مدير تحرير صحيفة الجزيرة
لم يتفـــاعل «التجمع اليمني للإصلاح» مع «عاصفة الحزم» إلا في الثاني من نيسان (أبريل)، بعد أن حسم تردده في التعامل مع الوضع المستجد، ووجد أن الخيار الوحيد هو الاصطفاف مـع السعودية، يقيناً بأن حملة التحالف ستغير المشهد، وستعيد ترتيب التحالفات الداخلية بصورة مغايرة، خصوصاً أن الصمت لم يعد مقبولاً، إذ يندرج في طور التأييد للحوثي وصالح.
منذ اقتحام الحوثي صنعاء في 21 أيلول (سبتمبر)، كان تدمــير «الإصلاح» من أبرز أهدافه، ولم يتوقف عن ملاحقة قياداته، ودهم مراكزه المختلفة. حينها راجت مقولات أن السعودية تريد القضاء على «الإصلاح»، وأن تأييد مجلس التعاون اتفاق السلم والشراكة كان من أجل منح الحوثي مزيداً من الحركة.
لا حاجـــة للاستفاضة في ذلك، لأن مجلس التعاون دعم الخيار اليمني وقتها حرصاً على أمنه وتماسكه، ولم يكن «الإصلاح» مصدر قلق أو هماً بأي شكل، لذلك فإن هذه التبريرات كانت تغطية لضعف واضح وارتباك حاد داخل الحزب نفسه.
منذ أن أعلن الحزب دعمه «عاصفة الحزم» لم يقم بأي نشاط ميداني سوى الاستعراض بأسماء المعتقلين من قياداته، وتكرار أن السبب موقفه الإيجابي من العاصفة، بينما الاعتقالات لم تنقطع ولم تتوقف، وإن كانت وتيرتها ربما زادت بعد إعلان التأييد.
ما سبب صـمت الحزب وانكفاؤه حتى الآن؟ هل يخشى على كوادره مزيداً من الاعتقالات، أم أنه لا يملك قدرة على تحريك الشارع والتأثير فيه؟ هل التأييد جرعة عاطفية حتى لا يخسر شعبيتــه بينمــا ينتظر انفراج المشهد ليكون الوحيد المتعافي مـــن هذه الأزمة والطرف الرابح فيها من دون جهد وتضحيات؟
أين ذهب التهديد والوعيد لصالح والحوثي؟ أم أن الأمر مجرد بيانات «فايسبوكية» متوالية؟
السكون هو السمة الغالبة على الحزب حتى الآن، ولم يظهر له أي دور في اليمن، حتى من باب المساهمة الاجتماعية والإغاثة الإنسانية، مكتفياً بالتبرير أنه يخشى على قياداته المحتجزة لدى الحوثي. يقول رئيس دائرة الإعلام والثقافة في الحزب: «لسنا خائفين، لكن ما يقرب من 500 من أعضاء الحزب وقياداته، بل ومن هيئته العليا، أسرى لدى ميليشيات الحوثي، ولا بد أن نحرص على حياتهم وما يمكن أن تؤول إليه أوضاعهم». هذا القول لا يعني سوى شيء واحد: التزام الحياد والسكون حتى تنجلي الأوضاع، وربما يعني أن الكوادر تلقت أوامر بعدم التحرك أو المشاركة.
كثيرون راهنوا قبيل بدء «عاصفة الحزم» على ضرورة الاعتماد على «الإصـــلاح»، لأنه الوحـــيد القـــادر على كبح جماح الحـــوثي، كما قالوا. لم يحدث ذلك، فانطلقت «العاصفة» وانتهت ولحقتها «إعادة الأمل»، وهي مستمرة، بينما كل دور «الإصلاح» مزيد من البيانات والتصريحات والدعم المعنوي من بعد.
الدعـــم المعنوي يجيء من أطراف بعيدة، لكن الداخل طرف في التغـــيير، والصمت لن يخلق سوى مزيد من الضعف والعزلـــة للحـــزب. نساء عدن حملن البندقـــية وقدمن أولادهن من أجل اليمن، والمقاومة تتعرض للقتل والتفجير، ومع ذلك تناضل من أجل غدها، فمتى يكون الحزب شريكاً فعلياً لا لفظياً؟
المصدر: الحياة
http://alhayat.com/Opinion/Jasser-AlJasser/