أفاد منظمو حفلات أعراس ومصممو أزياء، بأن كلفة الزواج في الإمارات مبالغ فيها، إذ تبدأ أسعار أزياء العروس متضمنة فستاني الزفاف وليلة الحناء من 10 آلاف درهم، وتصل إلى ثلاثة ملايين درهم في الأسر الثرية، وتدفع أسر 150 ألف درهم قيمة الأغنية الخاصة في ليلة الزفاف، معتبرين أنها سبباً رئيساً لتعثر مواطنين، وقد تؤدي إلى الطلاق، واتفق معهم خبراء ماليون، مؤكدين أن الاقتراض من البنوك لتدبير نفقات الزواج يتسبب في حدوث مشكلات اجتماعية كثيرة.
وتفصيلاً، كشف المدير العام لشركة النجمة الذهبية للإنتاج الإعلامي والفعاليات، معاذ المري، عن مبالغات كبيرة في كلفة الزواج في الإمارات، فقال إن «أزياء العروس متضمنة فستاني الزفاف وليلة الحناء تبدأ من 10 آلاف درهم وتصل قيمتها إلى ثلاثة ملايين درهم في الأسر الثرية».
وأضاف أن «المبالغة في كلفة الزواج تظهر بوضوح في ديكور العرس الذي تصل قيمته إلى مليوني درهم، تعادل كلفة توفير سكن مناسب لعائلتين إماراتيتين»، موضحاً أن بعض الأسر قد تطلب خمسة مطربين لإحياء حفل الزفاف، ويتقاضى المطرب الواحد ما بين 250 ألف درهم و500 ألف درهم للغناء مدة لا تزيد على 90 دقيقة، فضلاً عن طلب 150 ألف درهم حال تأليف أغنية خاصة باسم العروسين.
وأشار المري إلى أن الشبكة الذهبية التي يقدمها العريس تراوح قيمتها ما بين 100 ألف و150 ألف درهم، لافتاً إلى أن كلفة الزواج للأسر المتوسطة لا تقل عن 250 ألف درهم، وهو رقم معقول عند مقارنته بمستوى الدخل المرتفع نسبياً في الإمارات.
وعن حصول بعض المواطنين على قروض بنكية لسداد مستلزمات العرس، أكد المري، أن مثل هذا الأمر لا يجوز، لأن هذه الديون تكون سبباً رئيساً في تعثرهم، وتالياً قد تؤدي إلى الطلاق لاسيما في ظل زيادة أعباء الزواج في ما بعد من تدبير المنزل وتوفير نفقات الأسرة الشهرية ومصاريف دراسة الأبناء، وغيرها.
ونبه إلى أن ارتفاع تكاليف الزواج جعلت كثيراً من الشباب الإماراتيين يتأخرون في سن الزواج بسبب العادات الدخيلة على المجتمع مثل «التباهي»، والمقارنة بين كلفة زواج العروس وقريناتها دون مراعاة ظروف العريس المالية، لافتاً إلى أن «شركته التي تنظم عرض عروس الإمارات في (دبي مول) يومي الخميس والجمعة المقبلين، تدرس تخصيص نسبة من دخل الدورات المقبلة للمعرض، وحث العارضين المشاركين على التبرع بنسبة من مبيعاتهم لدعم الجمعيات الخيرية التي تنظم حفلات جماعية للأعراس، وتدعم حفلات زواج المواطنين غير القادرين».
فقرات خاصة
وذكر المدير العام لشركة أفراح جروب، المتخصصة في تنظيم حفلات الأعراس، مجدي زبيان، أن أشكال الأعراس في الإمارات تغيرت كثيراً في السنوات الماضية، واستتبع ذلك زيادة في الكلفة بحسب الجهد المبذول في تنظيم حفل العرس.
وتابع أن «حفلات الأعراس في الإمارات أصبحت لا تقتصر على الرقصات والموسيقى الخليجية فقط، بل تتضمن فقرات جديدة مثل رقص الفلامينغو والرقص اللبناني والأندلسي، واستعراض ألف ليلة وليلة»، مضيفاً أن الشركة يمكنها إعداد فيديوهات خاصة وأغنيات بأسماء العروسين، وهذه تعد كلفة إضافية للحفل.
