أتاح هذا الفضاء الشاسع للإنترنت والاستخدام المـتواصل لوســـائل التواصل الاجتماعي سريعة التطور، الانتشار السريع لكل أنواع الإبداع الفكري والثقافي، وبما أننا في صفحة (حبر وعطر) نتحدث شعراً فلا بد أن نبين ونختــصر استطلاع الرأي في هذا الجانب.
فيا تــــرى: هل غاب دور الناقد الحقيقي عن الساحة بعد سيطرة تلك الوسائل التــــي توفر خاصية التواصل المباشر مع الجمهور، إضافة إلى خاصيتي عدد الإعجاب وإعادة التغريدات؟
واقع.. ولكن
يقول سالم الكعبي: المقيّم الحقيقي للشعر في برامج التواصل الاجتماعي، من وجهة نظري، هو اجتماع أذواق المتابعين ولقاؤها مع إعجابات وتفضيلات الشاعر. ويكون ذلك من خلال عدد إعادة النشر أو عدد التفضيلات أو عدد التعليقات لما يطرحه الشاعر من شعر. وأظن أن الجمهور يصنف إلى فئات عديدة في الخصوص؛ فهناك فئة الجمهور العادي المحب للشعر، وأيضاً: الجمهور المتخصص.
ويضيف: إن برامج التواصل الاجتماعي أصبحت في وقتنا هذا، جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية. كما باتت تمتلك قوّة في التأثير على المجتمع لسرعة وشمولية الانتشار بين الناس، والمكان الذي يوجد فيه الناس بكثرة بمختلف العادات والأعمار والأجناس يكون من الطبيعي أن تتفاوت فيه الأذواق من شخص لآخر، ولكن في نهاية المطاف حين تجتمع الآراء على الإعجاب بطرح معيّن لشاعر معيّن، فهذا، بتصوري، هو المقيم الحقيقي، ويتمثّل الإعجاب في عدد إعادات النشر أو عدد التفضيلات أو عـــدد التعلـــيقات لهذا الطرح. لا ضوابط
«إذا ما أردنا الحديث عن مقومات ومعايير التقييم الشعري بوجه عام والإبداعي على نحو خاص، تلزمنا معرفة السقف الحر الذي تنضوي تحته أدوات المقيّم نفسه، أو من يشغله هذا الهاجس». هكذا تستهل الشاعرة فتاة تهامة تعليقها على الموضوع المطروق. وتتابع: في تقديري، إن المساحات المفتوحة تغيب عنها الضوابط الحقيقية للتقييم، وذلك يكمن في جملة أسباب، لعل من أهمها: غياب الناقد المحايد، وافتقارنا للمراقب المنصف. ولكن عزاءنا لربما ينحصر في جهة غير محصورة، وهي الجمهور الواعي الذي بإمكانه فرز الجيد من الرديء.
فوضى مستشرية
يؤكد الشاعر علي السبعان أن المسألة شائكة؛ لأن الأصل في الشعر أنه موجه للناس من دون وساطة من ناقد أو فلترة من رقيب، وللناس الحق في الاستمتاع بما يطربهم ويلامس مشاعرهم، كما لهم الحق في قبول شاعر دون آخر، بغض النظر عن القيمة الفكرية أو المستوى الفني الذي يجادل فيه الراسخون في الشعر وأصحاب الاختصاص. ويكمل: ومع ذلك، فإن الفوضى التي أشاعتها وسائل التواصل الاجتماعي أتاحت لمستشعرين وأنصاف شعراء تكوين قاعدة جماهيرية، لربما أسهمت – أو ستسهم – في مزيد من التسطيح للذائقة الشعرية، وتغليب الغث على السمين، خصوصاً إذا ما تم تجييش الطاقات والعلاقات وخفايا عالم (السوشيل ميديا) من تزييف حسابات وشراء متابعين وتبادل ريتويت.. الخ، وكل هذا يحدث في الوقت الذي تغرق فيه الإذاعات والفضائيات مسامعنا في خضم هائل من التفاهة “المموسقة” تحت مسمى الأغنية، وهذا ما يزيد الطين بلة، إلا أننا لا نمـــلك الحجر على عقول الناس وارتهان ذائقتهم لما نرضى عنه فقط.
وعوداً على السؤال المطروح – وهو سؤال افتراضي إلى حد ما -، فإن المفترض أن تكون ذائقة الجميع هي الفيصل، فما هو جدير بالانتشار والبقاء سينتشر ويبقى، وما سوى ذلك سيضيع في غياهب الشبكة، علماً أن الضياع، في رأيي، هو المصير في الحالتين، فموقع مثل «تويتر» صمم لتكون التغريدة ومضة سريعة تسجل لحظة عابرة في زمن متسارع، لا يطيل الالتفات ولا يتوقف عند شيء.
مؤثرات طاغية
يلخص جمال الشقصي رأيه في الموضوع: لا يبدو أن لصوت الناقد من أثر على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، وما من دورٍ مشهود للمنظّر أو حتى المقيّم الذاتي. ففي هذا الوسط تطغى المؤثرات الصوتية والبهرج الحرفي على حساب جوهر الإبداع، نظراً لكثرة عدد الكتاب والشعراء، وكذلك لسرعة التلقي. وهو ما أفرز إهمال خاصية البحث والتحري في مصادر المادة المكتوبة أمامه، إن كانت هي من قبل كاتبها أم مستقاة من مصدر آخر.
وعي
يرى خليفة الكعبي أن الجمهور على درجة كافية من الوعي والثقافة والإدراك ليتمكن من تقييم ما يطرح وينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي. واستطرد: بإمكان الجمهور أن يفرق بين الجيد والرديء، ويعرف الشاعر صاحب الموهبة والمتمكن من الشاعر المتصنع، لكن، من وجهة نظري، فإن الإبداع في النهاية لا ولن يختلف عليه اثنان. والشاعر المبدع قادر على فرض إبداعه وموهبته وتمكنه على ذائقة الجمهور.
تقييم
تقول هنادي المنصوري: القرّاء وأصحاب الاختصاص هم المقيّمون الحقيقيون للإبداع الشعري؛ فإقبال القراء الواعين على متابعة حساب شاعر ما، أكبر دليل على تميز المستوى الشعري له، والمتفحص لآراء المتابعين في حساب الشاعر يتوصل بعد متابعة الردود، إلى مستوى ثقافة هؤلاء وجديتهم.
المصدر: البيان