لماذا علينا عندما نزور مدناً أو دولاً، أن نقارن فوراً هذه الدولة بالإمارات؟ ولماذا لم تعد تبهرنا الدول الأخرى بمرافقها وخدماتها؟ ولماذا يتملكنا القلق فوراً إذا وجدنا أن البعض يقدم شيئاً ما أفضل مما هو لدينا؟ وهل الأسئلة السابقة التي تدور في أذهاننا أو نتحاور حولها هي أسئلة مشروعة؟
من الطبيعي؛ بل من الصحي أن تتم المقارنة، بيننا وبين الآخرين، لأن هذا يعرّفك أين تقف في سباق المنافسة، فالأخيرة هي «مربط الفرس» في النجاح والجودة والتقدم والابتكار، وفي الوصول إلى المراكز الأولى، وغير ذلك يعني غياب المقاييس والإبداع.
أما الإجابة عن السؤال الثاني، فتكمن في المكانة التي باتت تبلغها الإمارات في مختلف نواحي الحياة والعيش والعمل والإدارة؛ إذ إن مستوياتها بلغت من الارتفاع علواً شاهقاً، تم تحقيقه بخطى متسارعة، جعلت من الإمارات نفسها سقفاً لمقارنة الآخرين بلدانهم بها في عشرات المؤشرات العالمية والعلمية من لحظة دخول أراضيها وحتى مغادرتها.
أما القلق الذي يتملكنا عندما نجد شيئاً أفضل مما لدينا، فإنه مبرر؛ بل هو ضروري ومفيد، لأنه يحفزنا على الابتكار والبحث عن مكامن النقص، والبناء على ما لدينا، لتحقيق مكانة متقدمة، فالنجاح مهما كان مهماً، إلا أن الأهم منه هو المحافظة عليه، وتطويره باستمرار، فالتقنية ومكوناتها تتطور لحظياً، وعلينا مواكبتها وليس اللحاق بها فقط.
تجربة الإمارات ونموذجها التنموي باتا حقيقة في العالم المتقدم، وما يفرح أن هذه الحقيقة وصلت إلى العديد من الدول التي باتت تطبقها وتستفيد منها وتبني عليها، وهو أمر يجعلنا فخورين ومستعدين لسباق المنافسة الذي بات أوسع، وأدواته متاحة أمام الجميع وسقفه أعلى.
هذا النموذج الخليجي العربي العالمي برز بقوة في العام الماضي الذي طوينا بالأمس ساعاته الأخيرة؛ حيث وضع اقتصاد الإمارات، بأبهى صوره، محققاً مكاسب هي الأفضل منذ أكثر من 15 عاماً، أي منذ ما قبل الأزمة المالية العالمية في عام 2008.
الإنجاز الضخم الذي رفع معدل النمو بأكثر من 8 في المئة – أسهم فيه الجميع – النفط ومكوناته، القطاع الحكومي ومشاريعه، القطاع الخاص وشركاته، فيما لعبت عوامل عدة لتحقيقه، خارجية، بما فيها اهتزازات الأسواق العالمية، وداخلية، عبر منظومة العمل الحكومي وتشريعاته التي تم إدخال المزيد من التحسينات عليها.
ويأتي السؤال ونحن أمام مشارف العام الجديد، هل يتمكن اقتصاد الإمارات من مواصلة الازدهار الحالي؟ لتأتي الإجابة الشافية من قيادة الإمارات صاحبة هذا الإنجاز رؤية وتنفيذاً ومتابعة؛ إذ أكد صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، «أن الإنجازات كبيرة والمستقبل مشرق والوعد بأن الأجمل قادم».
من المؤكد أن الإمارات صاحبة أكثر اقتصاد مرونة في الشرق الأوسط، لديها الكثير مما تخبئه للمستقبل، لأن الأخير ترسمه بنفسها، ولا تنتظر قدومه وهي غير مستعدة له، ومن المؤكد أن المعطيات الإيجابية آخذة في التزايد، لأن الاقتصاد بات أكثر عمقاً وتنوعاً وتفرداً، وشراكاته انتقلت إلى مرحلة أعمق أكثر استراتيجية، فيما الثقة والإيجابية تسودان مجتمع الأعمال وقطاعاته.
رغم كل «الثقة والإيجابية» إلا أن الجميع «مؤسسات ورجال أعمال» مدعو للاستفادة من الفرص التي تفرزها مرحلة الازدهار الحالية، ومدعو في الوقت ذاته لأن يكون مستعداً لأي مطبات وعقبات ممكن أن تطرأ في الاقتصاد العالمي الذي تعاني اقتصاداته الكبيرة تحديات جمة بفعل الحروب والتضخم وضعف النمو والركود والبطالة.
فلنذهب جميعاً إلى عام آخر من التحديات ولنجعلها إنجازات خيرها يعم الجميع.
المصدر: الخليج