافات جديدة في ثنايا المجتمع المحلي”.
وتجري فعاليات معرض “اللهجة” حتى السادس عشر من مايو المقبل. ويقدم المعرض ثمانية أعمال فنية جديدة، من مقتنيات وإنتاج مركز مرايا للفنون، منها عملان تركيبيان مخصصان لموقع في واجهة المجاز المائية.. وتتناول الأعمال المعروضة التوتر الذي ساد خلال فترة ما بعد تقسيم الهند بين الناطقين باللغة الهندية ولغة الأوردو، والتركيبات
والكتابة غير الغربية في اللغة العامية، واللغة المالايالامية في الخليج، والسياسات الاجتماعية للغة الإشارة الإماراتية، وترجمة إشارات المهاجرين في إيطاليا.
وتشمل قائمة الفنانين المشاركين في المعرض كل من لورانس أبو حمدان، وعباس أخافان، وعمار العطار، وفيصل بغريش، وفيكرام ديفيشا، ومجموعة “جي سي سي”، وإيمان عيسى، وبوران جينشي، ورجاء خالد، ومنيرة والقادري، وفرح القاسمي، وعبدالله السعدي، وجاريت فاديرا، ولانتيان إكزاي.
وعرضت مؤسسة بارجيل للفنون الدفعة الثانية من أعمال معرض “مفكرة هوامش”، بمناسبة مضي خمسة أعوام على إنطلاقة المؤسسة. وجاء تصميم المعرض ليسلّط الضوء على العديد من القصص الحياتية. ويستقي المعرض اسمه “مفكرة هوامش” من المصطلح الفرنسي ‘Aide-Mémoire’، ويركز على الطرق التي يرى من خلالها المرء لحظات ومواقف شخصية، ويتذكرها، ويسجلها. وتظهر العديد من الأعمال الفنية المعروضة الطرق المميّزة التي يتم من خلالها تسجيل الأحداث والوقائع سواءً الشخصية، أو التي تعود لشخص آخر، وسردها وروايتها بطرق فنية. وبينما تصور بعض الأعمال الماضي، فإن العديد منها ترصد الحاضر وتتأمل في مستقبل يكتنفه الغموض.
ويعود إفتتاح النسخة الأولى من معرض “مفكرة هوامش” إلى ديسمبر من العام 2014، وقد شكّل إلى حد ما نقطة إنطلاقة البدء في دراسة حول مدى تأثير الأعمال الفنية على زوار المعرض، حيث طلب “بارجيل” من زوار المعرض كتابة كلمات، في كراسات قدمها لهم، تُعبِّر عن تصوراتهم الشخصية ومشاعر الحنين التي أثارتها الأعمال الفنية المعروضة، في لفتة أرادت المؤسسة من خلالها ليس فقط إبراز قصص الأعمال المعروضة، بل والقصص الغائبة كما فسرتها أعين الجمهور الصامت.
وتم جمع سلسلة التعليقات التي قدمها الجمهور خلال المعرض السابق لتشكل مجموعة من الحواشي المنشورة في كراسات، تتضمن تفسيرات للإنطباعات الخاصة مدونة على هامش الصفحة، وتراوحت ما بين كتابة وصف حي للأعمال، أو تدوين قصص شخصية، أو وضع قوائم كلمات، أو كتابة شعر، أو رسومات، أو خربشات مبهمة، أو تقديم صفحات فارغة. وتم عرض هذه الكراسات خلال المعرض، لتكون بمثابة مفكرة بصرية للتذكير بالمعرض السابق ضمن سلسلة من المعارض التي تُقام في أماكن مختلفة.
واستحوذت العديد من المعروضات في معرض “مفكرة هوامش” على اهتمام كبير من الجمهور، ومنها فيلم فيديو قصير للفنان المصري يوسف نبيل تحت عنوان “أنت لم تغادر أبداً”، وعمل للفنان اللبناني وليد رعد يحمل عنوان
“سبق أن كنت في بحيرة من النار”، والعمل طباعة أرشيفية باستخدام طابعة نافثة للحبر، وعمل فيديو تركيبي بعنوان “نصب تذكاري” للفنان العراقي عادل عابدين.
وتضم قائمة الفنانين المشاركين كل من عبد القادر بن شامة، وعادل عبد الصمد، وعادل عابدين، وأكرم زعتري، وعلي شيري، وجمانة منّاع، وخالد جرار، ومحمد سيد بعلبكي، ومنى حاتوم، ونديم كوفي، وصادق الفراجي، وسيف وانلي، ويوسف كامل، وياتو بارادا، وزياد عنتر، وزياد دلول.
ويتواصل هذا المعرض حتى الأول من اكتوبر القادم في الطابق الثاني من مركز مرايا للفنون، الواقع في المبنى (E)، في القصباء. ويفتتح المركز أبوابه من العاشرة صباحاً وحتى العاشرة مساءً طيلة أيام الأسبوع، ومن الرابعة عصراً وحتى العاشرة مساءً في يوم الجمعة.