أطلق الأزهر الشريف أمس حملة، بعنوان «دعوة للتسامح» لإظهار سماحة الدين الإسلامي وحقيقة رسالة الإسلام، وذلك في معرض رده على العدد الجديد لصحيفة «شارلي ايبدو» الفرنسية الساخرة الذي تضمن رسماً مسيئاً للرسول محمد عليه الصلاة والسلام، داعيا المسلمين إلى تجاهل ما وصفه بـ«خيال مريض وعبث كريه»، وقائلا «إن مقام نبي الرحمة والإنسانية أعظم وأسمى من أن تنال منه رسوم منفلتة من كل القيود الأخلاقية والضوابط الحضارية». وأوضح وكيل الأزهر عباس شومان «أن الأزهر بدأ في الإعداد لنشر سلسلة من الكتب العلمية بعدة لغات للتعريف بالقيم الإسلامية التي تدعو لنشر الخير والتسامح والتعايش السلمي بين المسلمين وغيرهم، والتأكيد على مكانة الرسول عليه الصلاة والسلام وأخلاقه الكريمة التي تدعو للتسامح والعدل والمساواة بين البشر جميعا والرحمة للجميع المسلمين وغير المسلمين.
ودعا إلى تكثيف انتشار علماء الأزهر في أنحاء العالم للتأكيد على هذه القيم والرد على كافة الاستفسارات المتعلقة بحقيقة الدين الإسلامي، خاصة في المجتمعات الغربية، بالإضافة إلى دعم كافة مبادرات التقارب والتفاهم بين المسلمين، وغيرهم من خلال الدعوة التي أطلقها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر لإنشاء بيت عائلة على المستوى العالمي يجمع الجميع تحت سقف المودة والمحبة والرحمة بين جميع أصحاب الأديان.
وقال وكيل الأزهر، «إن أبلغ رد على الإساءة للإسلام وللرسول صلى الله عليه وسلم هو التجاهل التام لهذه الأعمال المسيئة، فلو أهملناها لبقيت هي ومن وما فيها نسياً منسياً». وأكد أن الحملة ستعمل على إظهار حقيقة سماحة الإسلام وعظمته وقيمه النبيلة الخالدة التي يسمو بها الزمان والمكان وتستوعب الآخر وثقافته، وتهذب منها، وتصلح من شأنه وشأنها حتى لو بقي بعيدا عن دائرة الإسلام من دون التعرض للمتطاولين وأفعالهم.
ولفت أن هدف المبادرة نابع من الفقه الإسلامي الذي شرع عهود الأمان، ومنحها للجميع دون تفرقة مع غير المسلمين ليختلطوا بالمسلمين ويتعايشوا معهم فيقفوا على محاسن الإسلام وقيمه من خلال سلوك أتباعه، وليس كما يظن كثير من الناس زيادة موارد بيت مال المسلمين، أو إذلال وإهانة غير المسلمين.
وطالب الحكومات والمنظمات الدولية بإعلان رفضها لأي عمل مسيء للأديان والرسل، والعمل على وقف الأعمال التي تثير الفتن الدينية والنعرات الطائفية، وتعمق الكراهية والبغضاء، وتؤجج الصراع بين أتباع الحضارات والديانات، والتأكيد على ضرورة إصدار قانون دولي يجرم الإساءة للأديان كافة الأمر الذي طالما طالب به الأزهر الشريف دون استجابة.
وأشار وكيل الأزهر إلى أن أي محاولة جديدة لنشر صور مسيئة من شأنها أن تسبب موجة جديدة من الكراهية في المجتمع الغربي، ولا تخدم التعايش السلمي وحوار الحضارات الذي يسعى المسلمون إليه، بالإضافة إلى التنوع الثقافي والتسامح واحترام حقوق الإنسان التي تحمل أهمية كبيرة للهدوء والسلام، كما أنها تعمق مشاعر الكراهية والتمييز بين المسلمين وغيرهم.
ورفض بيان آخر للمركز الإعلامي للأزهر الخيال المريض المتمثل بالرسوم الواردة في العدد الجديد لـ«شارلي ايبدو»، لكن مع دعوته جميع المسلمين إلى تجاهل هذا العبث الكريه، وقال «إن مقام نبي الرحمة والإنسانية أعظم وأسمى من أن تنال منه رسوم منفلتة من كل القيود الأخلاقية والضوابط الحضارية»، مطالبا كل عقلاء العالم وأحراره بالوقوف ضد كل ما يهدد السلام العالمي.
وقال مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر في بيان، «إن الرسوم المسيئة ستؤجج مشاعر الكراهية وترسخ ثقافة الكراهية، ولا تخدم التعايش السلمي بين الشعوب، وتحول دون اندماج المسلمين في المجتمعات الأوروبية أو الغربية». وفي فلسطين، قال المفتي العام للقدس والديار المقدسة الشيخ محمد حسين، إن إعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول تؤجج مشاعر الحقد والبغضاء والكراهية بين الناس، وأضاف في بيان «إن إعادة نشر هذه الرسوم دلالة واضحة على التحدي المتعمد والاستهتار والإساءة لما يقارب ملياري مسلم في العالم كونها تخص شخص نبيهم الكريم». ورفض تبرير نشر الرسوم بحجة تقديس حرية الرأي والتعبير، قائلا،«إن الحرية والديمقراطية تتناقضان مع انتهاك حقوق الآخرين والاعتداء على مقدساتهم»، ومطالبا الأمم المتحدة بإقرار قانون يقضي بمنع التطاول على الديانات ورموزها، ونددت إيران بنشر الرسوم المسيئة للرسول.
وقال وزير الخارجية محمد جواد ظريف، إن إجراء حوار جاد مع الغرب سيكون أسهل في حالة احترام مشاعر المسلمين التي تضررت جراء الرسوم المسيئة للرسول.
فيما قالت نائبة المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماري هارف، «إن شارلي ايبدو لها الحق تماما في نشر الرسوم رغم احتجاج المسلمين»، وكان الفرنسيون تهافتوا أمس لشراء عدد «شارلي ايبدو» الذي صدر تحت عنوان «الناجون» وعلى الصفحة الأولى رسم جديد للرسول دامعا ويمسك شعار التضامن مع الصحيفة «أنا شارلي» وفوق الرسم مكتوب «غفر كل شيء»، وذلك بعد اسبوع على الاعتداء الذي نفذه الشقيقان سعيد وشريف كواشي، وتبناه فرع «القاعدة» في اليمن وأسفر عن سقوط 12 قتيلا.
وقالت مصادر، إنه بحلول الساعة التاسعة صباحا نفدت جميع نسخ العدد التاريخي، بحيث قرر الناشر زيادتها إلى خمسة ملايين بدلا من 3 ملايين، وهو رقم قياسي مقارنة بستين ألف نسخة عادة، وبيعه في 27 ألف مكان حول البلاد.
وبيعت نسخ من المجلة مقابل 650 يورو (767 دولاراً) على موقع إلكتروني للمزادات، وذلك بعد نفاد النسخة في الأكشاك.
وفي النسخة الجديدة يسخر الناجون من الهجوم من العاملون في المجلة من منفذي الهجمات المنتمين للتيار المتطرف، وتصور الرسوم في العدد الجديد منفذي الهجوم على أنهما بلهاء عقلياً.
المصدر: عواصم (وكالات) – الاتحاد