أصدرت ميرسر، إحدى شركات مارش ماكلينان، ومعهد المحللين الماليين المعتمدين (CFA Institute) النسخة السنوية الـ16 من مؤشر المعاشات التقاعدية العالمي 2024 (MCGPI) الذي يعد دراسة عالمية رئيسية تقوم بمقارنة 48 نظام دخل تقاعدي حول العالم ويغطي نحو 65% من تعداد سكان العالم.
ووفقاً لنسخة المؤشر لعام 2024، فقد سجل نظام الدخل التقاعدي في دولة الإمارات العربية المتحدة تحسناً في ترتيبه على المؤشر وذلك للعام الرابع على التوالي.
وتتميز الإمارات بأفضل نظام تقاعد بين الدول العربية، إذ ظهرت في الترتيب 23 على مستوى العالم، وبعدها السعودية (في الترتيب 28 عالميًا).
وحافظت هولندا على صدارة تصنيف مؤشر أنظمة التقاعد وذلك لأن نظام المعاشات التقاعدية في هولندا يتميز بلوائح قوية، تلتها بعد ذلك في المرتبة الثانية أيسلندا وبعدها الدنمارك ضمن تصنيف الفئة الأعلى «إيه».
بينما شملت الفئة التالية «بي» التي تتمتع بنظام لديه بنية سليمة وعدد من المزايا الجيدة كل من سنغافورة وأستراليا -التي يحظى نظامها التقاعدي بتقدير كبير على مستوى العالم في المركز السادس- وفنلندا والنرويج التي احتلت المرتبة الثامنة في القائمة.
وغادرت المملكة المتحدة المراكز العشرة الأولى في تصينف هذا العام، لتأتي في المرتبة الحادية عشرة، أما الولايات المتحدة فجاءت في الترتيب التاسع والعشرين، واليابان (36).
وظهرت الصين في المرتبة الحادية والثلاثين رغم الإصلاحات المتعلقة بمعاشات التقاعد الأخيرة التي أجرتها البلاد والتي لم تنعكس في درجة مؤشرها هذا العام.
النظام التعاقدي في الإمارات
وسجلت قيمة المؤشر لدولة الإمارات العربية المتحدة ارتفاعاً من 62.5 في عام 2023 إلى 64.8 في عام 2024، ويعزى ذلك بصورة رئيسية إلى الإعلان في نوفمبر 2023 عن الحد الأدنى لسن الاستفادة من مزايا النظام التقاعدي.
وشهد النظام التقاعدي في دولة الإمارات العربية المتحدة تحسينات متعلقة بمؤشر الكفاية الفرعي حيث سجل 77.1 ليصل إلى المرتبة الـ12 عالمياً في عام 2024، مدفوعاً بالمنافع التقاعدية السخية التي توفرها الدولة. كما تحسنت النتائج المتعلقة بمؤشر النزاهة الفرعي لنظامها التقاعدي مع تسجيل 75.3 (المرتبة الـ25 عالمياً) مدعوماً بارتفاع مستوى هيكل الحوكمة.
وبالمجمل، فقد أدت النتائج إلى حلول دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الـ23 في الدراسة وذلك في نفس فئة لدول ذات أنظمة تقاعدية راسخة مثل الولايات المتحدة، وإلى جانب نظرائها في المنطقة مثل السعودية.
ويتألف نظام الدخل التقاعدي في دولة الإمارات من معاش تقاعدي حكومي أدنى قائم على الدخل، ونظام وطني قائم على التوظيف يعتمد على الدخل تتم إدارته من قبل صندوق أبوظبي للتقاعد في إمارة أبوظبي؛ وصندوق الشارقة للضمان الاجتماعي في إمارة الشارقة؛ والهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية في باقي إمارات الدولة. ويساهم الموظفون بنسبة 5% من رواتبهم، فيما تساهم جهات العمل بنسبة تتراوح ما بين 12.5%-15% من الراتب مع مزايا مضمونة من قبل الحكومة.
ووفقاً لمؤلفي التقرير، فإنه يمكن زيادة قيمة المؤشر الكلي للنظام التقاعدي في دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال:
* زيادة تغطية الموظفين في أنظمة التقاعد المهني، وبالتالي زيادة مستوى المساهمات والأصول.
* تحسين مستوى التواصل المطلوب مع أعضاء برامج المعاشات التقاعدية.
* زيادة سن التقاعد الحكومي بالنظر إلى ارتفاع متوسط العمر المتوقع.
* خفض مستوى ديون الأسر.
