كاتبة لبنانية
«هل أورد الإعلام البريطاني أن الأرملة البيضاء هي أيضا عضو في حزب «الشاي» الأميركي؟!
تعليق لبريطانية على موقع «تويتر»، وهو واحد من سلسلة تعليقات ومقالات بشأن الحكاية التي شغلت الصحافة الغربية، الأسبوع الماضي، ولكن من موقع المشكك والناقد.
إذ يبدو أن نبرة السخرية والتشكيك بدأت تعلو ردا على الحمى التي اجتاحت الصحافة البريطانية والغربية، بشأن من أطلقوا عليها تسمية «الأرملة البيضاء»، وهي البريطانية «سامانثا ليوثوايت»، التي تصدر اسمها كمخططة لتفجيرات المركز التجاري في نيروبي، التي أودت بـ72 ضحية من المدنيين.
واختيار تسمية «الأرملة البيضاء» نسب لدهاء أمني استثمره الإعلام الغربي، فزاد من اهتمام الرأي العام بالحكاية الغامضة لامرأة كل ما يُعرف عنها أنها بيضاء وأرملة، وتحولت إلى الإسلام، وكانت زوجة لأحد منفذي تفجيرات لندن عام 2005. راجت تسريبات أمنية لجهة انخراطها في أعمال إرهابية مع «حركة الشباب» الصومالية، التي تبنت هجوم نيروبي، وهناك من اعتبرها من أهم عناصر «القاعدة» في شرق أفريقيا.
لكن كل هذه الاستنتاجات لا تستند إلى وقائع حسية دامغة باعتراف أجهزة الأمن نفسها، حتى إن الرواية التي ترددت عن امرأة تقود الجماعة المنفذة لهجوم نيروبي، التي قيل إنها «سامانثا» تبين عدم صحتها. ومع تزايد التدقيق حول المعلومات التي سربت حول هذه المرأة، تتضاعف القناعة بأن لـ«سامانثا» قصة صغيرة ضُخّمت عمدا.
بدا إطلاق هذه التسمية لعبا على أوتار كثيرة كفيلة بجذب الاهتمام.
في تسعينات القرن الماضي، تصدرت حكايات «الأرامل السود»، وهن شيشانيات فقدن أزواجهن في مواجهات مع الأمن الروسي، فنفذن هجمات وعمليات ضد مصالح روسية انتقاما. والأرملة السوداء أيضا تعبير شائع لأنثى نوع من العنكبوت يتردد أنها تقتل الذكر بعد التزاوج.. جرى اللعب على معاني التعبيرين للحديث عن انخراط النساء في الإرهاب، وأتت عمليات لتنظيم «القاعدة» نفذتها نساء في العراق لتكون مصدر حيرة وإثارة أكبر.
بعد الأيام الأولى من قضية رهائن المركز التجاري، وبعد انتشار تسمية «الأرملة البيضاء»، غاص الإعلام البريطاني في كل ما له علاقة بهذه المرأة. حكاية إسلامها وزواجها، حتى إن هناك من تحدث عن الوضع الصحي لجدتها، وعن اكتشاف البوليس لقطع ملابس داخلية مثيرة في منازل كانت سكنت فيها في لندن.
لكن بعد كل هذا التركيز عليها كإرهابية، بات النقاش اليوم في مكان آخر.
لماذا جرى تضخيم حكاية هذه المرأة، التي يبدو أنه لا شيء حاسما في حكايتها بعد، بل إن الترويج لأدوار أمنية كبرى لها بدا ضعيفا؟!
والحال أن مسألة إضفاء قدر من الإثارة على أعمال إرهابية شكّلت عنصرا أساسيا في إعادة إنتاج رواية متخيلة لهذه الجماعات. إنها امرأة وبريطانية ومتحولة إلى الإسلام، وهذه عناصر كافية لشحن الحكاية بمقدار من الخيال. أليس في تضخيم حكاية نكاح الجهاد قدرا من هذا الميل؟
ألم يقع الإعلام الغربي أكثر من مرة في إغراء خرافات كان بدأها إعلام عدوّ للثورة السورية.
من المرجح أن تكون الأرملة البيضاء أحد الأفخاخ الكثيرة التي سقط فيها الإعلام الغربي.
المصدر: صحيفة الشرق الأوسط