ربما يكون السيناريو الأفضل الذي يتمناه العالم كالتالي: تزايد الضغوط الداخلية على النظام الإيراني وتتزايد الاحتجاجات وتتحرك المعارضة المدنية ويسقط النظام وتمر البلاد بمرحلة انتقالية يأتي بعدها نظام جديد وبدستور جديد يتخلص من نموذج الحكم الديني إلى نموذج الدولة الوطنية. لكن هذا السيناريو يبدو مثاليا للغاية وغالبا لن يسمح النظام الإيراني الحالي وبعد أربعين عاما من التمكن وبناء المؤسسات العسكرية والأمنية لن يسمح بمثل هذا السيناريو، وغالبا سيذهب لخيارات الفوضى في المنطقة والقمع والدماء في الداخل.
بالعودة إلى خطاب مايكل بومبيو الذي قدمه العام الماضي بعد تعيينه وزيرا للخارجية يمكن القول إن التوجه السياسي الأمريكي تجاه طهران لم يعد مجرد تغيير السلوك بل القضية تكمن في النظام نفسه. وقال بومبيو في هذا الصدد: إن عمر النظام الذي انبثق في ثورة ١٩٧٩ ليس أبديا.
الجانب الأهم يكمن في القناعة الدولية أن تغيير سلوك النظام ليس واردا إلا على سبيل المناورة السياسية فحسب، لأن كل تصرفات النظام في المنطقة ليس مجرد أخطاء أو حسابات سياسية خاطئة بل هي تجسيد واقعي لشخصية النظام ومشروعه ودستوره أيضا.
عرف الشارع الإيراني محاولات متعددة للاحتجاج في وجه النظام وكانت الثورة الخضراء التي شهدتها شوارع المدن الإيرانية عام ٢٠٠٩، والتي واجهها النظام بالقمع والمطاردات والرصاص الحي. ربما يتحفز الشارع الآن لاستعادة الوهج الاحتجاجي الكامن في مختلف مكونات المجتمع الإيراني، خاصة أن الصمت الدولي الذي رافق أحداث عام ٢٠٠٩ والذي أضعف الحراك الإيراني الداخلي لن يستمر في هذه المرحلة. كما أن قوة المعارضة الإيرانية وتمددها في الداخل الإيراني وتحركاتها الدولية ستسهم في تحريك العالم لمواجهة القمع الذي قد تشنه قوات النظام الإيراني على المحتجين.
إقليميا، سيقوم النظام بكل ما يمكنه القيام به لتوسيع رقعة الأزمة في المنطقة، والهجمات التي تعرضت لها ناقلات النفط في الخليج والتهديد بإغلاق مضيق هرمز كلها خطوات قد يواصل النظام الإقدام عليها لجر المنطقة بأكملها إلى مواجهة وحرب يسعى الجميع لتجنبها.
اليوم ومع كل الخطوات الجديدة التي تشهدها دول المنطقة نحو المستقبل والتنمية والأمن وتعزيز الدولة الوطنية تزداد العزلة الإيرانية ويصبح النظام أكثر غرابة وأقل انتماء لمحيطه الذي يتحرك بإيقاع جديد ورؤية جديدة. ينتج هذا النظام تلك الفظائع التي يشاهدها العالم يوميا في سورية وصنعاء ولبنان، ليس للنظام الإيراني أهداف أو مشاريع تتعلق بالتنمية أو المستقبل في منطقة هي الأهم للعالم أمنيا وإستراتيجيا واقتصاديا، وبالتالي يدرك العالم الحر اليوم أن أمن واستقرار المنطقة والعالم لا يمكن أن يتحقق في ظل وجود هذا النظام، والأربعون عاما من عمر النظام في المنطقة تكفي لتأكيد عدم صلاحيته وعدم إمكانية استمراره أو كما قال بومبيو: إن عمر هذا النظام لن يكون أبديا.
المصدر: عكاظ