مدير تحرير صحيفة الجزيرة
كانت في الأصل وصفاً جميلاً للأصدقاء الذين تقترب محبتهم من درجة الأخوة. كانت تعني المودة والألفة والثقة، وسمة للناس الذين يجدهم المرء حوله في كل موقف صعب قبل أن تعصف جماعة «الإخوان» بها وتحيلها إلى دائرة ضيقة من الحزبية والتبعية المطلقة. كانت مظهراً إنسانياً قبل أن تستحيل إلى سلاح إقصاء وقمع وتخويف.
عرفت السعودية «الإخوان» عسكرياً في بدايات التأسيس حين كان اسمهم «إخوان من طاع الله» وكانوا مخلصين لولا تشددهم التقليدي في مجتمع لم يتشكل بعد ومع ذلك بقيت «الإخوان» بدلالتها الاجتماعية هي المسيطرة والنافذة إلى أن جاء المد الإخواني المسيس فحرم السعوديين من بهجة الكلمة ودلالاتها.
أصبحت كلمة الأخ تعني الكادر الحزبي، و«الإخوان» لاتشير إلا إلى الجماعة وحدها. وإذا أخطأ أحد وقال لرفيقه: أنت أخي فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو العضوية والشراكة في حماية أهداف الجماعة والدفاع عنها.
لايتحدث شيخ صحوي سعودي دون تكرار كلمة الإخوان في وصفه لزملائه لكنهم إخوان لايقفون مع صاحبهم إن حاد عن طريقهم ولايجمعهم به سوى التعاليم المشتركة أما كل قيمة إنسانية أخرى فلا موقع لها.
هذه الهجمة امتدت إلى النساء فأبرزت «الأخوات» وهن المعادل الحركي للرجال في دوائر النساء فالتحقت «الأخت» بـ «الأخ» ولم يسلم حتى الآن سوى أخوّة الدم وهي في طريقها للتفتت لأن الأخوة الحزبية إن دخلت بيتاً ما كان صوتها أعلى وأقوى من اللحمة وصلات القرابة.
في السعودية توشك أن تكون الكلمة تهمة بعد سقوط الأقنعة وتوشك أن تغادر طبيعتها الإنسانية نهائياً لتقف عند حدود الجماعة.
المصدر: صحيفة الشرق