اهتمت الصحافة الغربية على مدى الخمسة ايام الماضية بالركن الخامس من اركان الاسلام, وركزت على استضافة السعودية لنحو مليوني حاج , واشادت بنجاح السعودية في تأمين الحجيج خلال مراحل الحج من الطواف الى الصعود بعرفة ثم مراحل رمي الجمرات في امن وامان».
ومع وجود ما بين 5 إلى 6 ملايين مسلم على الأراضي الفرنسية، لم تعد شؤون الإسلام مسألة خارجية بالنسبة للمواطنين الفرنسيين الذين يتعايشون مع الدين الإسلامي، ثاني الديانات في فرنسا بعد الكاثوليكية، يوميا وحياتيا. ولذا، فإن موضوع فريضة الحج التي يؤديها سنويا نحو 30 ألفا من المواطنين الفرنسيين أو المقيمين على الأراضي الفرنسية تلقى اهتماما من وسائل الإعلام. وكان معهد العالم العربي أقام معرضا هذا الصيف عن الحج لقي نجاحا كبيرا، فمن الناحية الرسمية، حرص الرئيس فرنسوا هولاند على افتتاحه شخصيا الأمر الذي عكس اهتمام السلطات الرسمية به كما أنه لقي على المستوى الشعبي رواجا كبيرا إذ ارتاده ما يزيد على ستين ألف شخص.
وأمس، اغتنم وزير الداخلية وشؤون العبادة الفرنسية برنار كازنوف مناسبة حلول عيد الأضحى المبارك ليوجه رسالة مهمة للمسلمين أولا لحضوره إلى مسجد مدينة كاربنتراس (جنوب فرنسا) بمناسبة العيد وثانيا لتأكيده لمسلمي فرنسا أنهم «ليس عليهم أن يشعروا بالذنب أو بالمسؤولية إزاء الأعمال الإرهابية التي يقوم بها همجيون» في إشارة إلى داعش وجند الخلافة.
وكان كازنوف يتحدث لنحو أربعة ألاف مصل في مسجد كارنتراس حيث قال إنه «يعرف أن الأعمال الإرهابية التي تحصل خراج الأراضي الفرنسية والتي يريد البعض القيام بها في الداخل لا علاقة لها بالرسالة التي يحملها مسلمو فرنسا أو تلك التي تبشر بها الديانة الإسلامية».
وفي السياق عينه، كشف رئيس الحكومة مانويل فالس عن نجاح أجهزة الأمن الفرنسية في الحؤول دون تنفيذ «الكثير من العمليات الإرهابية» في فرنسا ولكن من غير إعطاء تفاصيل حولها. وبحسب أوساط رئيس الحكومة، فإن فالس كان يشير بالتحديد لأربع عمليات كان يجري التحضير لارتكابها على الأراضي الفرنسية. وفي كل حال، فإن رئيس الحكومة الذي شغل سابقا منصب وزير الداخلية يعد أن فرنسا «تواجه عدوا في الخارج وعدوا في الداخل».
لكن هذه التطورات لم تحل دون اهتمام الإعلام الفرنسي بالحج وبما يشكله من تحد للسلطات السعودية في ميدانين اثنين: توفير الأمن والهدوء من جهة وتلافي انتشار عدوى وباء الإيبولا بين الحجاج. وركزت ريبورتاجات كبريات القنوات التلفزيونية على هاتين النقطتين مشيرة إلى التدابير التي اتخذتها السلطات وإلى ما قامت به من إنشاءات لتسهيل إتمام فريضة الحج أمام مئات الآلاف من المسلمين. وجاء خبر الحج في متن النشرات الإخبارية للتلفزة والإذاعات مع تقارير من موفدين خاصين إلى السعودية. وعمدت إذاعة «فرانس إنفو» إلى بث تحقيق مطول عدة مرات عن الحج ومعانيه.