وقال طارق لطفي، الرئيس الإقليمي لشركة ميرسر في منطقة الهند والشرق الأوسط وأفريقيا: «تتخذ دولة الإمارات العربية المتحدة نهجاً بعيد النظر بهدف التطوير المستمر لنظامها التقاعدي، والاستعداد للزيادة المتوقعة في متوسط الأعمار والزيادة في عدد الأفراد الذين يصلون إلى سن التقاعد، الأمر الذي يستوجب وجود برنامج تقاعد وطني مُدار ومخصص بشكل جيد».
من جانبها قالت كلوديا مالدونادو، رئيس قسم الادخار والمعاشات التقاعدية – ميرسر الشرق الأوسط: «لقد أدركت دولة الإمارات العربية المتحدة وجود توجه عالمي للانتقال من برامج المنافع المحددة Defined Benefit (DB) إلى برامج المساهمات المحددة Defined Contribution (DC)، ولذلك، فهي تقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية ودعم احتياجات المتقاعدين في المستقبل من خلال تشجيع اعتماد مستويات أعلى من المرونة والتخصيص».
مؤشر المعاشات التقاعدية العالمي 2024 الصادر عن ميرسر ومعهد المحللين الماليين المعتمدين يسلط الضوء على الحاجة إلى إجراء تحسينات على نظم التقاعد في ظل انخفاض معدلات الولادات وزيادة عمر الأفراد.
هولندا الأفضل
وحافظ نظام الدخل التقاعدي في هولندا على موقعه على رأس القائمة، في حين بقيت آيسلندا والدنمارك في المرتبتين الثانية والثالثة على التوالي.
وقال بات توملينسون، الرئيس والرئيس التنفيذي لشركة ميرسر: «تحتل أنظمة الدخل التقاعدي موقعاً مركزياً في عالم اليوم الذي يشهد انخفاض معدلات الخصوبة وارتفاع متوسط العمر المتوقع. ويعد ضمان التناغم في إجراءات الدخل التقاعدي في القطاعين العام والخاص، وزيادة التغطية التي يحصل عليها الموظفون، وتشجيع المشاركة الأوسع في القوى العاملة للأفراد الراغبين بالعمل في سن أكبر، من الخطوات التي يمكن اتخاذها لتحسين النتائج طويلة الأمد للمتقاعدين».
من جهتها قالت مارجريت فرانكلين، الرئيس والرئيس التنفيذي لمعهد المحللين الماليين المعتمدين: «يفرض الانتقال إلى برامج المساهمات المحددة مجموعة من التحديات المتعلقة بالتخطيط المالي والتي تقع بشكل مباشر على عاتق المتقاعدين أنفسهم. تتطلب برامج المساهمات المحددة قيام الأفراد باتخاذ قرارات تخطيط مالي معقدة قد تؤثر بشكل كبير على ظروفهم المالية، ولكن على الرغم من ذلك فإن العديد من الأفراد لا يزالون غير مستعدين لاتخاذ القرارات المطلوبة في هذا السياق. ويقدم هذا المؤشر رسالة تذكير مهمة حول الفجوات المتبقية في جهود توفير أمن مالي طويل الأمد واستشارات مالية إلى الأفراد. وتبرز هنا ومرة أخرى الحاجة إلى مستشارين ماليين معتمدين وأخلاقيين، ولذلك فقد قمنا بإطلاق مبادرات جديدة في مجال الثروات الخاصة لسد هذه الفجوة».
وعلى الرغم من هذه التحديات، وبالتزامن مع تزايد عمر الأفراد، فإن المرونة والتخصيص المتزايدين اللذين توفرهما برامج المساهمات المحددة سيكونان من الأمور بالغة الأهمية. ولا بد هنا من ذكر أن مفهوم التقاعد يشهد تغيراً إذ أن العديد من الأفراد ينتقلون تدريجياً إلى مرحلة التقاعد، أو يعودون إلى سوق العمل بوظائف مختلفة بعد تقاعدهم الأولي. كما تقدم برامج المساهمات المحددة فوائد مهمة للعاملين المؤقتين والمتعاقدين، والذين غالباً ما يتم استبعادهم من برامج المنافع المحددة التقليدية.
من جانبه، قال الدكتور ديفيد نوكس، المؤلف الرئيسي للتقرير وشريك أول في ميرسر: «هناك حاجة إلى أنظمة دخل تقاعدي راسخة وجيدة من أجل تلبية الاحتياجات المتنامية للمتقاعدين ولتوقعاتهم دائمة التطور حول العمل. ولا يوجد حل واحد قادر على تهيئة الأرضية الراسخة لجميع أنظمة التقاعد، ولذلك فإن الوقت أصبح مناسباً للحكومات وصناع السياسات وقطاع المعاشات التقاعدية وأصحاب العمل للتعاون معاً لضمان حصول الشريحة الأكبر سناً من السكان على معاملة كريمة، وتعزيز قدرتهم على المحافظة على نمط حياة مماثل لما عاشوه خلال أعوام عملهم».
المصدر: الخليج