وعند سؤاله عن متوسط كلفة حفل العرس في الإمارات، أكد زبيان أنها لا تقل عن 25 ألف درهم، ويتضاعف الرقم كثيراً بحسب عدد الفقرات والمطربين والراقصين والموسيقى الخاصة، وغيرها من عناصر الكلفة، موضحاً أن «الشركة تلبي عدداً لا يمكن حصره من الخدمات والطلبات التي تختلف من عرس لآخر، فالأمر أصبح لا يقتصر على زفة وحفل استقبال فقط للمدعوين».
أزياء العروس
أما صاحبة دار ليتشي لتصميم الأزياء، عائشة المهيري، فذكرت أن أزياء العروس تعد بنداً رئيساً من ضمن بنود كلفة الأعراس في الإمارات، موضحة أن أزياء العروس لا تقتصر على فستان الزفاف الأبيض التقليدي، وإنما تشمل فستان ليلة الحناء، وفستان ليلة الصباحية، وملابس «الذهبة» من جلابيات وفساتين لاستقبال الضيوف وأهل العروسين، فضلاً عن أزياء خاصة للسفر خلال شهر العسل، والعبايات بأشكال وتصميمات مختلفة.
وقالت المهيري إن فستان الزفاف في الإمارات لابد أن يتسم بالفخامة التي تناسب الأعراس الإماراتية، لذا فإن أسعار إيجاره لغير المقتدرين تبدأ من 10 آلاف درهم في حين لا تقل كلفة البيع عن 20 ألف درهم.
وأضافت أن كلفة أزياء العرس لا تقتصر على العريسين فقط، وإنما تشمل المدعوين أيضاً، إذ تحرص المدعوات الإماراتيات على الظهور في هذه الحفلات غير المشتركة مرتديات أرقى ما عندهن من ملابس وفساتين، لذا تتفاوت كلفة فستان السواريه بحسب سمعة المصمم والتصميم ذاته، وتبدأ من 5000 درهم للماركات غير الشهيرة، لافتة إلى أن الهدايا التي تهدى للعروس تتنوع أيضاً ما بين المبالغ المالية والعطور من أفخم الماركات والذهب والأزياء، وغيرها.
تمويلات البنوك
وقال الخبير الاقتصادي، الدكتور أحمد البنا، إن مشكلة الاقتراض من البنوك واعتماد الجانب الأكبر من أفراد المجتمع على تمويلات البنوك، أصبحت ظاهرة تستحق الدراسة كون آثارها الاجتماعية والاقتصادية أكبر من أن يتم احتمالها أو السكوت عنها، مشيراً إلى أن «التسهيلات والمغريات التي تقدمها البنوك تعد من أهم الأسباب التي تشجع على الاقتراض، الذي يتعين تقنينه لضمان عدم زيادة نسب التعثر المصرفي في المستقبل وعدم حدوث مشكلات اجتماعية بسبب القروض، التي تعد سبباً رئيساً لتعثر مواطنين، يضطرون إلى الاقتراض من البنوك لتدبير نفقات الزواج».
الاحتياجات الفعلية
وأكد مستشار مجلس الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي مدير إدارة البحوث والدراسات، نجيب الشامسي، أن الاقتراض طالما كان موجهاً لأغراض أساسية في حياة الإنسان، مثل الزواج أو التعليم أو تجديد وصيانة المنزل، وغير ذلك من الأغراض، فلا يمكن الاعتراض عليه، موضحاً أن «الاقتراض الخطأ من البنوك هو الذي يتم من أجل شراء سلع كمالية أو رفاهية أو من أجل محاكاة الآخرين والتباهي، بمعنى أن يقترض الإنسان لتنظيم حفل عرس مبالغ في تكاليفه، ما يحمله أعباء تفوق قدرته، أو أن يقترض لشراء سيارة فارهة وهو يملك سيارة بالفعل».
وأضاف أن «دراسة الاحتياجات الفعلية قبل الحصول على قرض تعد ضرورة لا تقل أهمية عن دراسة القدرة على السداد، إذ إن الاقتراض الخطأ ينعكس بتداعيات سلبية اجتماعية وأسرية في المستقبل»
وأكد الشامسي، أن «البنوك ابتكرت نوعيات جديدة من التمويلات في إطار سعيها للبحث عن مقترضين لمبالغ كبيرة، لأنها تعاني تخمة في السيولة وعدم قدرتها على إعادة توظيف الودائع التي تتلقاها»، مبيناً أن البنوك تمادت في هذا التوجه لدرجة أنها أصبحت تشتري قروض المتعاملين لدى البنوك الأخرى، لضمان أن يدمن العميل الاقتراض.
المصدر: الامارات اليوم