أما صحيفة «ليبراسيون» التي نشرت خبرا مطولا تحت عنوان «أكثر من مليوني حاج يصلون على جبل عرفات» فقد استهلته بالإشارة إلى ما قاله مفتي السعودية الذي دعا إلى ضرب الإرهابيين «بيد من حديد». لكنها أيضا نقلت كلاما لحاج نيجيري يقول فيه إنه يشعر «كأنه طفل غسل من خطاياه».
من جهتها، قدمت مجلة «لو بوان» وصفا للحجيج ولـ«مدينة الخيام» التي تقام مرة في العام ولدور رجال الأمن السعوديين الذين يسهرون على راحتهم ولـ«السلسلة البشرية» التي يشكلونها حولهم.
أما النقطة الجامعة لما نشرته الصحف والمجلات والمواقع الفرنسية فهي تقديم شعائر الحج وما يتعين على الحاج القيام به خلال هذه الفريضة وما تمثله في الديانة الإسلامية.
وفي بريطانيا ركزت الصحف البريطانية على مدى نحو أسبوع على تجمع ملايين المسلمين في مكة بالمملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج، وهي فعالية تمتد لأكثر من خمسة أيام وتهدف إلى تعزيز الوحدة بين المسلمين. وذكرت أن الحج الذي يبلغ من العمر 1400 عام يعد واحدا من أكبر التجمعات البشرية في العالم وسوف يستمر حتى وقت قريب من السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
وقالت «التايمز»: «تجنب حجاج بيت الله الحرام لهذا العام التدافع الذي حدث في فعاليات الحج في الأعوام السابقة. ومع ذلك، توفي الكثير من الحجاج المصريين في الأيام التي سبقت مناسك الحج إثر مشكلات صحية، طبقا لما نشره موقع (Cairo Post) التابع لصحيفة (اليوم السابع) المصرية. فقد توفي 15 حاجا مصريا على الأقل، ومعظمهم فوق سن الخمسين، في مختلف المستشفيات إثر أزمات صحية مفاجئة، من بينها النوبات القلبية ومشكلات في الجهاز التنفسي. قبل ثمانية أعوام، وفي شهر يناير (كانون الثاني) من عام 2006، أدى تدافع الحجيج إلى مقتل 362 حاجا، وفي شهر فبراير (شباط) من عام 2004، لقي 250 حاجا مصرعهم وأصيب مئات آخرون من الحشود المندفعة».
وتحدثت «التلغراف» البريطانية عن الكعبة مع صورة على خمسة أعمدة باعتبارها النقطة المحورية في رحلة الحج، و«هي بناء متوازي المستطيلات في قلب المسجد الحرام وهي أكثر المواضع الإسلامية قدسية. وينبغي على المسلمين التوجه لقاء الكعبة في صلاتهم، بصرف النظر عن أماكنهم حول العالم. وهناك أيضا قواعد للصلاة نحو مكة أثناء الوجود في الفضاء».
وقالت «الديلي ميل» البريطانية: «ارتدى الكثير من الحجيج هذا العام واقيات الوجه والتنفس خشية وجود بعض المسلمين المقبلين من الدول المتأثرة بداء الإيبولا، كما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية. وعززت السلطات التدابير الأمنية حول المشاعر المقدسة، فيما لاحظ الصحافيون وجود ثلاث نقاط تفتيش على الطريق بين جدة ومكة للتأكد من حصول العابرين إلى المدينة المقدسة على تصريح للحج. ويمكن للأعداد المكتظة أن توفر بيئة خطيرة لشخص ما أن ينقل المرض عن غير قصد. وقد منع المسافرون من دول سيراليون، وليبيريا، وغينيا من الحصول على تأشيرات الدخول بأمر من الحكومة السعودية كإجراء تحفظي ضد الفيروس. ويصلي الحجاج المسلمون حول الكعبة المشرفة في المسجد الحرام أثناء موسم الحج السنوي في مكة».
باريس: ميشال أبو نجم لندن: «الشرق الأوسط»